حوارات ولقاءات

الأمين العام لديوان الزكاة، محمد عبد الرازق خلافنا مع المراجع العام في تقريره حول المفاهيم


كثير من الشركات مجهولة وأخرى عبارة عن ملفات فقط
ملاحظة المراجع حول الزكاة بالخرطوم غير دقيقة
أمر مؤلم أن يتم دمغ الديوان بالفساد
ليس لدينا في الديوان ما يسمى ببند تعويضات العاملين
حاوره: صديق رمضان
كشف الأمين العام لديوان الزكاة، محمد عبد الرازق، عن اختلافهم مع المراجع العام في بعض المفاهيم، مؤكدًا على أن بعض المخالفات التي جاءت في تقريره الأخير أمام البرلمان تم توضيحات تفاصيلها إليه، ويلفت إلى أنها ليست مخالفات، وبدا مفاخراً بخلو سجل الديوان من الاختلاسات رغم أنه يتعامل في العام بأكثر من ثلاثة مليارات، وشكا من تعمد البعض إلصاق تهمة الفساد بثوب الديوان، معتبراً هذا أمراً مؤلماً.
وفي المساحة التالية نستعرض إفادات محمد عبد الرازق على أسئلة الصيحة:
*كيف تنظرون إلى تقارير المراجع العام؟
– في البدء لابد من التأكيد على أن ديوان الزكاة يفرد اهتماما كبيراً بتقرير المراجع العام من واقع أنه مرآة تعكس للرأي العام كل الحقائق، فمنهجنا يرتكز على الشفافية قبل كل شيء.
*هذا يعني أنكم تحرصون على تفادي الخطأ خوفاً من المراجع العام؟
– مثلما نهتم بتقريره، فإن جل تركيزنا وجهدنا ينصب في أن يمضي عملنا في الطريق الذي ينبغي أن نسلكه في أداء مهامهنا، ومن المعلوم أن عمل المراجع العام يستند علي اللوائح والقوانين والهدف منه أن يخضع العمل المالي والإداري لما هو منصوص عليه قانونًا ولائحياً.
*لكن يبدو أنكم في الزكاة لا تنتهجون اللوائح والقوانين في كل أعمالكم بحسب المراجع؟
– لا.. نحن في الزكاة نعمل بمؤسسية كبيرة ولا يمكن أن تتجاوز ما هو منصوص عليه في القانون وما جاء في ثنايا اللوائح، وبخلاف ذلك فإننا نتعامل مع مال له خصوصيته وبنوده المعروفة، لذا نتعامل معه بحرص وحذر ووفقاً للإجراءات الرسمية.
*ما هي طبيعة الإجراءات التي تنتهجونها في الحفاظ على مال الزكاة؟
– نطبق عدداً من الإجراءات المالية والمحاسبية، بالديوان توجد مراجعة داخلية تضم موظفين على درجة عالية من المهنية والكفاءة تعمل على تطبيق المراجعة القبلية والبعدية، بمعنى قبل وبعد الإجراء.
*التصاديق في الزكاة يقول البعض إنها لا تخضع لكامل الدورة المستندية؟
– أيضاً الإجابة لا.. معطيات واقع العمل بالديوان توضح أن التصديق وقبل أن يستلمه المستهدف يخضع لدورة مستندية تشمل خمس إدارات منها المصارف والحسابات والمراجعة والخزنة، وفي كل مرحلة يخضع التصديق لمطابقة للتأكد من البيانات أنها يمضي حسب القوانين واللوائح، ونحرص بشكل كبير على أن يخضع كل إجراء مالي للدورة المستندية الكاملة.
*إذن كيف تتعاملون مع المراجع العام؟
– عندما يحضر فإننا نتيح له المجال واسعاص لمراجعة كل تعاملات الديوان المالية والإدارية، وهذا جعله لا يتعامل معنا مثلما يفعل مع الجهات الأخرى بالتركيز على النماذج بل يخضع كل مستنداتنا للمراجعة والتدقيق، حيث يتم إحضار كل الملفات الخاصة بالزكاة ولا يترك المراجع شاردة أو واردة فيها، ونحن نرحب به دوماً لتقديرنا لدوره بالإضافة إلى ثقتنا في عملنا وقناعتنا بالشفافية.
*ولكن من قبل أشرتم إلى وجود اختلافات في بعض المفاهيم بينكم والمراجع العام؟
– نعم.. هذه حقيقة وعلى سبيل المثال إذا كان تقدير الديوان تحصيل مائة مليون جنيه في الجباية وتحصل على مائة وعشرين مليون جنيه، فإن هذا الأمر عند المراجع العام يعتبر تجاوزاً.
*أليس هذا تجاوزاً؟
– لا.. الأمر ليس كذلك..عملنا يختلف كلياً عن الجهات الأخرى التي تضع ميزانية محددة، لأن أغلب جبايتنا تتمثل في الزروع التي لا نتحكم فيها لأنها خاضعة لإرادة السماء من حيث الأمطار والآفات وغيرها من عوامل، قد يأتي الخريف جيداً ويفوق تقديراتنا، ومثال لذلك أننا في هذا العام حددنا أن تبلغ الجباية في ولاية القضارف 600 ألف جوال ذرة، ولكن تمت جباية مليون وأربعين ألف جوال، وهذا رقم لم يكن في توقعاتنا وهذا يعتبره المراجع تجاوزاً لأنه يرى أن تكون الجباية في حدود الميزانية.
*هل تفهّم المراجع هذه الحقيقة؟
– نعم.. كانت هذه إحدى نقاط الخلاف، وقد تجاوزناها بعد أن أوضحنا للمراجع كل ما يحيط بالجباية وتقديراتها وتحصيلها على أرض الواقع.
*حسناً دعنا نتصفح معك ما أشار إليه المراجع العام في تقريره الأخير من مخالفات بديوان الزكاة، ما هو تعليقك عليها؟
– قبل أن أبتدر التعليق على النقاط التي ذكرها، دعني أشير إلى أن المشلكة ليست في تقرير المراجع العام، بل تكمن في تغطية بعض الصحف التي ظلت تجافي الحقيقة عند إيرادها للتقرير السنوي للمراجع العام، ومثال لذلك فإنه ذكر ملاحظات ولم يشر ولو بكلمة واحدة إلى وجود فساد، ولكن بعض الصحف أفردت للتغطية عناوين بارزة، وأشارت إلى وجود فساد بديوان الزكاة، وهذا لم يقله المراجع ولا يوجد في التقرير، هذا الأمر مؤلم، لأن الكلمة مثل الرصاصة أذا خرجت لن تعود ويكون لها أثر، نحن لا نخشى على أنفسنا ومناصبنا ونثق جيدًا في تعاملاتنا المالية، ولكن يجب ذكر الحقائق .
*إذن ماذا تخشون؟
– عندما تورد الصحف بعناوين بارزة عن وجود فساد بديوان الزكاة رغم أن الحقيقة بخلاف ذلك، فإن هذا من شأنه التأثير سلباً على المكلفين الذين يثقون في الديوان ويخرجون زكاتهم باختيارهم، ولكن حينما يقرأ هذا المكلف ما يأتي في بعض الصحف فإنه ربما يعتقد بوجود فساد، ويقول إنه سيخرج زكاته بنفسه ولن يسلمها للديوان، لذا أقول إن الزكاة ليس مثل سائر المؤسسات والوحدات والتعامل الإعلامي والصحفي معها يجب أن يخضع للمصداقية والأمانة المهنية والتحري.
*هل معنى حديثك هذا ألا تتناول الصحافة أمر الديوان حتي لو حدث إخفاق وتجاوز؟
– لا بالتأكيد.. نحن نحترم دور الصحافة بوصفها سلطة رابعة، ونكن لها كل الاحترام والتقدير، ولا نريد منها أن تكيل لنا المدح، كل ما نريده إيراد الحقيقة كاملة والتحري والدقة، وبذلك فإن كل جهة تؤدي دورها بأمانة ومهنية.
*حسناً.. نتفق معك لأن الكلمة أمانة.. لنُعد إلى أولى ملاحظات المراجع العام حول تحويل بدلات العاملين من بند إلى آخر؟
– ليس لدينا في الديوان ما يسمى ببند تعويضات العاملين، بل لدينا بند العاملين عليها، وقد أوضحنا هذه الحقيقة للمراجع ولا نعرف لماذا أوردها في تقريره بعد أن تفهمها، وهنا أشير إلى أن ميزانية العاملين عليها تحوي أجورهم وبدلاتهم وغيرها، ويوجد التسيير أيضًا ويشتمل على بدلات أخرى للعاملين مثل بدل السكن وغيره، والبندان يندرجان تحت مصرف العاملين عليها، وهذه ميزانية مجازة من المجلس الأعلي للزكاة.
*أشار إلى عدم التقيد بالصرف على المصارف بدعم بعض الجهات ذات الميزانية المنفصلة؟
– حينما سألنا المراجع عن هذه الجزئية، أشار إلى أننا ندفع لوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي مبلغاً من المال لميزانية المجالس التنسيقية في التخطيط الاستراتيجي بالوزارة الذي نشارك فيه وبجانبنا التأمين الصحي والتأمينات والمعاشات، ونسدد ثلاثين ألفاً جنيه كل ثلاثة أشهر بطلب من الوزارة، وهذا لا علاقة لها بميزانية الوزارة، بل بالمجلس الذي تستفيد منه الجهات الأربع من حيث البحوث والدراسات والخطط والبرامج.
*أشار المراجع إلى وجود ضعف في تحصيل الجباية من أكثر من أربعة آلاف شركة، وأكد عدم وجود مبرر لهذا القصور؟
– نعم.. ولكن ما هي الأسباب التي وقفت بيننا وتحصيل الجباية منها، الإجابة توضح أن بعضاً منها مجهول، وأخرى مملوكة لأفراد موجودين خارج البلاد يجددون ترخيصها سنوياً، توجد ملفات لهذه الشركات بالديوان، ولكنها على أرض الواقع غير موجودة، وأوضحنا للمراجع هذه الحقيقة، بل نحن في الديوان نتبع نهجاً واضحاً في تحصيل الجباية من الشركات بأن يتم تكليف كل موظف بعدد محدد من الشركات لتحصيل الجباية منها، وتتم محاسبة الموظف إذا أخفق في عمله.
*أيضاً أوضح المراجع وجود مخالفة فيما يتعلق بالقوائم المالية للأصول الثابتة؟
– الأصول الثابتة في الديوان عبارة عن المباني والسيارات وغيرها، توجد مشروعات قائمة تتبع للديوان مثل مصنع الألبان وغيره ليست مضمنة في مصارف بند التسيير لأنها مصارف شرعية وتكون ملكيتها ملكية منفعة ولا ينطبق عليها وصف الأصول الثابتة.
*كشف عن جملة من المخالفات بديوان الزكاة بولاية الخرطوم؟
– نعم.. وهذه لأول مرة تحدث، ولم يسبق أن تم إيراد أمر متعلق بولاية الخرطوم في التقرير الاتحادي، وملاحظة المراجع العام غير دقيقة، فقد أشار إلى أنه تمت مراجعة عدد من المشروعات ويوجد أشخاص خارج نطاق الحصر في الدعم، وهنا أشير إلى أننا أجرينا حصراً للفقراء في 2011 وحددنا السجل، ولكن هل يعني هذا أن نلتزم بذلك الحصر الذي تم إجراؤه قبل ست سنوات، بالتأكيد لا، فمن نتأكد من خلال دراستنا لحالته أنه فقير يتم دعمه حتى وإن كان اسمه خارج سجل 2011، ولا أعتقد أن في هذا مخالفة، ومثل هذه الملاحظات أعتقد أنه ما كان يجب أن تأتي في التقرير.
*وماذا عن ملاحظاته عن المشروعات وضعف الرقابة عليها كما أوضح؟
– توجد سلطات تقديرية لموظفي الديوان عند اتخاذ قرار فيما يتعلق بالحالات التي تتم دراستها ويتم التأكد من أنها تستحق مشروعاً إنتاجياً، للديوان إدارة مشروعات تعمل وفقاً لمنهج واضح ومؤسسي، ولدينا كتاب يحوي 35 ألفاً من الذين استفادوا من المشروعات، ولدينا جامعات تتولى أمر مراجعة المشاريع وتقييمها وتقويمها، ولا أعرف من أين جاء المراجع بمعلومة ضعف المشروعات، هل تمت زيارتها مجتمعة.
*لفت إلى مخالفات في مساهمات للديوان للسكن الشعبي؟
– الإشارة إلى مساهمة الديوان فيما يتعلق بالإسكان الشعبي فهي أيضاً في تقديري ليست مخالفة لأن تشييد غرفة لمواطن محتاج في منزله من صميم عمل الديوان، أو منحه مقدماً للسكن الشعبي أو بناء دكان ليستفيد منه، ليس في هذا مخالفات.
*ذكر أيضاً مخالفات في الدعم الاجتماعي؟
– هذا الأمر لا علاقة للديوان به.
*ألا تعتقد بأن التقرير جاء أفضل من سابقه؟
– الأمر ليس كذلك، بل إن بعض الملاحظات التي أوردها المراجع العام أوضحنا له كل تفاصيلها وهذا يعني أنه كان ينبغي عدم إيرادها لموضوعية أسانيدنا.
*حسناً.. تبدو من حديثك محبطاً؟ لكن المراجع أدى عمله؟
– لا.. ذكرت لك آنفاً أننا نقدر جهد المراجع العام ونحرص على التعامل معه بكل شفافية ونحترمه، ولكن الإحباط ينبع من واقع أن البعض يحاول أن يشوّه صورة الديوان، ولا أعرف لماذا يفعلون ذلك، هل يريدون أن يتوقف المكلفون عن دفع ما عليهم من زكاة، أم التأثير سلباً على هذه الشعيرة الهامة، لا نريد من أحد أن ينسب إلينا نجاحاً لم نحققه، وفي ذات الوقت لا نفرض عليه أن يغض الطرف عن سلبياتنا، ولكن نطالب بالعدل.
*علمت أن بعض العاملين بالديوان أصابهم أيضاً الإحباط؟
– العاملون بديوان الزكاة يبذلون جهودًا جبارة ويعملون في صمت، وعندما يسعى البعض لدمغ الجهة التي يعملون فيها بالفساد، فإن هذا بالتأكيد يصيبهم بالإحباط و”الدبرسة” لأنهم يعلمون جيداً أن العمل في الديوان دقيق ومنضبط، ولكن في النهاية لا يمكن أن نرمي باللوم على الجميع فالذين يدمغون الديوان بالتجاوزات ويسعون لإلصاق هذه التهمة به في الصحافة عددهم لا يتجاوز الثلاثة، والحمد لله كثيرون يذكرون الحقيقة بتجرد، ويوجد من يعود إلينا لتصحيح المعلومات والاستيثاق منها قبل إيرادها، وهذا كل ما نطلبه.
*ولكن ألا تعتقد أن خلو التقرير من اختلاسات وتجاوزات مالية في الديوان يعد أمراً أيضاً جيداً؟
– نعم.. هذا أمر جيد يوضح كيف يمضي العمل بالديوان، وقبل أيام ذكرت لبعض الإخوة أن التقرير إذا جاء كاشفاً عن ارتكاب فساد واختلاس لواجهنا موقفاً أصعب، نحن نتعامل مع ثلاثة ترليونات جنيه “بالقديم” في العام ورغم ذلك لم يحدث اختلاس واعتداء على المال العام، رغم أن معظمه يتم جمعه في الأرياف والمزارع “والخلا”، ولكن بحمد الله لم يفكر أحد موظفي الديوان في مد يده إلى هذا المال، وهنا أسأل ألا يستحق هذا الإشادة .
*التركيز عليكم لماذا لا تنظر إليه من زاوية أن للديوان قدسية وخصوصية لدى الكثيرين؟
– نعم نقدر هذا الأمر، لذا فإننا نتعامل مع أموال الزكاة ومصارفها بأمانة وشفافية ونحرص على أن نحتفظ بسمعة ومكانة هذه المؤسسة الدينية بعيداً عن كل ما يسيء إلى ديننا الحنيف.

الصيحة.