الصادق الرزيقي

حيوية منتجة


ليس هناك خلاف, بعد تسرب نذر يسير جداً مما دار داخل اجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني يومي الجمعة والسبت الماضيين، أن هناك حيوية سياسية, وممارسة حقيقية يجب أن تتطور حتى تبلغ تمامها. فالحزب الحاكم في النقاشات التي دارت خلال يومي الاجتماعات، مارس نقداً ذاتياً لأدائه, وأداء الحكومة التي يقودها,

ولسياساته التي اجترحها لمعالجة الخلل في الاقتصاد، أو في مجال العمل السياسي والعلاقات الخارجية وغيرها من الشؤون التي تهم الوطن والمواطن..
> ولا خلاف كذلك, في أن ما جرى بشأن ترتيبات المرحلة المقبلة, ومسألة ترشيح الرئيس البشير, لدورة رئاسية قادمة في (2020م)، لهو عين الديمقراطية الداخلية في حزب, يظنه الناس حزب السلطة ويأتمر بأمر رجل واحد أو حفنة من الرجال، فهناك آراء جريئة طرحت في قضايا جوهرية تباينت فيها الآراء واختلفت المواقف، وتحاجج فيها أعضاء الشورى, وكانت الغلبة فيها لرأي دون آخر، ولم يمنع مانع, أياً من الأعضاء من قول ما يريدون, واتسعت الصدور للنقد واختلاف الرأي غير المفسد للود بين الجميع ..وهذه تجربة ينبغي على المؤتمر الوطني ألا يخفيها في دخيلة نفسه، كان يمكن أن يتاح لكل وسائل الإعلام أن تكون حاضرة تنقل النقاش الحر, فلن يضر الحزب شيء, إن فشا بين الناس وذاع ..

> مسألة ترشيح الرئيس البشير لولاية رئاسية قادمة تنتهي في(2025)، قابلة للأخذ والرد، فالتيار الغالب وربما الكاسح بين عضوية الحزب وقطاعات شعبية أخرى لا منتمية, وجهات حزبية متنوعة، هي مع ترشيح البشير, ولها مسوغاتها ومبرراتها، بينما الأصوات التي لا تود الخوض في هذا الموضوع أو إرجاءه إلى موعد لاحق, أو حتى رافضة لترشيح البشير، لها آراء وحجج تتمسك بها وترى أن الدستور ولوائح الحزب, لا تسمح بغير دورتين أو ولايتين بالنسبة للرئيس، وقد جهرت هذه الأصوات بما تراه، فالدكتور أمين حسن عمر, لم يكن رأيه بمستغرب منكور، فهو قد كتبه عديد المرات, وعبر عنه في لقاءات صحفية وإفادات إعلامية ولا يخفيه، وهو ليس كمثل كثيرين لاذوا بالصمت وآثروا السكوت الذي هو من ذهب في مثل هذه الأوقات .
> منذ أمس الأول, فتحت اجتماعات مجلس شورى الوطني الباب, بل كل الأبواب, للتداول والتحاور والنقاش حول ترشيح الرئيس البشير، فليس هناك عضو في الحزب الحاكم, أو في قوس قزح حكومة الوفاق الوطني، يرفض ترشيح الرئيس البشير إذا قرر الرئيس ذلك أو ضغط عليه حزبه وقبل التكليف…

فالكل معه، لكن هذا الموضوع يحتاج إلى تدابير وإجراءات تبدأ رسمياً داخل المؤتمر الوطني, الذي عليه حسم أمر الترشيح ، ثم تنتهي الأمور في البرلمان, ليتم تعديل الدستور واعتماد الرئيس البشير مرشحاً، ومن نافلة القول, التأكيد على أن الجدل الذي بدأ الآن, سيزداد تباعاً ويتحول إلى فضاءات وطنية أوسع, ويصب في نهاية الأمر في صالح الحزب الحاكم، فليس هناك مرشح بديل للبشير- حسب ما يسمع داخل المؤتمر الوطني نفسه، ولن يتقدم شخص آخر يأنس في نفسه الكفاءة إلا إذا أعلن البشير, أنه غير راغب في الترشح، فعندها, ترفع كل المزاليج, ويظهر بطل الساحة الجديد ..
> على المؤتمر الوطني, ألا ينكفئ على نفسه، وأن يجعل الحوارات الجادة في الهواء الطلق، فمصيره هو مصير السودان، وما يهمه يهم السودانيين جميعاً، فالرئيس, هو رئيس لكل السودان، أمر بقائه أو ذهابه يتأثر به الجميع, مؤيدين وموالين ومعارضين، ويتابعه من هو في الداخل والخارج، فالعالم حولنا يراقب ويتابع, والإقليم منتبه وراصد، وقد واتت فرصة للحزب الحاكم, ليقول للناس إن حيويته السياسية وصلت مرحلة أقصى درجاتها, عندما قالت الشورى كلمتها وسمع صدى أقوال المؤيدين بشدة وكثرة، والممانعين بقلة عددهم وحيلتهم …!

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة


تعليق واحد