الطيب مصطفى

أخي بروف مأمون حميدة.. أخت الشهيدين مشاعر الدولب .. هل (تسمعاني)؟!


جاءتني الرسالة القصيرة والمؤثرة التالية من الأخ أحمد الجعلي صديق بل شقيق الاغتراب الطويل في الخليج حول بعض عمليات زراعة القوقعة التي أعادت السمع لبعض أطفالنا الصم فأسعدتهم بعد عذاب، وكان المفترض أن تتواصل تلك العمليات لولا بعض التطورات التي أكف الآن عن تفاصيلها المؤلمة، وسأكتب معلقاً على الرسالة بعد إيرادها مخاطباً الوزيرين بروف مأمون حميدة وأخت الشهيدين مشاعر الدولب:

(لا يعرف الإعاقة إلا من عانى منها أو عايَشها وصبر عليها ويحمد للرئيس أنه سمّى العام القادم عام الإعاقة ولكن!

في بداية هذا العام بذل مستشفى ابن سيناء جهداً مقدّراً من خلال بعض الأطباء بقيادة الدكتور كمال عامر والذين أجروا عمليات زراعة قوقعة لسبعة من أطفالنا الصم تكللت بالنجاح التام والحمد لله، وكان هؤلاء المحظوظون قد تم اختيارهم من بين عشرات الأطفال الذين حُرِموا من تلك النعمة التي قدّمها رب العزة سبحانه حتى على نعمة البصر فقال (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)،

كان لتلك العمليات أثرها البالغ على الأطفال وأسرهم، وقد تعهد دكتور كمال ببذل قصارى جهده مع المنظمات الخيرية داخلياً وخارجياً لتمويل شراء مزيد من القواقع لرفع الإعاقة عن الصم ونجحت مساعيه في إقناع ديوان الزكاة لشراء ستين قوقعة وبشر المعاقين بأنهم موعودون بعلاج وفرج قريب وقام الديوان بإرسال المبلغ إلى الإمدادات الطبية للقيام بإجراء العطاء بين الشركات المورّدة لكن للأسف الشديد، وبدون أدنى مبرر، تم تحويل المبلغ لشراء أجهزة قياس سمع للمستشفيات الأمر الذي قتل الأمل في نفوس أولئك المعاقين وأسرهم الصابرة)..

انتهت رسالة الأخ الجعلي، وأود أن أعلّق بالآتي:

أخي بروف مأمون حميدة

بنيّتي مشاعر الدولب

أرجو أن توليا هذه الرسالة الشاكية الباكية اهتمامكما وأن أسمع منكما خبراً مفرحاً فقد تفاءل أولئك الأطفال الذين يصعب علي أن أصف مشاعرهم وأهليهم بعد أن جاءهم البشير باقتراب الفرج فإذا به يقتل وتنطفئ جذوة الأمل.

لا أحتاج إلى شرح، فالأمر أوضح من أن يعبر عنه وهل يجهل من يسمع معنى الحرمان من هذه النعمة؟

غضبة ود الجاك المُضرية !!

الأخ معاوية الجاك انتقدني لأني أنكرت على اتحاد كرة القدم السوداني معاقبة فريق الهلال لمجرد أن بعض مشجعيه رفعوا صورة هتلر في الاستاد خلال مباراة فريقهم مع فريق المريخ استجابة لانتقادات بعض الصحف الغربية لذلك الصنيع.

غضبة معاوية المُضرية جاءت انحيازاً لفريق المريخ الذي قال إنه تعرّض لسلوك مشين من مشجعي الهلال واعتبر مقالي دعوة للانفلات!

يا أخي الكريم لا أرغب في أن أخوض معك معركة في غير معترك سيما وأنك نظرت إلى القضية من زاوية غير تلك التي نظرتُ بها إليها، فأنا لم أتعرّض للحدث باعتباره تصرّفاً مشيناً من أنصار الهلال ضد فريق المريخ ولن تجدني أختلف معك في إدانة أي سلوك عدواني من جماهير أي من الفريقين تجاه الآخر ولن تجدني في أي يوم من الأيام أدعو إلى أي عنف أو تفلّت سواء في السياسة أو الرياضة أو غيرهما ولطالما صببنا جام غضبنا على الحركات المتمردة والمتمردين جراء ما يقترفون من فظائع وعنف وحروب عطلت مسيرة بلادنا.

أذكر أيام اغترابنا الطويل في الخليج أن أحد فرقنا الرياضية – الهلال أو المريخ – لعب مباراة في مدينة أبوظبي فقام بعض المشجعين السودانيين، بعد إحراز فريقهم هدفاً في مرمى الخصم، بإشعال النار في بعض قطع القماش بالطريقة التي اعتادها بعض المشجعين داخل الملاعب السودانية ووجدت تلك الممارسة استهجاناً كبيرًا من الجاليات الأخرى وأدخلتنا في حرج بالغ ومعلوم أن لكل مجتمع عاداته وسلوكياته التي لا تمارسها المجتمعات الأخرى.

على سبيل المثال فإن مما يُلفت النظر ذلك السلوك الجميل والمتحضّر للكوريين الجنوبيين عندما يُحرز فريقهم هدفاً أو ينتصر على الفريق الآخر إذ تجدهم لا يتحرّكون من كراسيهم إنما يمسكون بعلم بلادهم ويحركونه يمنة ويسرة بصورة راقية تثير الإعجاب بينما تجد المشجعين الإنجليز رغم عراقتهم في ذلك المضمار – وهم من اخترعوا كرة القدم – يفعلون الأفاعيل تخريباً وتدميراً لدرجة أن الدول الأوروبية كانت تُذعَر منهم وتتحسّب لهم خلال مشاركاتهم في مباريات كأس أوروبا مثلاً!

المهم إنني أدعو إلى إعمال القوانين واللوائح الصارمة التي تحدّ من أي سلوك مشين أو عنيف من المشجّعين المتفلّتين، أما إدانة الهلال أو المريخ لمجرد أن بعض مشجعيهما رفعوا صورة هتلر فهذا أرفضه تماماً لسببين أولهما أنه لا ينبغي أن تزر وازرة وزر أخرى بمعنى أن الإدانة أو العقوبة ينبغي أن تقتصر على المشجعين المخطئين، وثانيهما أنه لا ينبغي أن نجرم رفع صورة هتلر للأسباب التي أفَضتُ في شرحها في مقالي الأول، وتقبل تحياتي أخي الكريم.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة