صلاح احمد عبد الله

هجرة.. عباس دلاقين


* جاء الى منزلي عصراً.. ضرب الباب (برجله) ودخل تتقدمه (السفة) الشهيرة على غير العادة كان (حليقاً) مبتسماً يحمل في يده جواز سفر جديد.. اندهشت لأنني أعرف حبه للبلد ورأيه في الهجرة.. له ولد يعمل في السعودية وبنت دكتورة في لندن.. تعمل مع زوجها (ابن أخيه) ومجموعة من الشباب معه بالمنزل من اهله وثلاث ابناء في مراحل دراسية مختلفة مع السيدة (الصابرة جداً) زوجته.. اسمها (صابرة) وهي الوحيدة في الدنيا (بعدي) التي تتحمل كل ما يصدر عنه…!؟!

* رمى بالجواز بالقرب مني وأخرج السفة على الارض بصوت كأنه حجر وأخذ (الكوز) ومضمض فمه ترك عليه آثار لعاب بني اللون.. نظرت الى (الكوز) نظرة (مودع) بعد أن يخرج طبعا.. ونظرت الى راس البيت تقديراً للمسافة.!!
* قال بصوت أجش جهوري.. البنت رسلت مبلغ لي للسفر الى لندن لبعض الفحوصات ولكنني يا استاذ أنوي (الركلسة) هنا أو الجلوس لمدة اطول.. بلدكم دي وين؟ بعد الغلاء وزيادة الدولار الجمركي (والامجاد) ما جايبا همها وبعد ده اي حاجة طايرة حتى الجاز والبنزين اصبحا في امر ضيق..

* الدولار الجمركي.. وانت يا استاذ عارف اي حاجة ماشة السماء والحكومة ما شغالة بالناس شغلة.. لا علاج لا تعليم وشغالين فينا جبايات حتى اصبحنا نحن ذاتو نفايات بدون رسوم سوى الاهمال.. والغبن والجوع.. والحرب وهم وتجار (العملة) في منتهى السعادة.. حتى الترفيه لينا اصبح معدوم سوى ونسة دكان هارون وصحب (البوش) وتلفزيون حكومي يساعد على تخلف الكبار قبل الاطفال الصغار.. وفاقد تربوي صار مهملا او مجرما حتى الأمن الشخصي صار هاجساً.. الواحد يمشي ويتلفت وبالليل يساهر مع الحيطة التي بالقرب من الشارع العام.. والشارع العام ملئ بأهل الصالح العام منذ 30 عاما وهم في تزايد وحريق ولهب مستمران والحكومة ما بين (القائمة والحوار) وماليزيا والخليج..!!

* (5) سفات صعوط وكوزين ماء وسوائل من الأنف يمسحها بكم القميص وانا استمع صامتاً وقال.. الآن قررت السفر الى البنت في لندن وخلي بالك من الاولاد يمكن ما ارجع.. دي بلد شنو؟.. ابتسم واراد ان يخرج..

* كعادته في نوبة كرم.. قذف لي بمبلغ (100) دولار وحمل جوازه وخرج الى داره.. سمعت صوت الامجاد وانا افكر..
* ترى هل أتركه.. ابدا هو يحب البلد.. ولكن من يقنعه معي..؟!!

مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة