تحقيقات وتقارير

يشهد السودان حالة تعبئة سياسية وعسكرية لصد أي عدوان و يقول الرئيس المصري مفاجئا ان بلاده لا تتآمر


إبان زيارته إلى ولاية سنار، الأسبوع الماضي، ارتدى الرئيس عمر البشير، بزته العسكرية، وشدَّد على أن بلاده على استعداد لصد ما وصفه بعدوان المتربصين والمتآمرين والمتمردين على البلاد.
وفي ذات اليوم، أعلن إبراهيم محمود، مساعد الرئيس، أن السودان يتحسب لتهديدات أمنية من جارتيه مصر وإريتريا، بعد تحركات عسكرية للدولتين في منطقة (ساوا) الإريترية، المتاخمة لولاية كسلا.
وفي سياق غير بعيد، أعلن الأمين عبد الرازق، الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، في مؤتمر صحفي أمس، وصول معلومات من عضويتهم بولاية كسلا تفيد بوجود مصري، ووجود لمقاومة قومية (الأرومو) الإثيوبية وبعض منسوبي حركة العدل والمساواة، وغيرها من المعارضة السودانية في جزيرة (ساوا) الإريترية على بعد كيلومترات من الحدود السودانية.
كما صرح إبراهيم غندور، وزير الخارجية، السبت، إن السودان يتحسب لأي تهديد على أمنه يأتي من الشرق (إريتريا).
وأشار إلى أن “السودان لا يتحدث عن حشود تقيمها دولة بعينها، لكنه يتحدث عن تهديد لأمنه من الشرق”.
يبدو أن عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري، قد استلم الرسالة، وأخذ التحذيرات السودانية محمل الجد. وقال في كلمته، أمس، بمناسبة افتتاح عدد من المشروعات التنموية بمحافظة المنوفية شمالي البلاد، إن “بلاده لا تتآمر على أحد ولا تتدخل في شؤون الآخرين ولن تحارب أشقاءها (السودان وإثيوبيا)”.
وجاءت تصريحات الرئيس المصري، كأول تعليق رئاسي مصري، على وقع تصاعد اتهامات للسودان بوجود تهديدات أمنية من جارتيه مصر وإريتريا، على خلفية إغلاق السودان حدوده مع إريتريا، إثر توترات عسكرية في منطقة حدودية بين الدولتين.
وأضاف السيسي بالقول: “نحن حريصون على أن تكون علاقتنا طيبة، وهذا ما تشهد به المنطقة خلال السنوات الماضية، ولنا سياسة ثابتة وليست لدينا مناورات بأن نقول كلاماً ونفعل غيره”.
وتابع: “أؤكد لأشقائنا في السودان وإثيوبيا أن مصر لا تتآمر ولا تتدخل في شؤون أحد، ومصر لن تحارب أشقاءها، لدينا سياسة ثابتة، هي البناء والتنمية والتعمير”.
وعلى خلفية الاتهامات والإساءة التي وجهتها وسائل الإعلام المصري للسودان طيلة الأيام الماضية، طالب الرئيس المصري وسائل الإعلام في بلاده بـ “عدم الإساءة أو استخدام ألفاظ وتعبيرات غير لائقة سواء مع السودان أو أي دولة أخرى مهما كان حجم الغضب أو الألم”.
وسبق أن أعلن السودان، في مايو الماضي، أنه ضبط أسلحة مصرية مع متمردين في إقليم دارفور، واتهم جارته مصر بدعم المتمردين، وهو ما نفته القاهرة مراراً.
بالنسبة إلى الرئيس المصري، فإن بلاده لا تحتاج أن تدخل في صراع وحروب مع دول أخرى، مؤكداً أن امتلاك مصر قوة عسكرية لا يعني أن تطغى على الآخرين.
وقال “دائماً حريصون على أننا نبقى داخل حدودنا، ولا نتآمر على أحد، ولا نتدخل في شؤون الآخرين، وفي نفس الوقت نحافظ على حياة 100 مليون مصري”.
وفي الرابع من يناير الجاري، سحب السودان سفيره لدى القاهرة، بعد ما جدّد شكواه لمجلس الأمن حول المثلث الحدودي حلايب وشلاتين.
وتتصاعد خلافات بين القاهرة والخرطوم إثر نزاعهما على سودانية المثلث الحدودي حلايب وشلاتين، ودعم السودان لموقف أديس أبابا في ملف سد (النهضة)، الذي تخشى مصر أن يؤثر سلباً على حصتها السنوية، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، من نهر النيل، مصدر المياه الرئيس للبلاد، وهو ما ينفيه السودان بشكل قاطع.
بينما تقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، خاصة في مجال إنتاج الكهرباء (تحتاجها الخرطوم)، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان والخرطوم.
ومع تسارع الأحداث، منذ أواخر ديسمبر الماضي، تصاعد الحديث في وسائل الإعلام المختلفة، عن مصر وإريتريا، بصفتهما حليفين مناهضين لكل من الخرطوم وأديس أبابا.
وفي إطار بناء التحالفات الجديدة، استقبل عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري نظيره الإريتري، أسياس أفورقي، الثلاثاء الماضي، فيما نشرت الخرطوم تعزيزات عسكرية على حدودها الشرقية مغ إريتريا، وأغلقت المعابر الحدودية معها، السبت الماضي.
على صعيد السودان، زار رئيس الأركان المشتركة السوداني، عماد الدين مصطفى عدوي، أديس أبابا، الإثنين الماضي، حاملاً رسالة من البشير إلى هايلي ماريام ديسالين، رئيس وزراء إثيوبيا.
والتقى عدوي أيضاً إسماعيل شرقي، مفوض السلم والأمن لدى الاتحاد الأفريقي، في خطوة قال مراقبون، إنها استهدافت إطلاع إثيوبيا والاتحاد الأفريقي على التطورات مع مصر وإريتريا.
وساهم التقارب المصري – الإريتري، لاسيما في ظل تعثر مفاوضات سد (النهضة)، في ازدياد مخاوف إثيوبيا من احتمال استهداف السد، الذي تعده مشروعها القومي.
ومنذ فترة طويلة، تعززت العلاقات بين أديس أبابا والخرطوم، وأصبح التنسيق بينهما على مستوى عال، لا سيما مع بتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية، حتى أن السودان بات يرى أمن إثيوبيا خطاً أحمر.
وكانت الخرطوم قد دعت مصر صراحة إلى “الاحترام المتبادل وإيقاف الحملات الإعلامية المعادية للسودان التي يقودها أصحاب الأجندة الخفية للإساءة للعلاقات السودانية منذ زيارة الشيخة موزة والرئيس التركي للسودان”.
وقال عبد الرحيم محمد حسين والي الخرطوم إن استدعاء السفير عبد المحمود عبد الحليم من القاهرة كان بهدف تأكيد الحرص على العلاقات الأخوية مع مصر.

اليوم التالي.