تحقيقات وتقارير

ركائز لسبل كسب العيش العمل الحر ومشاريع صغار المنتجين والتمويل الأصغر


في بلد تذهب التقديرات غير الرسمية للقول بأن تعداد سكانه يقارب “40” مليون نسمة، منهم نسبة عالية من شريحة الشباب والخريجين العاطلين عن العمل، يبدو تحدي توفير عمل لهم جميعاً ضرباً من الاستحالة، مع الإشارة إلى أن مؤسسات التعليم العالي تدفع سنوياً بآلاف من خريجيها، يجد أقل من “10%” منهم وظائف أو حتى عمل حر، أما البقية فتنقسم ما بين الرضوخ لخيار البطالة أو الهجرة أو ممارسة مهن ذات عائد متدنٍّ وتوصف بالهامشية، والمحصلة من ذلك فقد البلاد طاقات كان من الممكن الاستفادة منها في البناء والتعمير والتقدم خطوات للأمام وسط عالم ذي إيقاع متسارع.

تقول دراسات غير رسمية إن نسبة الشباب العاطلين عن العمل بالبلاد تجاوز المعدلات العالمية، وبافتراض صحة هذه الفرضية، فإن الدولة أمام مهمة عسيرة تتمثل في توظيف هذه الطاقات، ويشير خبراء ومختصون في شؤون العمل إلى أن المطلوب حالياً يتمثل في مواءمة مخرجات التعليم العالي مع سوق العمل، ما يتطلب زيادة الاهتمام بالتعليم الحرفي والتقني، والثابت أن نسبة كبيرة من الشباب اتجهت نحو العمل الحر، والمشروعات الحرفية، ومشاريع التمويل الأصغر التي تسير بصورة متنامية عاماً بعد الآخر .

وتشير الإحصائيات التي قام بها البنك في الفترة من 2011 حتى 2015 الى معدلات نمو سنوية في قطاع التمويل الأصغر حيث تسهم في تحريك سوق العمل وإيجاد مصادر دخل حقيقية ومنتظم للعاملين بالمشروع.

ينوه الخبير الاقتصادي، بروفيسر ميرغني أبنعوف إلى أهمية استصحاب فائدة التعليم التقني، مشيراً لدوره الملموس في القضاء أو في أيسر الأحوال تخفيف حدة البطالة وسط الخريجين، لافتاً إلى أن مراكز التدريب المهني في بعض الدول المتقدمة لا تقل شأناً عن الجامعات الأكاديمية، داعياً لمزيد من الاهتمام بهذه المراكز، ورفدها بالمعينات والأجهزة والمعدات، لكن الإشكالية تبدو جلية في ضعف الاعتمادات المخصصة كموزانات للتعليم بشكل عام، وهي تشكل نسبة لا تذكر من الدخل القومي، ولا يمكن الارتقاء بوضع التعليم وجودته بغير توفير الميزانيات اللازمة.

تحكي الشابة فاطمة قصتها، وهي التي تخرجت ببكالريوس علوم الإنتاج الحيواني، وقالت إن فرص الحصول على عمل وظيفة ليست بحجم التطلعات، وأشارت لعملها في بادئ تخرجها بمشروع خاص مع صاحبه نظير أجر قليل، وقالت إن تجربتها في ذلك المحل أن العمل الحر به خير كبير، لذا صوبت فكرتها لتأسيس محل صغير لإنتاج وتوفير منتجات الدواجن، وتغلبت على الصعوبات التي واجهتها في بدايتها من حيث قلة رأس مالها، وما تبعه من صغر المحل وقلة الإنتاج، حتى قامت بتطويره عبر قرض من أحد البنوك، وقالت إنها وظفت ما تلقته من دراسة علمية بمحلها الجديد، وكثفت من اهتمامها بالدواجن في الرعاية والتغذية السليمة والحرص على النظافة حتى بات اليوم من المحلات المعروفة بمحلية بحري.

وقطعت بأن المثابرة والصبر على مثل هذه المشروعات سيأتي بنتائج إيجابية على صاحب العمل.

يشير كتيب رسمي صادر عن وحدة التمويل الأصغر بالبنك المركزي أن حجم التمويل المقدم لعام 2016م تجاوز 2180 مليون جنيه منها 6,3 لولاية الخرطوم و1573 مليون جنيه لبقية الولايات وأشار إلى أن إجمالي العملاء لذات العام كان 985 ألف عميل منهم 15% بالخرطوم، و85% لبقية الولايات، وحجم التمويل الممنوح بولاية الخرطوم 268 مليون جنيه وللولايات 235 مليون بإجمالي مبلغ تمويل 503 مليون جنيه، فيما كان متوسط التمويل الممنوح يقدر بـ 2,5 ألف جنيه، مشيراً إلى أن نسبة الزيادة في تنفيذ التمويل كانت 93% عن العام السابق، وفي جانب مصادر التمويل كانت عن طريق البنك المركزي الذي أسهم بـ 283 مليون جنيه، والمصادر الذاتية 47 مليون جنيه، والشركة السودانية للتمويل الأصغر 33.2 مليون، فيما ضخت الشراكة مع بنك التنمية الإسلامي بجدة تمويلاً بقيمة 99.6 مليون جنيه.

يقول أحمد إبراهيم شاهين إنه دخل مجال السباكة والكهرباء منذ زمن مبكر في حياته ويعمل بهذه المهنة منذ العام 1980م، وفي ذلك الوقت كانت مهنة ذات مدخول معتبر وعائد مجزٍ، مبيناً أن عملهم ليس مرهقاً لكنه يحتاج إلى الصبر وتجويد العمل، إذ لا فائدة من العمل غير المجود لأنه يتسبب في التشكيك في كفاءتهم وتفضيل خيارات أخرى كالعمالة الأجنبية مثلاً وهي ليست بأفضل من نظيرتها السودانية، ولكن ما يميز الأجنبي هو إتقانه وصبره وعدم قيامه بعمل دون المستوى المطلوب، وأشار إلى أنهم كحرفيين منظمين من عدة جهات، فهناك شعبة الحرفيين، ولهم نقابة ضمن نقابات الهيئة النقابية العامة ولهم ممثلون فيها.

الخرطوم: جمعة
صحيفة الصيحة