تحقيقات وتقارير

هل عاد أمين عام (الشعبي) إلى ألمانيا..؟ علي الحاج.. هل اتسع (بون) المشاركة؟


اشتدت الخلافات العلانية والمكتومة داخل حزب المؤتمر الشعبي وبالطبع ما من سبب لإثارة الخلاف سوى أمر المشاركة في حكومة الوفاق الوطني. بيد أن ربان السفينة، د. علي الحاج، وحامل اللواء الذي كان بيد الراحل حسن الترابي، ظل بعيداً عن كل ذلك الحراك، مستعصماً بمدينة بون الألمانية التي تشير بعض المعلومات بانها ستكون مستقره ، بالرغم من تأكيدات قادة الحزب بأن الرجل في مهمة سامية للبحث عن السلام.

ومع أن أمر المشاركة كان مثار جدل منذ المبتدأ، ولكن ها هي تعود للسطح بقوة عقب الأوضاع الاقتصادية التي فرضتها الموازنة الأخيرة. واعتبر حزب المؤتمر الشعبي إقرار الموازنة على أنه استقواء من قبل السلطة التنفيذية لضرب المواطن في مقتل، وشل قدرته الشرائية في الأسواق.

دعوة الخروج

لم تكتف هذه القيادات – وأشدها ظهوراً الشباب والطلاب – بالمناداة بالخروج من الحكومة جهاراً لعدم رضاهم عن أداء الشريك الأكبر (المؤتمر الوطني) بالتنكّر لوثيقة الحوار الوطني. بل بادرت إلى إصدار مذكرات وبيانات تطالب بموقف صريح للحزب من قضية معاش الناس والمشاركة في الحكومة. محملة الأمين العام للشعبي د. علي الحاج وقيادات في الصف الأول مسؤولية إدخال الحزب في مأزق الائتلاف مع الوطني.

واتهمت المذكرات والبيانات الأمين العام وقيادات الحزب باتباع ممارسات تهدف لتطويع مؤسسات الحزب بالضغط عليها وحملها على اتخاذ قرارات بعيدة عن مصلحة الحزب والمصلحة الوطنية، خدمة لأجندات شخصية مجهولة التوجه بما يعد خرقاً صارخاً للنظام الداخلي في كل مراحل اتخاذ القرارات بما فيها التأخر في اتخاذ قرار الخروج من حكومة الوفاق الوطني ودعت المذكرات التي أبرزها مذكرة قطاع الطلاب الذي يعد الأكثر اعتراضاً على مشاركة الحزب في الحكومة إلى تصحيح المسار وإعادة بلورة مشروع الحزب، وتنقيح النظام الداخلي بما يكرّس الديمقراطية الفعلية.

يرى متابعون أن هذه الاحتجاجات وحالة الشد والتجاذب والتراشق بين الرافضين والمؤيدين لمبدأ المشاركة داخل الشعبي هي انعكاس لتأزم الوضع السياسي عموماً بما يزيد من متاعب الأمين العام للحزب دـ علي الحاج الذي يشكل انفاذ قضايا الحريات ومقررات الحوار الوطني التحدي الأبرز له.

رحيل وعودة

راجت أنباء بأن الأمين العام د. علي الحاج فضل البقاء في ألمانيا مغاضباً لعدم تمكنه من تحقيق النتائج المتوقعة فيما يلي وثيقة الحوار الوطني لعدم التزام المؤتمر الوطني، فيما سارع الأمين السياسي للحزب الأمين عبدالرازق لنفي هذه الأنباء وأنها غير صحيحة، مؤكداً عودة الأمين العام للسودان قريباً.

وإن كان الخروج من الحكومة لأنصار الشعبي مطلباً في الخرطوم، فإنه تحول إلى واقع في ولايات كالقضارف ونهر النيل، بعد توصل القيادات هناك لعدم جدوى الشراكة.

مشكلة مؤسسية

أقر رئيس كتلة نواب المؤتمر الشعبي بالبرلمان أحد أبرز مهندسي وثيقة الحوار الوطني كمال عمر عبدالسلام بوجود مشكلات مؤسسية في الحزب بعضها خلقها وجود الأمين العام للحزب دـ علي الحاج خارج البلاد بجانب مشكلات أخرى من بينها تأخر تكوين الأمانة العامة لعدة أشهر بعد المؤتمر العام للحزب نجم عن ذلك مشكلة مؤسسية في اختيار ممثلي الحزب في الجهاز التنفيذي والتشريعي (البرلمان). وأكد كمال لـ(الصيحة) أن المشكلة المؤسسية هذه ظهرت في الحزب بعد رحيل مؤسسه دـ الترابي عندما سمى إبراهيم السنوسي نفسه أميناً عاماً وهو نائب أمين عام مكلف حسب النظام الأساسي للحزب، وغير مطبق بشفافية حالياً. وأشار كمال إلى أن قرار المشاركة قام على حيثيات زجت بالحزب لمشاركة عبثية لأنها تمت بنسبة تأييد ضعيفة مع إغفال رأي الولايات، وذلك جراء المكر الذي مارسه المؤتمر الوطني لجر الحزب لهذه المشاركة التي أصبح موقفه فيها كأحزاب (الشنطة) رغم أنه حزب كبير كانت له مواقف مشهودة في الصف المعارض.

حالة تململ

اعترف كمال بأن هناك حالة تململ داخل الحزب نتيجة ما أسماه بالأخطاء التاريخية التي ارتكبتها القيادة بعد رحيل مؤسس الحزب بداية بمرحلة إبراهيم السنوسني وجره للحزب للانخراط في مشاركة لا تليق بالشعبي كخطأ مؤسسي واستمرت فيها القيادة اللاحقة التي كان عليها أن تتوقف لتقييم المشاركة بعدما تم من تراجع في ملف الحريات الذي يعتبر سبب مباشر لدخول الشعبي للحوار. مضيفاً بأن الحريات غير موجودة ومفقودة تماماً بعد أن ألغى المؤتمر الوطني فكرتها التي صاغها شيخ حسن في ورقته. وأردف بأن قتال الشعبي الرئيس عن الحريات وهم الشعب في المعيشة ولذلك لا أرى سبباً يدفعه للاستمرار في المشاركة. ونبه كمال قيادات الحزب بأنها أمام خيارين مقابل هذا التململ الذي يشهده الحزب، الخيار الأول إنفاذ مخرجات الحوار أو الخيار الثاني المتمثل في الخروج من الحكومة والعودة إلى المعارضة. وحذر كمال القيادة وطالبها بأن تتصرف بحكمة حتى لا ينفلت الزمام من يدها موضحاً أن صبر العضوية قد نفد والحزب أصبح في حالة يرثى لها.

تبيان

نفى أمين الشباب بالمؤتمر الشعبي محمد عباس الفادني مشاركتهم في المذكرة التي دفع بها طلاب لقيادة الحزب. وصحح بأن المطلب كان في رسالة وليس مذكرة.

وأكد الفادني لـ(الصيحة) وقوفهم في أمانة الشباب ضد هذه الرسالة وطالبوا أمانة الشباب بالجلوس وطرح رؤيتهم لمناقشتهم داخل المواعين التنظيمية لكنهم رفضوا ذلك وهم كأمانة شباب رفضوا تأييدهم في هذا المنحى ولم يحبذوا الدخول معهم في جدال.

ورفض الفادني أن تكون هذه الرسائل التي يوجهها الشباب نتاج أزمة ناجمة من غياب الأمين العام خارج البلاد واستعصى على المؤسسات حلها، قائلاً إن الأمين العام جاء ووجد هذه الأوضاع بما فيها المشاركة وأشار إلى أن الأمين العام أعلن من البداية أنه لن يهدم ما بناه أسلافه.

وعن أسباب التململ في الحزب قال الفادني إن الشعبي يشعر بأنه لم يعد جزءاً من اتخاذ القرار مع الوطني والحوار معه يكاد يكون صفر بعد حل اللجنة التنسيقية العليا للحوار ولا توجد مشاركة سياسية حقيقية وإنما هي مشاركة فوقية.

موضحاً أنهم كانوا يهدفون لمشاركة فعلية في اتخاذ القرار لذلك تجد بعض من العضوية يرون ضرورة أن يكون للحزب دور في الحراك الاحتجاجي الذي يشهده الشارع حالياً.

مشيراً إلى للحزب تنظيم مؤسسي لا يسمح بأن يتخطى قرار صدر إلا من ذات المؤسسات التي أقرت المشاركة ممثلة في هيئة القيادة المنوط بها فض الشراكة. نافياً أن تكون مؤسسات الحزب غائبة بغياب الأمين العام كون الشعبي محكوم بالمؤسسات.

الخرطوم: الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة