الصادق الرزيقي

نهاية صالح


مشهد مُحزن ومؤسف كان هو خاتمة المطاف للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي مات ميتة مهينة علي يد حلفائه الذين كان معهم حتى بالأمس القريب، ولولاه لما وقع اليمن في هذا الجُب المهلك والمصير الكالح القبيح الذي لا يُرتضى أو يُشتهى حتى للأعداء.

لقد دفع الرئيس اليمني السابق ثمن أخطاءه السياسية وسوء تقديراته التي جلبت عليه نهاية دامية، كان بإمكانه أن يتجنبها، لو قنع من شهوة السلطة واكتفى من ما يزيد عن ثلاثة عقود قضاها على رأس السلطة في اليمن حتى ملَّه شعبه وخلعه، لكنه خرج من الباب وأراد العودة من النافذة على أكتاف الحوثيين، فقد كانوا هم أنفسهم يستغلونه للوصول الى مآربهم يحاذرونه ويتعاملون معه على كُرْهٍ وهم له حاقدون، فوضعوا حداً مفجعاً لحياته بهذه الطريقة البشعة التي تشبه نهاية القذافي. ربما هكذا هو مصير الطغاة الجبابرة دائماً، يطأون بأقدمهم على جباه شعوبهم ويذيقونهم مُر العذاب ولا يكتفون من سفك الدماء وتخريب الأوطان، ثم لا يلبثون أن يخرجوا من الدنيا الفانية كما خرج علي عبد الله صالح محمولاً على بطانية قذرة..!
> منذ البداية أخطأ الرئيس اليمني السابق التقدير، كان يمكنه أن يخرج خروجاً مشرفاً عندما انتفض عليه شعبه قبل سنوات في غمرة الربيع العربي، وتم خلعه من السلطة، لكنه تشبَّث ببريقها حتى النهاية، لم يشأ أن يغادرها بعد أن لفظته هي ونبذته بعيداً عنها، تمسك بأطراف عباءتها النجسة، كان مستعداً للتحالف مع الشيطان من أجل العودة الى مقاعد الحكم، دبَّر مؤامرته بليل مع الحوثيين أنفسهم وهو يتآمر على الثورة اليمنية المباركة، باع شرف مدينته وعاصمته للحوثيين، كانت رغبته في الانتقام من الشعب وخصومه كانت أقوى من أي شعور ودوافع أخرى، أعمى بصيرته وبصره الغِل والحِقد المتوحش، فساء تقديره للأمور، وعندما تبين له خطْله، كان الوقت قد فات، وكان الجبار المتكبر ذو الجلال والإكرام وعالم الغيب والشهادة يدبر أمراً آخرَ، وربما دعوات المظلومين الذين ظلمهم بعسف والمقهورين الذين قهر أفئدتهم بعنف، كانت تجد طريقها الى الحي الذي لا يموت.
> ومن العجب، أن صالح في خيباته السياسية وهو يتحالف مع الحوثيين، لم يحسب جيداً حساب التراجع عن قافلتهم الملعونة من كل يمني وعربي، وقع في ذات الخطأ، لم يستعد لمعركته معهم ولم يُحسن تقويم وتقدير قدرتهم على مواجهته وحسم المعركة معه، (فتغدوا به قبل أن يتعشى بهم)، وتلك أخطاء مميتة لايرتكبها سياسي حصيف، عاش نصف عمره في لُجة السياسة!.

> فمن خدع علي عبد الله صالح وأورده ذا المورد ..؟ من الذي أوهمه بأنه يمكن أن يخرج بسهولة ويسر من حقل الأفاعي الذي دخل فيه برجليه وإرادته ؟ ومن الذي جعله يعتقد أنه سيخرج سليماً من هوجاء النار التي أشعلها بيديه في كل اليمن ثم عاد يلتمس سبيلاً للهروب والنجاة ..
> يدخل اليمن الآن مرحلة جديدة من الصراع، ودورة جهنمية لن تنتهي من الحرب غير المقدسة، وستكون المنطقة على سطح صفيح ساخن. فدول عاصفة الحزم تواجه تحدياً كبيراً وهي تفقد حليفاً جاءها في الوقت الضائع من عمر النزاع، اختلطت الأوراق السياسية والأمنية والقبائلية والطائفية من جديد، رغم تمايزها المذهبي والطائفي، فلا فائدة تلوح بعد اليوم في يمن موحد او مستقر، فكل حفلات الجنون في المنطقة العربية لا طريق لإنهائها، لقد اشتعلت النار في كل مكان، ولم يتبقَ إلا عبدة النار ينتظرونها تلتهب أكثر وتلتهم أكثر، ويصل شواظها إلى كل مكان من أرضنا العربية..
> ومهما حاولنا إخفاء مشاعر الخشية والخوف على ما تبقى لنا من عالم عربي نفخر به، فإننا لا يمكن أن نخفي أحزاننا أن تكون مصائر القادة العرب في دول كثيرة بهذا المصير المفجع بإيقاعه المخيف ..! لليمن رب يحميه .. مثلما للكعبة رب كذلك أمتنا ربها وحده سيحميها.. فليمقت الله السياسة!..

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة