تحقيقات وتقارير

الأحداث من تخوم معبر عواض مع أرتريا معبر عواض .. الهدوء سيد الموقف


أهالي قرية عواض كيف يتعاملون مع الطوارئ

الدعم السريع .. أكثر من مهمة

مواطن أرتري يبكي بسبب إغلاق الحدود

الطريق إلى منطقة عواض المتاخمة للحدود الأرترية يبلغ 25 كيلو من داخل مدنية كسلا لم يكن عسيراً علينا الوصول الى عواض نهار (الجمعة الماضي) وذلك قبل وصول تعزيزات الدعم السريع، توجهت صوب عواض في مخيلتي أنها محروسة بالدبابات والأسلحة الثقيلة منذ الخروج من أطراف مدنية كسلا انقطعت صلتنا بالطريق المسفلت، كانت عربة التاكسي تمخر في الطريق الترابي لأكثر من نصف ساعة لم نتوقف الا عند نقطة جوازات عواض فماذا يحدث هناك .

هنا عواض

عند مدخل جوازات عواض وهو آخر نقطة حدودية بين السودان وارتريا وجدت شخصاً يرتدي الزي البلدي مستلقياً على سرير لم يلاحظ دخولي لدار الجوزازات تركته في حاله ولم استأذنه في الدخول للمكاتب، أول مكتب دخلته وجدت شخصين أحدهما يرتدي البزة العسكرية وآخر يرتدي جلبابا ناصع البياض، أخبرتهم أنني في مهمة صحفية للوقوف على الأوضاع في الحدود أخبرني صاحب البزة العسكرية أن مهمتي تنتهي هنا، سألت عن الحشود العسكرية قال لي إذا حاولت تجاوز السلك الشائك ستجد نفسك داخل الحدود الأرترية، طلبت السماح بالدخول مسافة قصيرة بعد السلك الشائل رفضوا بشدة، واكتفيت بالوقوف عند آخر نقطة في السلك الشائك، سائق التاكسي الذي كان يرافقني أخبرني بأن الجبل الذي أمامي داخل ارتريا وأن المباني المطلة أمامنا هي عبارة عن مدارس داخل أرتريا، انتهت مهمتي عند معبر عواض ولم أجد تعزيزات عسكرية كتلك التي كانت تدور في مخيلتي، وكان العنوان الأبرز هو هدوء الأحوال في كل النواحي ثم عدت ادراجي صوب كسلا ولكن فضلت قبل الوصول إلي كسلا أن أمر ببعض المناطق الحدودية مثل قرية عواض.

قرية عواض

بالقرب من نقطة جوازات عواض الحدودية كانت هنالك قرية مشيدة من الطين والقش ولا تبعد أكثر من خمسة كيلومترات من النقطة الحدودية الفاصلة ينتشر حولها عدد من الأغنام والأبقار والإبل أظن أن تلك المواشي تتبع لأهالي المنطقة ، دلفت إلى القرية وجدت بها سوقاً صغيراً ينشط التجار في بيع البطيخ على السكين بمعنى أن يتم تقطيع البطيخ أمامك من ثم تقوم بشراء بطيخة إخرى إذا رأيت في البطيخة الأولى مذاقاً طيباً وعطفاً على وجود مطعم صغير لبيع الفول فقط مع وجودات العشرات داخل السوق بينما كانت القهوة تحتل مكانا بارزاً داخل السوق، أبرز المتواجدين بالسوق هو محمد عواض ابن مؤسس القرية سألته عن ما يدور من هواجس وتوترات في الحدود قال إن الاعلام يضخم ما يحدث في الحدود بصورة أكبر من الذي يحدث في أرض الواقع، بيد أنه عاد وقال إنهم يتوقعون من أرتريا كل شيء حتى العدوان العسكري، بالمقابل حكى عدد من أهالي القرية عن معاناتهم مع الحرب في مطلع الألفية الجديدة بعد اجتياح كسلا من قبل قوات عبد العزيز الحلو، وقال بعضهم إن القرية كانت تحت وابل الرصاص والمدفعية في تلك الفترة مع ذلك تعايشوا مع الحرب وآثارها ولم يتركوا قريتهم التي كانت تمر بها الجيوش الغازية صوب كسلا في ذاك الوقت، سألت البعض عن حالة الطوارئ وكيف يتعاملون معه قالوا إن عواض منطقة صغيرة ليست بها مسيرات او مظاهرات أو مناشط تقتضي التقيد بالطوارئ وأن حياتهم تمضي بشكل معتاد دون اكتراث لما يقال عن حالة الطوارئ .

اضبط .. ممنوع العبور

في طريق العودة إلى كسلا قادماً من عواض وتحديداً عند مدخل منطقة (شمبوب) وهي منطقة لا تبعد عن كسلا بعشرة كيلو مترات وبها نقطة عبور حيث يتمركز بها عدد من أفراد الأمن والشرطة والاستخبارات وتحرسهم أكثر من ثلاث سيارات عسكرية، في هذه المنطقة وتحديداً في الطريق الرئيسي للتفتيش كانت العربات التي تتجه صوب منطقة ود شريفي ومنطقة عواض ونتج عن ذلك التفتيش ضبط العشرات من جوالات السكر والدقيق عطفاً على ضبط عدد كبير من عبوات الزيت المختلفة في عبوات صغيرة وكبيرة بالإضافة لضبط جازولين وأرز حيث ضبط بحوزة بعض المسافرين وكانوا يريدون تهريبه الى ارتريا عن طريق منطقة ود شريفي وعدد من نقاط التهريب الأخرى التي يخبر دروبها المهربون، وقال مصدر شرطي (للصيحة) إنهم في حالة ضبط يومي للسلع بغرض تحجيم التهريب الى أرتريا وأشار المصدر أن المواد المضبوطة يتم تحويلها لإدارة الجمارك وهي بدورها تقوم بتقييمها وتحويلها لصالح الدولة، المصدر الشرطي كشف عن ضبطهم خلال الفترة الماضية كل أنواع السلع بما في ذلك الطماطم والفول و(الرغيف) وحتى التمباك وأشار إلى مضاعفة المهربين الارتريين لأسعار تهريب السلع ومضاعفة المبلغ المالي بحيث يتقاضى المهرب مبلغ 200 جنيه مقابل تهريب جوال السكر الواحد و150 مقابل تهريب جركانة الزيت، بالمقابل شدد مصدر مسوول تحدث (للصيحة) عن صعوبة ضبط كل المعابر المتاخمة لارتريا بسبب وجود مساحة حدودية واسعة بين البلدين، بيد أنه شدد على اتخاذ تدابير حاسمة للحد من ظاهرة التهريب .

أرتري يبكي

صباح السبت الماضي كنت أجلس في إحدى القهاوي المطلة على شارع مليون (بليد) بوسط سوق كسلا سألت عددا من راود القهوة عن أماكن تواجد الارتريين، قالوا لي إنهم يتواجدون في السوق في قهوة بالقرب من إحدى المكتبات، رافقني أحدهم الى القهوة وجدت ثلاثة من الشباب الارتريين طلبت الحديث معهم اثنان رفضا الحديث بينما وافق الثالث على الحديث بشرط أن لا يتم تصويره وعدم ذكره اسمه قلت له حتى لو ذكرت اسمه فإن الأمر لن يشكل لك أي مخاطر أمنية وافق على ذكر اسمه ، اجريت معه دردشة عن اسمه ومتى دخل الى السودان وماذا يعمل قال اسمه أبره خضر يعمل حلاقًا في أحد الصوالين بسوق كسلا دخل إلي السودان عبر الحدود بأورنيك وعبر بطاقة شخصية وذلك قبل ثلاثة أعوام في عامه الأول عمل عامل نظافة بأحد الأفران قبل أن يكمل الشهر في مهنتة الجديدة تحول للعمل بأحد الصوالين بواسطة أحد أبناء منطقته الذي يتواجد بكسلا منذ وقت طويل (أبره) قال إنه يقوم بإرسال مواد غذائية إلى أهله في ارتريا بصورة دورية عبر الحدود وأحياناً عبر التهريب قائلاً إن أسرته المقيمة في منطقة (تسني) كانت تنتظر عونه الشهري لهم على أحر من الجمر خاصة وأن والده توفي منذ وقت مبكر ولكن بعد إغلاق الحدود توقف عن إرسال السلع الغذائية لأهله ثم بدأ قلقاً عن أوضاع أسرته وسألني هل سيتم فتح المعابر أجبته بنعم عسى ولعل أن أساهم في تخفيف خوفه على أهله ثم صمت لفترة طويلة قبل أن تنحدر دمعة من مقلتيه وقال أمي كبيرة في السن وإخواني صغار وأنا أرسل لهم باستمرار المصاريف والمواد الغذائية ولكن لا أعلم كيف أساعدهم حاليا، وأضاف (ما عارف ارجع ارتريا ولا اكون قاعد في كسلا لو رجعت الأوضاع صعبة هنا وما في شغل وقاعدي هنا في كسلا أصبح غير مفيد بعد توقف أرسل المصاريف السلع لأهله) سألته عن إمكانية إرسال مصاريفه عبر البنوك الإرترية قال إن منطقتهم ليس بها بنوك وهو نفسه لا يعرف التعامل مع البنوك ) (ابره) لا يلم كثيراً بالسياسة ولا يعرف غير رئيسهم اسياسي أفورقي بل لا يعرف دواعي إغلاق الحدود، انتهى حديثي معه ولكنه ظل يكرر سؤاله هل سيتم فتح المعابر أجبته إن شاء الله ستفتح المعابر ستعود الحياة كما كانت ثم ودعته .

الدعم السريع .. للقصة بقية

لم يكن مألوفاً لأهالي مدنية كسلا مشاهد عربات الدفع الرباعي وهي تحمل الأسلحة الثقيلة كسلا الوريفة ارتدت في يوم وصول الدعم السريع إلى أ راضيها(الميري) واستقبل بعض مواطنيها وحكومة ولايتها عناصر الدعم السريع عند مدخل المدنية وقبل وصول القوات كانت مكبرات الصوت التابعة للجنة التعبئة والاستنفار تطالب المواطنين بالخروج لاستقبال القوات، القهاوي واماكن تجمعات الشباب كانت لا تخلو أحاديثهم عن الدعم السريع ، بعض الشباب كانوا يتحدثون عن حرب قادمة وأن الدعم السريع ستحسم المعركة لصالحها بينما قال البعض إن مهمة الدعم السريع تتلخص في جمع السلاح وإيقاف التهريب سواء كان تهريب بشر أو مواد غذائية، في الأثناء تدخلت للحديث معهم واستهدفت في حديثي شاباً ينتمي لاحد القبائل التي يشاع بأنها تعمل في تهريب الأسلحة والبشر بيد أنه تمنع عن الحديث بلهجة حاسمة وقال باقتضاب (مالك داير تجيب لينا مشاكل مع الحكومة) فشلت كل تطميناتي في إقناعه بالحديث ورفض إضافة إلى جملة أخرى لحديثه وبعض الشباب قالوا لي إن وصول الدعم السريع ربما يساهم بصورة مباشرة في انخفاض مسألة تهريب السلاح والبشر خاصة أن الموكب الذي وصلت به القوات كان مكثفاً وكبيراً ومن هنا ربما تسلل الخوف الى دواخل بعض المهربين .

الصيحة.