رأي ومقالات

كاتب كويتي:من المفارقات أن يحمل السودان لقب “سلة الخبز” فيما لا يجدوه على موائدهم


ثار العرب من أجل استرداد الحرية، فاكتشفوا مؤخراً أن خبزهم كذلك في خطر، فامتلأت شوارع دول منبع «ربيع العرب» كتونس بالمظاهرات والاحتجاجات، وكذا دول «المصب» كالأردن والسودان.
ولم تتعثر معركة الحرية والخبز فحسب، بل تهدد بعض هذه الدول وغيرها مخاطر أزمة مياه تتزايد يوماً بعد يوم، حتى في البلدان النهرية كمصر والسودان والعراق، وتتفاقم في دول كالأردن، وتشعر بها حتى الدول الخليجية التي تصرف الكثير من مواردها البترولية على تبخير وتقطير مياه البحر لجعله قابلاً للشرب والاستعمال، وهي نسبة من الناتج البترولي آخذة في الارتفاع منذ سنوات مع تزايد السكان في كل هذه الدول تقريباً.
وتثير هذه الأزمات الثلاث في مجال إدارة الدول وفي ندرة الخبز والماء، الكثير من التساؤل. فهذه المنطقة أقدم المناطق الحضارية في العالم حيث قامت أولى الدول والحضارات، ووضعت أقدم القوانين والأبجديات، واشتهرت أنهار كالنيل ودجلة والفرات عبر التاريخ. وتشير المراجع التاريخية إلى أن المصريين القدماء هم الذين فجروا الثورة الزراعية بتطوير المحراث الذي ضاعف الإنتاج الزراعي من الحبوب وغيره، واخترعوا، ربما عام 2600 قبل الميلاد.. الخبز والأفران!
لم ينتهِ عام 2017 ويبدأ العام الجديد، إلا وشوارع مدن السودان تعج بالمحتجين على غلاء الخبز، فيما تزلزلت ملامح الاستقرار في تونس في الذكرى السابعة للثورة، فوضعت المتحدثين عن نجاح «الاستثناء التونسي» في حرج كبير.
يقول تقرير إن تونس مدمنة احتجاج! فهي تشهد احتجاجات وتحركات شبابية خلال يناير وفبراير.. منذ 50 سنة! وفي كل مرة يقول الكاتب «كمال بن يونس»: «كانت الشعارات المرفوعة بين المطالبة بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية من جهة، والدعوة إلى تغيير النظام من جهة ثانية.. ومنها ثورة الخبز عام 1984، والاضطرابات التي أدت إلى سقوط حكم الرئيس زين العابدين بن علي مطلع يناير 2011».
ويضيف الكاتب أن الاحتجاجات «تبدأ شبابية سلمية ثم تتطور إلى مواجهات عنيفة تتداخل فيها الأجندات السياسية والحزبية والنقابية، وحسابات المتنافسين على السلطة من داخل مؤسسات الحكم وخارجها. وخلافاً لما حصل عام 2011، انحازت غالبية قيادات النقابات إلى الحكومة رغم تأكيدها على شرعية التظاهر السلمي». ويحذر الكاتب من «أن مشاعر القلق والحيرة والخوف لا تشمل الشباب العاطل عن العمل وحده، بل انتشرت كذلك بين النخب السياسية والخبراء الاقتصاديين والجامعيين والمسؤولين الحاليين والسابقين عن كبرى المؤسسات المالية». ويحذر هؤلاء من أن الاقتصاد التونسي لن يتحمل صدمة خارجية جديدة، وبخاصة أنها تستورد نصف حاجاتها من المحروقات، وأن ارتفاع أسعارها في السوق العالمية بسرعة من نحو 50 إلى 70 دولاراً، أثر سلباً على الميزانية، وعلى الميزان التجاري. ولحسن حظ تونس انفرجت الأزمة السياحية، واستؤنفت الرحلات السياحية بعد تعطل طال ثلاث سنوات، كما تكشف المؤشرات الاقتصادية عن تحسن ملموس في مداخيل الدولة في مجال الصادرات والاستثمار. «الشرق الأوسط 13ـ1ـ2018».
وكانت الصحيفة قد نشرت في تقرير سابق 6-1-2018 «خريطة دعم الخبز في العالم العربي»، أشارت فيها إلى معاناة البلدان العربية بين الضغوط المالية والاقتصادية وبين تهديد المظاهرات لاستقرارها. وترتبط تونس مثلاً باتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي أبرمته في 2016 بقيمة 2.8 مليار دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية في البلاد. وأعلنت الحكومة نيتها تثبيت أسعار الخبز والحليب والسكر وغيره خلال العام الحالي، غير أنه، بحسب تصريحات حكومية «فإن نحو 80% من الدعم لا يذهب لمستحقيه، ويقول خبراء إن جزءاً من الخبز المدعم يوجه لتغذية الأبقار والأغنام في ظل ارتفاع سعر العلف. وكشفت تحقيقات عن خروقات كثيرة في توجيه المواد الغذائية المدعمة نحو استعمالات أخرى من بينها المطاعم والفنادق السياحية الضخمة وصناعة المرطبات التي تستفيد من السكر المدعوم!.
ويعتمد السودان على استيراد نسبة مهمة من احتياجاته من القمح، مما يجعل تكلفة الخبز عرضة للتأثر بتذبذبات العملة المحلية أمام الدولار. ويقترح البعض خلط الذرة بالقمح للسيطرة على أسعار الخبز في ظل ارتفاع أسعار الطحين. وكانت السودان قد تعاقدت مع روسيا عام 2015 لاستيراد مصانع أو مطاحن تنتج الخبز المخلوط بالذرة، لكن المشروع لم يتم.
ومن المفارقات العربية أن تحمل السودان لقب «سلة الخبز» فيما لا يجده الناس على موائدهم! رغم أن السودان كان قد خصص مليار دولار لزراعة القمح والذرة الشامية ضمن «المشروع الزراعي القومي البستاني» في ولاية نهر النيل شمالي البلاد.
وقد أعلن أصحاب المخابز بالخرطوم أنهم تسلموا عبوات طحين سعة 50 كيلوجراماً بسعر 440 جنيهاً للعبوة، بعد أن كان السعر 170 جنيهاً، وهو ما سيؤدي لمضاعفة أسعار الخبز. وقد انتج السودان في 2017 نحو 445 ألف طن من القمح واستورد مليوني طن.
ويعتزم الأردن رفع الدعم عن الخبز خلال 2018، مع تقديم دعم نقدي للفئات المستحقة، حيث سيتضاعف سعر الخبز. ويكلف دعم الخبز الخزينة الأردنية نحو 197 مليون دولار، حيث يعتمد نصف السكان، أكثر من خمسة ملايين نسمة من أصل عشرة ملايين على الخبز المدعوم.
وحافظت مصر على سعر رغيف الخبز المدعم منذ عقود، لكن الحكومة تعتزم تطبيق عدد من الإجراءات لترشيد الإنفاق. وتقول الصحيفة في تقريرها أن مصر «كانت تنتج الخبز المدعم دون أي ضوابط وهو ما تسبب في تسرب نسبة كبيرة من هذا الخبز إلى تغذية الحيوانات علاوة على تهريب الدقيق المدعم في ظل فارق السعر». وقد عدلت الحكومة المصرية إلى تغذية الحيوانات علاوة على تهريب الدقيق المدعم في ظل فارق السعر». وقد عدلت الحكومة المصرية سياسة دعم الخبز عام 2014، وبدأت توزع الخبز من خلال «بطاقات ذكية»، وحددت لكل فرد نصيباً من الدعم يقدر بخمسة أرغفة في اليوم. ويقدر عدد المصريين المشتركين في «منظومة التأمين» بنحو 69 مليون مواطن من خلال أكثر من عشرين مليون بطاقة تموين.
والخبز في الكويت يحظى بدعم الحكومة للدقيق، ولا أعرف حجم استغلال هذا الدعم، ولكنك تجد أحياناً كثيرة أكياساً من الخبز في مواقع البناء والمساكن وغيرها لم يؤكل منها إلا القليل، وربما كان البعض يقدم الخبز للحيوانات في المزارع وغيرها، وربما تستفيد المطاعم والفنادق من الدعم الحكومي.. وربما أشياء أخرى!.

بقلم:
خليل علي حيدر
العربية نت.


‫3 تعليقات

  1. لك التحية والاحترام تحليل صحيح وكلام صاح هذه هي الحقيقة المرّه

  2. كلام منطقي واستفزازي هل يعقل ان سله غذاء العالم وشعبه يعاني من اجل الحصول علي الغذاء وهل يعقل ان بلد فيها مشاريع اجنبيه تنتج القمح ويصدر لدوله جاره وشعبها يعاني هذه سياسات تخبطيه الهدف منها اذلال الشعب السوداني

  3. في الكويت ماشاء الله الدينار الكويتي يساوي 3 دولار! بلد رخاء وحكومة راشدة متزنة و دولة متقدمة جدا وتعتبر واحدة من اغني الدول في العالم والسبب هو التخطيط السليم والتطبيق الصارم للقانون والتشريعات فلا يوجد فساد ومحسوبية وفوضئ والوجود الاجنبي فيها محكوم بقوانين صارمة فلا يوجد فيها فوضى وعبث..
    اما بلدنا هذه فقد حبانا الله بمقومات اكبر واكثر من مقومات دول الخليج مجتمعة فدول الخليج تمتلك فقط النفط والسودان كان يمتلك النفط والاراضي الزراعية والماء ولكن سوء ادارة الحكومة وضعفها وفسادها قد دمر البلد فاصبحنا دولة يضرب بها المثل في التخلف والفقر والفشل والفساد بينما اصبحو يضرب بهم المثل في التطور والاقتصاد والعيش الكريم..