الصادق الرزيقي

الصدمة!!


يُجمع كل الذين تابعوا واستمعوا لبيانات وخطابات ومواقف الدول الأعضاء في الجامعة العربية في اجتماعها الوزاري الطارئ أول من أمس بالقاهرة، بشأن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس الشريف واعترافه بها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني ونقله لسفارة بلاده من تل الربيع إلى مدينة القدس،

يجمع كل من تابع ذلك على أن هذه المواقف الضعيفة المرتجفة إصابته الصدمة من ضعف المواقف الرسمية العربية وهوانها وخوارها في مواجهة الصلف الأمريكي والقرار الطائش لساكن البيت الابيض.
> باستثناء خطاب لبنان الذي كان أكثر جرأةً من غيره، فإن كل دولة عربية عبرت عن مواقفها من منطلق علاقاتها الثنائية والخاصة مع الولايات المتحدة، فحلفاء واشنطون التقليديون لم يتخذوا إلا المواقف المنجيات من غضب ترامب، فكلها جاءت خطابات محشوة بصدى كل خطاباتهم وشعاراتهم ومواقفهم الباهتة الباردة، وبحذر دبلوماسي مقيت لا يفيد ولا يقدم أو يؤخر، ولم تكن القضية الفلسطينية ولا القدس الشريف ولا أولى القبلتين المسجد الأقصى، نصب أعين وزراء الخارجية العرب وهم يلتئمون في القاهرة، والشعوب كلها تتطلع إلى مواقف قوية تصدر عن الجامعة التي تكلَّست وتيبست أطرافها دون أن تقدم يوماً ما يجعلها محل ثقة الشعوب.
> لقد حال الخوف من ترامب بين الدول العربية والموقف السليم القوي، كما حال الموج بين نوح وابنه، فكانت الجامعة العربية والنظام الرسمي العربي من المغرقين.
> ألم تَر الجامعة العربية ووزراء الخارجية العرب، مئات الآلاف أو الملايين الذين خرجوا بالأمس في عدد من العواصم والمدن من المحيط إلى الخليج يرفضون قرارات ترامب ويطالبون الأنظمة والحكام بمواقف أكثر قوةً وأشد وقعاً من هذا الخِزي والخذلان والبهتان الرسمي؟
> ألم تَر الحكومات العربية هذه السيول الجارفة من الجماهير المتنادية في الساحات والميادين والشوارع، تعبر عن غضبها الساطع، وتنتظر يوماً أن ترى غضبةً رسميةً فقط تساوي حجم الجرم الأمريكي، بعد أن عجزت الجيوش العربية والترسانات التي بنتها الحكومات عن تحرير القدس وتخليصها من بين أنياب بني صهيون؟
> ألم تَر الحكومات العربية كيف انطلقت التظاهرات الغاضبة في مدينة القدس وسائر المدن في فلسطين المحتلة، وكيف يواجه الشعب الفلسطيني الأعزل قوات الاحتلال الصهيوني بصدور مفتوحة وعزائم قوية لا تلين، والأطفال والنساء والرجال من أبناء هذا الشعب الأبي لا ثقة لهم إلا في وعد الله الذي لا يخيب، وفي قوة إرادتهم وإيمانهم بحقهم السليب وأرضهم المسلوبة؟
> جميعنا نشعر بالغصة في حلوقنا والصدمة في قلوبنا، من هذه المواقف الرسمية البائسة، لم تتعلم حكوماتنا شيئاً، ستظل متأخرة عن شعوبها متخلفة عن مواعيدها معها، ستأتي الشعوب في زمانها ومكانها ويغيب الحكام عن وقتهم وأوانهم!!
> جميعنا نعي جيداً أن اللحظات الحاسمة في معركتنا هذه لن تكون في قيادتها أنظمة الحكم العميلة الخائنة الخائرة.. هي معركة الشعب العربي في وطنه الكبير، ولم يعد هذا الشعب يسمع للحكومات والأنظمة وأحاديثها المخذلة المخجلة.. لقد أتى زمن الشعوب بعد انتظار وانكسار.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة