رأي ومقالات

لينا يعقوب: هل “سمعت بصحفي بشكّر جهاز الأمن؟!”


الجهاز، نظرة عن قرب (1)

سألني أحد الزملاء، لِمَ لم تكتبي عن “تعيين قوش وإعفاء عطا” مثل الآخرين؟

قبل أن أجيب، طرح سؤالاً آخر: “بلا شك، تشعرين بتقدير تجاه عطا لأنك أجريت حواراً معه؟”.

قلت: نعم، أكنُّ له تقديراً وامتناناً كبيراً، كما لا أُخفي وجود قناعات ومبادئ مختلفة، بيننا كمؤسسات صحافة ومنظومة أمن.

ويسأل: هناك سوالب، لكن هل تَسْتَحينَ من ذِكر الإيجابيات؟

فأرد: “سمعت بصحفي بشكّر الأمن؟!”.

ويتحدث زميلي مرةً أخرى: “جهاز الأمن اختلف عن السابق، ثمة ما تغير رغم استمرار التضييق والمصادرة والاعتقال، لكن لا أدري ما هو؟”.
عادت بي الذاكرة إلى الوراء، أحببت أن أكتب، ما سردته له.

حينما التحقت بجامعة الخرطوم سبتمبر 2003، قادمة من الإمارات، كانت الأشياء ما تزال غامضة ومبعثرة، باستثناء شيء اسمه “ناس الأمن” أو “الأمنجية” فقد عرفتهم بسرعة.
وظيفة “الحرس” كانت وقتها تُعطى لهم، وهي وظيفة تمنح سلطة التآمر ومنع الدخول، وممارسة شيء من الإذلال، كانوا يتفحصون البطاقة بطريقة أقرب للبلاهة، وكأنهم منتقون بعناية.
ثم تجد من يراقبك عن بعد دون أن يرمش له جفن، فتسأل: لماذا يبحلق ذلك الشخص فينا؟ فتأتيك الإجابة سريعاً: “ده أمنجي”.

كُنت بعيدة عن السياسة، لكني تقرّبت إليها عبر الاستماع “لأركان النقاش”، حفظت أسماء الأحزاب فقط، وأذكر أنه لم يشدني ركن، سوى المتعلق “بحزب البعث”.

في الأركان كانت أشكالهم واضحة، يعتقدون أنهم يخبئون أنفسهم بينما هم مكشوفون.

كان “الأمنجي” حينها هو شخص بعيد عن اللباقة، فتان، صاحب دسائس ومؤامرات، يشي بزملائه، والزمالة هنا قد لا تعني الدراسة إنما زمالة المكان.

كما أنهم أيضاً أولئك الذين يرمون “البمبان”، ويعتقلون الطلاب ما إن تعلو أصواتهم.

في المستوى الثالث، التقيت بالأخ الصديق حذيفة الكباشي، تجاذبنا أطراف الحديث، وقبل أن أستأذنه بالمغادرة للحاق بمجموعة من الصديقات، ناهد وفاطمة وآلاء وهلا و….

سألني حذيفة: هلا دي منو؟

أجبته: هلا بكري.

وحذيفة هو ابن السفير إبراهيم الكباشي، محبوب ونادرٌ على طريقته، مليء بحس الفكاهة والاستهزاء وأيضاً الفلسفة.

أما هلا، كانت تشد الزميلات بتهذيبها وأخلاقها الرفيعة، ومن القلائل التي لا تغادر الابتسامة وجهها، ولا ينطق لسانها إلا خيراً.

قال لي “أهااا.. دي بنت بكري حسن صالح؟!”.

رددت عليه: “ما عارفة.. بكري حسن صالح ده منو؟”.

بدت علامات التعجب على حذيقة، أبلغني أنها ابنة وزير رئاسة الجمهورية.

لم أتفاعل مع المعلومة، لم تكن تعنيني في شيء، نسيت اسمه بسرعة، ولم أستحضره إلا بعد دخولي الصحافة.

ابتعدت عن حذيفة خطوات، سمعته ينادي من البعد: لينا.. التفتُّ إليه، فسأل بصوت عالٍ: أحلفي إنك ما بتعرفيه؟

قلت: والله أول مرة أسمع باسمه.. ثم تركته وذهبت.

صِدقاً، حينها لم أكن أعرف شيئاً سوى “جهاز الأمن”، وثلاثة من الساسة.. عمر البشير، علي عثمان وجون قرنق!

نواصل

لينا يعقوب


تعليق واحد

  1. دة شنو أسه
    والهدف شنو
    نشر معلومات شخصية يعني من الإمارات بالله
    يا ناس أكتبوا شي قدر تحديات المرحلة