الطيب مصطفى

المشردون واللاجئون يا والي الخرطوم


وأنا في طريقي إلى حي الواحة بكوبر لاحظت من بداية شارع الشفاء أن جميع أغطية المانهولات على شوارع الأسفلت قد اختفت وَوُضِع مكانها أحجار ضخمة.

أخي معتمد بحري.. لقد جفت حلوق أهل المنطقة المجاورة لسينما الوحدة بكوبر من (النبيح) والشكوى ولم تنجح كل محاولات محاربة هذه الظاهرة المتفاقمة في هذا الحي والأحياء المجاورة سيما وأن كثيراً من أولئك الأطفال المشردين باتوا يملكون من الجرأة ما جعلهم يتعاطون المخدرات ويستنشقون السلسيون جهارًا نهاراً والناس ينظرون.

أرجو أن تصدقوا أني رأيت مجموعة من أولئك الأطفال بينما كنت في طريقي لأداء صلاة الجمعة وهم يمارسون تلك الجريمة البشعة في حق أنفسهم والمجتمع وعندما انتهرتهم نظروا إليَّ في شرود ولم يبالوا.

للأسف الشديد فقد انتشرت في المنطقة السرقات النهارية والليلية، بل واختطاف الحقائب وأجهزة الهاتف من أيدي أصحابها خاصة من الأطفال والنساء وبات السكان في خوف وهلع من تلك الظواهر التي انتشرت بشكل غريب.

أخي المعتمد .. أخي والي الخرطوم .. هذه السينما التي ظلت مُغلقة منذ أكثر من عقدين من الزمان هي بؤرة ومركز تجمع المتبطّلين والمشرّدين من متعاطِي وبائعي المخدرات وممارسي السرقات وغيرها من المنكرات، وأود أن أسأل: من هو يا ترى مالك تلك السينما، ولماذا العجز عن التفاهم معه أو بيعها و التخلّص منها؟

أشهد بأن اللجنة الشعبية والوحدة الإدارية برئاسة الغالي سليمان يبذلون غاية الوسع، ولكن الأمر أكبر من إمكاناتهم ويحتاج إلى علاج جذري يستأصل شأفة المشكلة المتمثّلة في تلك السينما مع وجود دورية ليلية تجوب المنطقة وتؤمّنها من أولئك المشرّدين.

إني لأرجو التصدّي للحل النهائي، وريثما يتم ذلك أرجو اتخاذ الترتيبات الكفيلة بتأمين منطقة الواحة والمناطق المجاورة.

ولكن دعوني أسأل: هل تقتصر المشكلة على حي الواحة أم إنها تمدّدت في كل أحياء العاصمة؟!

محطة (الصقعي) المجاورة لحي الدوحة، بامتداد حلة كوكو يعاني من نفس الظاهرة مع شكوى من انتشار المخدرات، ولا أشك أن كثيراً من أحياء الخرطوم باتت تعُجّ بهذه الظواهر السالبة.

لا أريد أن أتشاءم فأعمّمها على كل مدن السودان وقُراه، ولكني أود أن أُشرك القراء في الإجابة عن سؤال.. هل هناك مسجد واحد من آلاف المساجد المنتشرة في كل أرجاء العاصمة تأمَن فيه على حذائك في صلاة الجمعة؟!

إن كانت الاجابة بلا، فإن ذلك يُمكن من تصور حجم المشكلة ويشي بأن هناك عشرات الآلاف من المشردين في كل حي وربما في كل شارع!

هل تذكرون مانشيت صحيفة (السوداني) : [ضبط (29) طفلاً سرقوا (38) سيارة بالخرطوم]؟!

يقول الخبر إن شرطة ولاية الخرطوم ضبطت أربع مجموعات مختلفة من الأطفال تخصصت في سرقة السيارات الملاكي بالخرطوم، وأوقفت الشرطة (29) طفلاً متهماً أقروا بسرقة (38) سيارة!

بالله عليكم هل من دليل على أن الأمر بلغ من السوء درجة لا تُحتمَل أكبر من القبض على عصابات أطفال تُمارِس سرقة السيارات ثم ألا يقتضي ذلك التعجيل باتخاذ إجراءات علاجية عاجلة؟

بربِّكم ماذا يقول المستثمر أو الزائر الأجنبي حين يرى في كل إشارات المرور في قلب الخرطوم أطفالاً يفرضون أنفسهم بفوطهم المتّسخة على زجاج سيارته؟

أمن المجتمع صرّح ناطقُه الرسمي لصحيفة (الانتباهة) في وقت سابق بأن (الأجانب يُسيطرون على مهنة التسوُّل)، ثم قالت شرطة ولاية الخرطوم إن معظم المُتسوِّلين يعودون إلى العاصمة بعد أن يُرحَّلوا إلى بلادهم!

في آخر (كشة) لأحد معسكرات اللاجئين الجنوبيين قامت شرطة محلية أمبدة بإبادة (1200) بئر تصنيع خمور بلدية وإراقة (1700) برميل و(3000) جوال دبوبة، وضبط (30) ألف كرستالة خمور بلدية مختلفة الأحجام!

في نفس اليوم، وفي نفس المحلية داهمت شرطة قسم دار السلام شمال معسكراً آخر ضبطت فيه (5000) كرستالة خمور بلدية كانت محمولة في مركبة في طريقها إلى عدد من المناطق بالعاصمة!

هذا في يوم واحد وفي محلية واحدة من محليات الخرطوم السبع، فكيف بالمحليات الأخرى مثل جبل أولياء وشرق النيل التي تعُج بمعسكرات اللاجئين والتي أسفرت الحملات التي نُظّمت فيها عن إحصائيات مشابهة أوردناها في مقالات سابقة.

بات اللاجئون يشكلون عبئاً كبيراً على اقتصادنا المأزوم وعلى الخدمات وعلى قِيمنا وتقاليدنا وديننا جراء تزايد أعدادهم بسبب الحرب التي تفتك بدولة جنوب السودان ولا تزال وزارة الداخلية تنتظر منذ أكثر من سنتين قرارًا (سيادياً) بالموافقة على إبعادهم إلى خارج العاصمة.

في كل العالم يُستَقبَل اللاجئون في الحدود، أما في بلادنا فإن عاصمتنا ستظل تنتظر قراراً قد يستغرق إصداره عشرين سنة بالرغم من أنه أيسر من أن يصدر في دقيقة واحدة!

مدير شرطة ولاية الخرطوم اللواء إبراهيم عثمان بعد أن تحدّث عن التأثير السالب للاجئين النازحين نحو العاصمة قال في وقت سابق: (لا أريد القول إن الملف خارج عن السيطرة، ولكن أصبح الوضع مُقلقاً خاصة بعد الحرب الدائرة في دولة جنوب السودان ونزوح المواطنين الجنوبيين)!

أخي والي الخرطوم أرجو هذه المرة أن نرى فعلاً لا وعودًا، فقضية المشردين واللاجئين لن تعجزك لو أوليتها جزءاً من اهتمامك فهي كما تعلم ذات تأثير هائل على أمن العاصمة التي تُحيط بها مُهددات كثيرة تعلمها أكثر مني.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. هنالك أماكن فى محلية جبل اولياء لا تستطيع أى قوة كائنا من كانت ان تدخلها ليلا .ويأتى منها زوار الليل وخاطفى حقائب النساء .ومصدر للخمور .ومنها من ينهب جهارا نهارا .بأسلحة تقليدية وغيرها وجل ساكنيها أجانب .هى مانديلا وما ادراك ما مانديلا .فياوالى الخرطوم اين هيبة السلطة .