عالمية

جيوش أوروبا .. “غرباء” في الشوارع


خلال السنوات القليلة الماضية، أثارت المشاهد المتكررة في أوروبا لانتشار المركبات العسكرية وجنود الجيش في أهم مدن القارة، التساؤلات بشأن الدور الأساسي الذي تلعبه الجيوش في الدول الأوروبية.

فقد حذر مسؤولون وخبراء أمنيون وعسكريون في أوروبا، من أن الاستعانة بجنود الجيوش في دول القارة لأداء مهام حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، يضعف القدرات القتالية لهذه الجيوش في أوقات الحرب، فضلا عن كون الجنود غير مؤهلين أو مدربين على مثل هذه المهام.

وتعرضت عدة مدن أوروبية خلال السنوات القليلة الأخيرة لهجمات إرهابية، دفعت الحكام إلى اتخاذ قرارات استثنائية، من بينها إشراك قوات الجيش في مهام حفظ الأمن في المناطق الحيوية، وهو ما حدث في باريس وبروكسل وروما ومدن أوروبية أخرى.

ففي بلجيكا على سبيل المثال، كان نحو 40 بالمئة من جنود الجيش مكلفين بخدمات أمنية داخل الدولة حتى وقت قريب، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، مما يعني، بالنسبة لقياديي الجيش، وقتا أقل لإجراء التدريبات العسكرية، وبالتالي نقصا في القدرات القتالية الأساسية.

والشهر الماضي قال قائد الجيش الفرنسي السابق إنه تقدم باستقالته في يوليو الماضي، اعتراضا على أن قواته كانت “تحمل فوق طاقتها”، في إشارة إلى مهام أمنية داخل المدن.

وباتت الحكومات الأوروبية أمام تحد كبير، فهي تسعى للوفاء بتعهداتها العسكرية بصفتها عضوة في حلف شمال الأطلنطي (ناتو)، في ظل انشغال قوات كبيرة من جيوشها بمهام أمنية داخلية.

ويتألف حلف الناتو من 26 دولة أوروبية علاوة على كندا والولايات المتحدة، التي عادة ما تمارس ضغطا على حكومات أوروبا من أجل الالتزام بالمهام العسكرية للحلف حول العالم.

وقال قائد القوات البرية في الجيش البلجيكي مارك ثايس، إن هناك جنودا في سلاح المدفعية لم يطلقوا قذيفة واحدة من مدافعهم على مدار 16 شهر، في تلميح إلى انشغال الجنود بمهام مدنية.

وأضاف ثايس: “الأمر أشبه بأن تطالب منتخبنا لكرة القدم الذي لم يلعب مباراة طوال العام بالذهاب إلى كأس العالم. هذا لا يصح”.

الأمر ذاته في الجيش الفرنسي والإيطالي والبريطاني، في حين أن القانون الأميركي على سبيل المثال، يمنع قوات الجيش، باستثناء قوات الحرس الوطني، من تنفيذ مهام تنفيذ القانون.

وبينما يرى مؤيدو انخراط جنود الجيش في أعمال حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب أن وجودهم في الشوارع والمناطق المزدحمة يشعر المواطنين بالأمان وبأن الحكومة تكافح الإرهاب، يقول منتقدون إن استهلاك الجنود في مهام لا يجيدونها غير مفيد، بل يأتي على حساب ما يجب أن يتدربوا عليه من عمليات عسكرية.

ويقول أستاذ الاقتصاد العسكري البلجيكي والي سترويس، إن الجنود في هذه الحالات “يقفون أمام المباني، ويفعلون كل شيء بخلاف ما تدربوا عليه. هذا يشبه عمل العلاقات العامة”.

وتحدث أحد جنود الجيش البلجيكي لـ”واشنطن بوست”، مشترطا عدم ذكر اسمه حيث إنه غير مسموح له بالإدلاء بتصريحات، قائلا: “أسوأ شيء في العمل المدني أنك في بعض الأحيان لا ترى عائلتك ولا أصدقاءك لعدة أسابيع متتالية”.

 

سكاي نيوز