داليا الياس

آباء وأمهات (+ 30) 2-1


• اليوم نكتب للوالدين فوق الثلاثين…على إعتبار أن متوسط أعمار أطفالهم سيبدأ من السادسة في الأوضاع الطبيعية، وهو عمر الدراسة الرسمية المتعارف عليها في بلادنا! .. فهل تعرفان كيف يمضي أبناؤكم وبناتكم سحاباتهم النهارية داخل وخارج المدرسة؟!
• هل تتجاوز أبعاد إحساسكم بالمسؤولية قضايا توفير المأكل والمشرب والملبس والمذاكرة والذهاب للطبيب عند الضرورة لاقدر الله؟! هل تتفرسون فى صداقات أبنائكم وتفاصيل حياتهم اليومية فى ظل العولمة والانفتاح التكنلوجي والشاشات المضيئة التي أصبحت تطوق حياتنا؟ سأحكى لكم واقعتين من حياتى اليومية،…الأولى شهدتها وعايشتها…والثانية سمعت تفاصيلها من أفواه أبنائي الذين لم يتجاوز أكبرهم الرابعة عشرة، وسأترك لكم بعدها للأسف ذات المرارة والإحباط اللذان يغضان مضجعي الآن!! كنت أعبر الطريق عائدة نحو المنزل حوالي الرابعة عصراً، حينما إعترضنى بعض الصبية وهم يمتطون عربة (بوكس دبل كبين) فارهة) و يفحطون) بها فى شارع الإسفلت الجانبي الذى يعبر منطقة الشهيد طه الماحي) جنوب حديقة الدوحة…ومن يعرفون المنطقة سيتذكرون أن ذلكم الطريق يمر أمام قسم شرطة جبرة حيث السيادة القانونية بالمنطقة!!…. وكان الصبية من الاستهتار بمكان بحيث كادت العربه تودي بحياة رجل كهل يعبر الطريق باتجاه المسجد، الأمر الذى أثار حفيظتى وأيقظ خلايا ( الشوبار) الرابضة بأعماقي فطفقت ألاحقهم حتى أرغمتهم على التوقف وترجلت نحوهم مستفسرة عن سبب ذلك السلوك المشين والمتهور

• كانوا خمسة .. وأقسم أن أحدهم لم يترجل معتذراً»…ولا لمحت عيونهم سوى تحد سافر وجرأة بغيضة…علماً بأنهم جميعاً مابين الخامسة عشرة والسابعة عشرة .. تفوح رائحة التبغ من جنباتهم.. ويتبدو على محياهم صفات (أولاد ميكي) المكتسبة والمتعارف عليها من (سيستم) و (برمودة) و(أدينى حقنة) و (جل) وحلاقة شعر ما أنزل الله بها من سلطان.

رمقونى شذراً وأنا أحدثهم عن تحفظاتي على قيادتهم المتهورة وسلوكهم المشين، مستفسرة عن صاحب العربة وعن حملهم لرخصة قيادة -تقمصت حينها دور رجل المرور على بإعتبارى شرطية سابقة- وكان الرد الذى تفضل به زعيمهم : إنتى مالك ومالنا ؟!
ولكم أن تتخيلوا مدى شعورى بالهوان والإحراج والصدمة حتى كادت الدموع تطفر من عيني.. ولكني تمالكت نفسي .. وجن جنوني.. واستشاطت الدماء الصحفية في عروقي فطلبت منهم بهدوء مرافقتي حتى قسم الشرطة الذي تصادف أن كان على بعد خطوات لفرط وقاحتهم! * المهم بعد جدال ونقاش ارتفعت فيه أصواتهم حتى بلغت رجال الشرطة الذين هرعوا نحونا واقتادوهم للداخل ..وعند وقوفهم أمام الضابط المناوب اكتشفت أنهم مجموعة معروفة ومن معتاد يالتردد على القسم ببلاغات مختلفة، منها المشاجرات والإزعاج العام والتحرش وتدخين الممنوعات.. كل هذا وهم دون الثامنة عشرة، ولكن بلاغاً واحداً لم يتحرك في مواجهتهم لأنهم جميعاً أيضاً أبناء لرجال مرموقين وقيادات وأصحاب نفوذ وسلطة ومال.. اكتفيت بإلزامهم بكتابة تعهدات….ولكنى طلبت منهم الإحابة على سؤال واحد وأنا أحدق فى وجوههم المكسية باللامبالاة والوعيد : (هل ستخبروا ذويكم عن هذه الواقعة)؟.. التزموا الصمت جميعاً»…فنهضت من مكاني وأنا أودع الضابط المناوب وأشكره ..وخرجت وأنا أعقد المقارنات بينه وبينهم برتبته الواعدة وعمره الصغير وأسلوبه المحترم، وبين ما شهدته من تردي أخلاقي لصبية صغار لايصلحون للبر ولا لريادة المستقبل، ويبقى السؤال الذى لم أجروء على طرحه.. أين أمهات هؤلاء الأبناء؟.. قد يكن فى أحد مراكز التجميل أو في لمة جبنة عصرية.. والخلاصة أن أحد ما من الوالدين لايعرف تفاصيل هؤلاء الصبية النهارية ولا الليلية، غداً.. نحكي القصة الثانية.. ونطرح التساؤلات.

تلويح:
كان أبناؤنا أكبادنا ..فماذا أصبحوا تراهم؟!

اندياح – داليا الياس
صحيفة آخر لحظة