الصادق الرزيقي

المأزق السياسي ..!


تتصاعد وتيرة الحديث عن انتخابات2020م، ويتركز الاهتمام على انتخابات رئاسة الجمهورية، ويتحاشى الكثيرون الإشارة الى الانتخابات البرلمانية أو حتى عملية تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وما يترتب عليها من تأسيس للمرحلة الدستورية التي تسبق الانتخابات من قيام المفوضيات،

وأهمها مفوضية الانتخابات واللجنة القومية للدستور الدائم، وسيدو أن المؤتمر الوطني يعد نفسه لانتخابات مختلفة عن سابقتيها في انتخابات2010م و2015م بإعلانه خلال اجتماعات مجلس شوراه يومي الجمعة والسبت الماضيين أنه لن يتنازل لاياً من الأحزب المتحالفة معه عن دوائر جغرافية كما فعل في المرتين السابقتين، ولعل مرد هذا العزم والقرار راجع الى سببين رئيسين هما :
1 – يشعر الحزب الحاكم أن الانتخابات المقبلة وفي أعقاب الحوار الوطني والتطورات السياسية الجارية في البلاد، واحتمالات مشاركة أوسع فيها من قبل الاحزاب التي قاطعت الانتخابات الماضية، وربما الحركات المتمردة التي قد توقع قريباً اتفاقيات سلام مع الحكومة في ظل الأحوال الجارية داخلياً وإقليمياً ودولياً، يشعر المؤتمر الوطني أن انتخابات 2020 ستكون معركة سياسية بامتياز، يغلب فيها مبدأ التبادل السلمي للسلطة، والتنافس عبر صناديق الاقتراع، ستكون اختبار حقيقي للأوزان الحزبية وحجم التأييد الشعبي، كما سيكون البرلمان الناتج عنها هو الجهاز التشريعي المؤسس للديمقراطية المستدامة والدستور الدائم وبناء هياكل الدولة ومؤسساتها وفق ما توافق عليه أهل السودان جميعاً، فانتخابات بهذه الأهمية تفرض على الحزب الحاكم الاستعداد لها وإعادة بناء ذاته الحزبية بقوة .
2 – لقد استوعب أهل المؤتمر الوطني ووعوا الدرس، فبسبب تنازلهم في الانتخابات الماضية وقبل الماضية عن دوائر جغرافية لبعض الأحزاب المتحالفة معه، فقد الكثير من قواعده وجماهيريته في هذه الدوائر، بل أجبرت هذه القواعد علي اختيار خيارات سياسية اخري لغياب حزبها أو تخليه طواعية عنها، فلم تجد من يعبر عنها وعن قضاياها، وكان ذلك تفريطاً وكرماً سياسياً لا معنى له ولا وجود لمثله في دنيا السياسة. وكما قال رئيس المؤتمر الوطني أمام الشورى الأخيرة، فلن يكون الحزب مستعداً لهذا النوع من العطاء في الانتخابات القادمة .
> على ذات الصعيد، لن يكون بمقدور أي حزب سياسي أو حركة موقعة على اتفاقية سلام، دخول البرلمان إلا عن طريق الوزن الحقيقي ونزول حلبة التنافس الانتخابي وخوض الانتخابات في الدوائر الجغرافية والنسبية ودوائر المرأة، وكلنا نعلم أن عدد من الأحزاب المشاركة في الحكومة أو البرلمان لم تجد طريقها إلى الهيئة التشريعية القومية أو المجالس التشريعية الولائية، إلا بعد أن تنازل لها المؤتمر الوطني من دوائر جغرافية بعينها، ووجه قواعده بالتصويت لها .. فإذا كانت هذه الأحزاب ترغب في الحياة السياسية وتقوية نفسها وتحقيق كسوب وأرباح انتخابية، عليها أن تشرع من الآن في إعادة البناء وتهيئة أوضاعها ومعالجة أخطائها ومواجهة حقيقة أنها نشأت في كنف المؤتمر الوطني الذي رعاها رباها لتبلغ الحلم والرشد .
> إصلاح الحياة السياسية كما جاء في مخرجات الحوار الوطني، لابد من جهد في سبيله وإتمامه تقوم به الأحزاب القائمة بنفسها، وللحقيقة هناك أحزاب مشاركة في الحكومة لها وزنها وجماهيرها، لكن أن يكون هناك حزب يعتمد في وجوده على غيره، فهذا ما لا يمكن قبوله وحزب كهذا غير جدير بالبقاء كحزب وكيان سياسي، فالفائدة العامة وللمصلحة الوطنية أن يتوزع ولاء السودانيين لأحزاب وتنظيمات سياسية حقيقية ذات رؤى وأفكار وتمتلك قيمة ذاتية من برامجها ونهجها وجماهيرها .
> انتهى زمن الكائنات السياسية الطفيلية أو الأحياء المجهرية في عالم السياسة، إذا فشلت الأحزاب الصغيرة ووجدت نفسها غير قادرة على مواجهة التحديات وصعوبات العمل السياسي وكلفته الباهظة، فليس لها سوى الاندماج والتكتل وصناعة تحالفات كبيرة كما يحدث في بلدان كثيرة في العالم..

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة