صلاح حبيب

معلم اسمه أبو بكر سرور!!


فى ستينات القرن الماضي أسس الأستاذ الراحل أبو بكر محمد سرور مدارس المهدية للبنين والبنات، كانت المدارس ضمن التعليم الأهلي عندما كان التعليم الحكومي محدوداً، والمدارس الحكومية لا تستوعب الكم الهائل من التلاميذ، ليس لأنهم ضعاف فى التحصيل، ولكن أحيانا درجة ودرجتين تخرج بالطالب من المنافسة، ولذلك فإن الحادبين على مصلحة التعليم أمثال الأستاذ أبو بكر سرور اتجهوا إلى هذا النوع من التعليم لرفع مقدرات التلاميذ، وبالفعل أسس تلك المدارس من أجل التعليم وليس الربح كما هو الحال الآن ..كانت المصاريف الدراسية لا تتجاوز الخمسة أو الستة جنيهات تقريباً، رغم أنها عصية على بعض الأسر، ولكن كانت فاتحة خير ليتعلم التلاميذ وربما أحيانا يتنازل عنها الأستاذ أبو بكر إذا علم أن أسرة التلميذ لم تستطع الدفع، المدرسة كانت قمة من حيث الانضباط والسلوك، كان الباب يغلق وكل من تأخر يعرِّض نفسه للعقوبة القاسية، الأستاذ أبو بكر كان مديراً للمدرسة، ولكن لم يكن دكتاتوراً أو منفرداً برأيه، فقد وضع على رأس المدرسة أستاذاً فاضلاً يدعى الطيب، وهو المسؤول عن إدارتها، رغم أن شقيقه الراحل عباس سرور كان من أميز الأساتذة فى مادة التاريخ وفي ضبط المدرسة، ولكن الطيب هو المسؤول الأول، فيها لم يتدخل أستاذ أبو بكر في شؤون السيد المدير، فقد كانت المدرسة (زي الساعة) من حيث الانضباط والسلوك، وقتها لم يعرف التلاميذ الأفكار السياسية أمثال الحزب الشيوعي أو الناصري أو الأخوان المسلمين، رغم نضوج التلاميذ فى تلك السن المبكرة، إذ لم يتجاوزا الثانية عشرة من عمرهم، ولكن كانوا فى حالة وعي كامل بما يجري بالساحة السياسية، فمن الفوائد التي قدمها الأستاذ أبو بكر سرور، لذاك الجيل الصلاة في جماعة خاصة صلاة الظهر، فكانت المدرسة جميعها تصطف للصلاة، ومن لم يكن فى صف الصلاة يعرض نفسه للضرب، ولذلك كان بعض التلاميذ المشاغبين حينما يمر الأستاذ بالسوط عليهم تجدهم يدخلون إلى الصف بدون وضوء، ورغم أنه سلوك سيء، ولكن معظم من تخرج من تلك المؤسسة التعليمية الرائدة لا أظنه لا يؤدي صلاته، وإن كان وقتها يؤديها خوفاً من العقاب، ولكن أستاذ أبو بكر سرور زرع بذرة طيبة فى تلاميذه أفادتهم في مستقبل حياتهم، والآن عدد كبير من الذين تخرجوا من مدارس المهدية أطباء وصيادلة وسفراء ومهندسين ورجال أعمال وغيرها من المهن المختلفة التي برعوا فيها، وكل ذلك الفضل يرجع إلى المؤسس الأول، وإلى الأستاذة الذين غرسوا زرعاً أثمر هؤلاء الرجال، ومن أمثال أولئك الأساتذة عبد الرحمن أحمد الحاج، والراحل عباس سرور، والأستاذ أحمد البشير الذي التقطته الكلية الحربية، والأستاذ الفادني والأستاذ الهادي أستاذ اللغة الإنجليزية والأستاذ عبد العزيز أستاذ اللغة الانجليزية، والأستاذ الكناني وحيمور ومحمود محمد برعي المصري أستاذ العلوم، وغيرهم من الأساتذة الأفاضل الذين خلقوا جيلاً مميزاً من التلاميذ، وربما العلاقة بين أولئك التلاميذ والأساتذة الأحياء منهم على درجة عالية من الحميمية، وهناك لقاء يتم دورياً بينهم وبين أولئك الأساتذة، وهناك قروبات أُنشئت وهي من أفضل القروبات الآن، بل هنالك تزاور ولقاءات اجتماعية تتم بينهم الآن، وهذا يرجع إلى المعدن الأصلي الذي أقامه الراحل أبو بكر سرور، ألا رحمة الله عليه وعلى ماقدمه من معروف لأولئك التلاميذ الذين رفعوا اسمه واسم مؤسسته فى كل الأماكن التى يعملون فيها .

صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي