صلاح الدين عووضة

لولا !!!


*إمام مسجد بحينا قال أمس إن خطبته عن الغلاء..

*فقلنا جميل والله… فنحن نريد من أئمة مساجدنا التحدث عن هموم الناس..

*وقال إن الذي يحدث الآن على صعيد المعيشة لهو مصيبة..

*فقلنا يا سلام ، يا سلام.. .بارك الله في هذا الإمام..

*وقال إن الوضع بات كارثياً…. فوق قدرة الشعب على التحمل…

*فقلنا الله ، الله… وكدنا (نصفق) طرباً كما يفعل نواب البرلمان..

*ولكنه لحد هنا (لكَّنها) وقال إن الناس هم سبب هذه الضائقة بكثرة ذنوبهم..

*ولحد هنا أيضاً كان يمكننا مواصلة إعجابنا… لولا..

*لولا أننا تذكرنا بيان (جماعته) الأول… وتحميله الحكومة وحدها مسؤولية الغلاء..

*وتحديداً جزئية (وتدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية)..

*وجزئية (وفشلت السياسات الرعناء في إيقاف هذا التدهور فازدادت حدة التضخم)..

*وجزئية (وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل)..

*وجزئية (واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم)..

*وجزئية (وأدى هذا التدهور لخراب المؤسسات وانهيار الخدمات وتعطل الإنتاج)..

*وجزئية (وصار الكثيرون يعيشون على حافة المجاعة)..

*وجزئية (وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام حتى عم الفساد)..

*وجزئية (وبدلاً من جعل بلادنا سلة غذاء العالم صرنا متسولين نستجدي الغذاء)..

*وجزئية (مما جعل الطفوليين يزدادون ثراء بسبب الفساد)..

*فلولا هذه الجزئيات – إذن – لكنا أخذنا كلام الإمام مأخذ الجد حتى نهاية الخطبة..

*ولكن كيف نوفق بين هذين النقيضين (بالمنطق)… و(الدين) ؟..

*أن يكون الغلاء في ظل نظام… بسبب (فساد) النظام ؟..

*وفي ظل نظام آخر؛ بسبب (فساد) الناس… والنظام (عدَّاه العيب) ؟..

*كلام يصعب تصديقه حتى من تلقاء (ذي ريالة)..

*ثم علمت بعد ذلك أن أئمة مساجد أخرى نحو المنحى ذاته… البارحة..

*بمعنى أن (توجيهاً) قد عُمم عليهم ليقولوا مثل هذا الحديث..

*وخلاصته أن الحكومة لا ذنب لها في هذه الضائقة… وإنما الذنب على الشعب..

*فموازنة الركابي المعطوبة يتحمل مسؤوليتها الشعب..

*والطاقم الاقتصادي الفاشل يتحمل مسؤولية (تمكينه) الشعب..

*وسياسة (التجنيب) المخالفة للقانون يتحمل مسؤوليتها الشعب..

*ومهرجانات الطرب… والغناء… والفسوق… و(الهجيج) يتحمل مسؤوليتها الشعب..

*والصرف البذخي على (جيوش) الوزراء يتحمل مسؤوليته الشعب..

*والأسفار ذات النثريات الدولارية (في الفاضي) يتحمل مسؤوليتها الشعب..

*وأسطول فارهات حكومة القضارف يتحمل مسؤوليتها الشعب..

*والسرقات التي ترد في تقارير المراجع العام- سنوياً- يتحمل مسؤوليتها الشعب..

*وعدم إحساس الحاكمين بضائقة الشعب… يتحمل مسؤوليتها الشعب..

*هذا ما علينا (تصديقه)… إن أردنا (تصديق) أئمة المساجد..

*ولا يمكن أن يصدِّق منا إلا من كان (قمبوره) يضاهي سرايات (الغفلة) طولاً..

*أما العقلاء فستردعهم عن التصديق مفردة واحدة..

*وهي…….(لولا !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة