تحقيقات وتقارير

أجازها نواب البرلمان .. الموازنة .. دعوات لإجراء مراجعات سريعة


استبعد رئيس المجلس الوطني، بروفيسور إبراهيم أحمد عمر، اتجاه البرلمان لعقد جلسة طارئة لمناقشة أزمة ارتفاع الأسعار، مستبقاً بذلك خطوة شروع بعض النواب داخل المجلس في جمع توقيعات لدعوة النواب -الذين دخلوا في إجازة- لعقد جلسة طارئة لمناقشة الأزمة.

ودافع رئيس المجلس الوطني عن الميزانية، ولكنه حمّل الجهاز التنفيذي مسؤولية الإخفاق الذي قاد لانفلات وفوضى الأسعار بسبب تطبيقه للموازانة باتخاذ إجراءات بطريقة غير صحيحة وغير كافية، وقال (إن طبقت الميزانية كما هي لن حدثت مشكلة).

وجاء موقف أغلب النواب بمن فيهم نواب كتلة المؤتمر الوطني خلال الجلسة الطارئة مع وزراء القطاع الاقتصادي، رافضاً بشكل قاطع القرارات الاقتصادية الأخيرة بشأن تحديد سعر الصرف للدولار الجمركي. واتهم النواب الحكومة بتجاهلهم وعدم التشاور معهم بشأن تلك القرارات قبل صدورها وممارسة الخداع عليهم، واعتبروا التطمينات التي أرسلها وزير المالية بعدم وجود أي زيادات في الميزانية عند إجازتها بأنها مثالٌ على سياسة وتعامل الحكومة ممثلة في وزارة المالية معهم.

هجوم

كانت الجلسة قد شهدت هجوماً غير مسبوق من النواب بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم بدءاً من نواب كتلة المؤتمر على رئيس البرلمان الذي اتهموه بعدم العدالة في توزيع الفرص والوقوف إلى جانب الحكومة رغم إخفاقها في عدد من الملفات أبرزها ارتفاع الأسعار وانفلات سعر الدولار.

وفسر برلمانيون رفض رئيس البرلمان انعقاد جلسة طارئة عن الأسعار رغم إقراره بارتفاعها بصورة غير منطقية، فُسر على أنه رفض مسبق لطلب النواب بعقد الجلسة، وهي ما تزال بعد في مرحلة جمع التوقيعات.

واعتبروا مسعى رئيس البرلمان بأنه محاولة من قيادة المجلس الوطني لتحاشي ثورة النواب التي قد تصل لدرجة الاشتعال والانفجار بين البرلمان والحكومة في حال مناقشة أزمة ارتفاع الأسعار في ظل غضب برلماني قد ينجم عنه الإطاحة بحكومة النائب الأول، رئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، وذلك حال تقديم استجوابات لها ـ أي الحكومة – لا سيما أن هذه الجلسة تأتي متزامنة مع حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع السوداني.

شروط انعقاد

وتساءل عدد من النواب الذين استنطقتهم (الصيحة): إذا لم ينعقد المجلس الوطني لمناقشة استمرار ارتفاع الأسعار التي تزداد اشتعالاً يوماً بعد يوم كحدث جلل فمتى ينعقد. وما هي حالة الطوارئ الأكثر خطورة من تهديد المواطن في معاشه، ويمكن أن يتهم فيها البرلمان.

وقال عضو البرلمان والقيادي بالمؤتمر الوطني محمد الحسن الأمين لـ(الصيحة) إن رئيس البرلمان يريد أن يقول من وجهة نظره إن الدعوة لجلسة طارئة بجمع التوقيعات لن تتم عملياً مع حزب صاحب أغلبية في البرلمان أجازت عضويته الميزانية قبل فترة وجيزة، وإن كان هناك قرار ستتخذه الحكومة بمراجعة الميزانية حال ارتأت ضرورة لتغيير قانونها، فستقوم باستدعاء البرلمان للقيام بمراجعة السياسات المجازة في الميزانية عبر نقاش محدد في بعض بنودها حال عدم قيام الحكومة بمراجعتها.

مضيفاً أن هذه المراجعة يمكن أن تتم في انعقاد المجلس وليس أثناء فترة إجازة النواب، ودون وقوع أمر طارئ، اللهم إلا أن تضغط الظروف الاقتصادية لدرجة مخيفة تستحيل معها الحياة.

لوائح

وأشار الأمين إلى أن الجلسة الطارئة دائماً تتم لأمر طارئ، وقد يكون رئيس المجلس لا يرى من وجهة نظره وجود أمر طارئ، لأن الميزانية أجازها النواب، وما يحدث وهو آثار جانبية للميزانية أدت لارتفاع في الأسعار بسبب رفع الدعم عن السلع.

وأكد الأمين أن قيادة المجلس ملزمة باتباع اللائحة في حال اكتمال إجراءات عقد الجلسة الطارئة.

لكن رئيس المجلس استبق الإجراء وأبدى وجهة نظره كرئيس للمجلس الوطني، وفي نفس الوقت هو عضو في حزب المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية في البرلمان، ما يجعل الدعوة لانعقاد الجلسة بجمع توقيعات أكثر من نصف أعضاء البرلمان ليست سهلة كما يعتقد.

ونفى الأمين أن يكون بذلك يلتمس العذر لرئيس المجلس بقدر ما هو تقدير منه للمسألة، ولا يقصد الدخول في تحدٍّ للأعضاء الذين يقومون بهذا الإجراء.

منبهاً إلى أن إجازة الميزانية تمت بموافقة غالبية نواب المؤتمر الوطني كأعضاء متلزمين في حزب أجاز قطاعه الاقتصادي الموازنة، وهذا القبول قد لا يتأتى عند النواب المستقلين، ولكنها في النهاية قواعد الديمقراطية والتصويت.

بدائل

وقال عضو البرلمان المستقل محمد طاهر عسيل إنه ليس من حق رئيس البرلمان أن يرفض أو يعطل طلب الدعوة لجلسة طارئة لأنها حق مكتسب للنواب بلائحة المجلس الوطني.

لكنه عاد وقال لـ (الصيحة) بصعوبة نجاح مساعيهم في الدعوة لجلسة طارئة في الوقت الحالي لأنها تتطلب حصولهم على توقيعات نصف أعضاء البرلمان البالغ عددهم (241) نائباً، وهذا لن يتوفر في ظل وجود أغلبية ميكانيكية يحوزها المؤتمر الوطني في البرلمان مُضافاً إليه حلفاؤه من الأحزاب الأخرى.

وأكد عسيل أنهم ككتلة تضم النواب المستقلين شرعوا في جمع التوقيعات لكنهم تراجعوا عنها للصعوبات المرتبطة بنسب نواب المجلس، بجانب ما لمسوه من إصرار نواب المؤتمر على مساندتهم للجهاز التنفيذي في اجتماع وزراء القطاع الاقتصادي وإصرار الجهاز التنفيذي على عدم التنازل ولو بمقدار (شولة) مما أجيز في الميزانية، وذلك رغم إخفاقها في عدد من الملفات أبرزها ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الدولار.

وقال عسيل إنهم سيلجأون لبدائل قانونية أخرى في سبيل الضغط على الحكومة للتراجع عن بعض بنود الميزانية التي يرونها سبباً في الضائقة المعيشية، لأنها تمت بصورة غير منطقية، وكانت سبباً لأن يقاطعوا جلسة إجازة الميزانية.

مردفاً بأن البدائل المتاحة لتوصيل رأيهم كثيرة، وسيبتدرونها باللجوء لعقد اجتماعات مع قيادات المجلس الوطني بداية الأسبوع المقبل.

الخرطوم ـ الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة