تحقيقات وتقارير

بعد تحريرهم من قبضة العصابات الليبية السودانيون المفرج عنهم.. من تعذيب العصابات إلى عذابات الإهمال


أوضاع مأساوية يعيشها الشباب السودانيون الذين تم تحريرهم من قبضة العصابات الليبية قبل شهر ونيف، إذ انقطعت اتصالاتهم مع السفارة السودانية في ليبيا، وتم وضعهم في معسكر للجيش الليبي بمدنية سرت الليبية مع معاناة كبيرة في توفير الأكل والشراب. الأنكى أن مصيرهم بات مجهولاً ولا يعرفون إلى أين سيذهبون، وكم من الزمن سيبقون في هذا المعسكر.

1

قبل شهر ونيف تقريباً، ضجت وسائل الإعلام بخبر احتجاز عصابات ليبية ثمانية شباب سودانيين وتعذيبهم بغية الحصول على فدية مالية من أجل إطلاق سراحهم، قبل أن تتمكن الجهات المعنية من تحريرهم من براثن العصابة، ونقلهم لتلقي العلاج بمستشفى سرت الليبية.

بيد أن ذات العذاب الذي وجدوه من قبل العصابة، كان في استقبالهم مرة أخرى، إذ تم نقلهم بعد خروجهم من المستشفى إلى معسكر يتبع للجيش الليبي، وذلك منذ أكثر من 20 يوماً، وهو معسكر تنعدم به الخدمات الصحية والغذائية، بينما لا يزال بعض منهم يعاني من تأثيرات صحية منذ أيام الاعتقال والتعذيب.

فوق ذلك انقطع اتصالهم مع سفارة السودان بطرابلس وأصبح مصيرهم مجهولاً لا يدرون إلى أين يذهبون ومتى يخرجون من المعسكر، ومتى يتم نقلهم إلى الخرطوم. بل قالوا إن السفير عثمان الفكي لم يزرهم منذ تحريرهم من يد العصابة، وخاطبوا عبر (الصيحة) الجهات المختصة بغرض الإسراع في إخراجهم من المعسكر وإعادتهم للخرطوم.

2

عبد الماجد بادي، أحد الشباب الذين يعانون من الويلات ينحدر من منطقة الليري بولاية جنوب كردفان يقول لـ(الصيحة): تم وضعنا في معسكر يتبع للجيش الليبي بمنطقة سرت عقب خروجنا من المستشفى، مضيفاً أن لهم مدة بالمعسكر لا يدرون إلى أين المصير (وما فاهمين أي حاجة)، وأردف: (نحن 8 شباب لا ندري إلى أين نتجه، ولا نعلم متى نخرج من المعتقل). وحول التواصل مع أسرهم يقول عبد الماجد، نحن نتواصل مع الأسر بشكل متقطع، وهم يسألون عن أوان عودتنا ونحن لا ندري متى نخرج من المعسكر، ويضيف: جزء منا يسكن الخرطوم والبعض من كردفان ودارفور وجزء من ولاية الجزيرة.

3

ينفي عبد الماجد بادي أن يكون لهم انتماء سياسي أو تبعية للحركات المسلحة، ويقول: نحن عمال، ذهبنا إلى ليبيا بحثاً عن لقمة عيش كريمة.

وحول الأوضاع المعيشية داخل المعسكر الذي يقطنون به يقول (الأكل دا خلي بالنيه)، نحن نتناول وجبتين في اليوم، (مكرونة نتناولها حوالي الثانية ظهراً وفي المساء كذلك).

4

عبد المنعم التلب أحد ابناء دارفور، يقول لـ(الصيحة): أوضاعنا الصحية لم تكتمل على نحو تام، وبعضنا لا يزال يتلقى العلاج عبر تنظيف جروحهم بشكل دوري.قائلاً: (المؤسف أننا وضعنا في معسكر جيش بمدنية سرت الليبية)، نافياً تعرضهم للتعذيب مرة أخرى داخل المعسكر أو قيامهم بأعمال شاقة، بيد أنه شكا إهمال سفارة السودان بليبيا لأوضاعهم. مضيفاً: (نحن كل ما نريده أن نذهب إلى أسرنا وأن يتم إيجاد مخرج لنا من هذه المنطقة).

5

نعود بالحديث لعبد الماجد بادي، وهو أكبر الشباب سناً حيث يقول بشيء من الحزن إن سفارة السودان بطرابلس لم تهتم بأمرهم، وقال: السفير لم يزرنا مطلقاً منذ تحريرنا من يد العصابات، وحتى بعد نقلنا للمستشفى لم يزرنا السفير. ويضيف بالقول: بعض الشباب لم يتعافوا حتى الآن من الإصابات، وبعضهم ما زال يقوم بتغيير ونظافة الجروح بشكل يومي.

ومضى بالقول: الشباب يحتاجون لعناية صحية وبعضهم يحتاج للعودة إلى المستشفى مرة أخرى، وقال إن شخصاً ما قام بتكاليف العلاج، ويشرف عليهم بالمعسكر في الوقت الحالي. ناقلاً حالة القلق التي تسودهم بشأن مستقبلهم، وهم يفكرون في العودة إلى الوطن بانتظار أن تقوم السفارة بترتيب أوضاعهم، مضيفاً (نحن قاعدين في المعسكر وما في زول بقول لينا كلام مقنع حتى هذه اللحظة ونحن عاوزين نعرف الحاصل لينا شنو؟).

6

يس إسماعيل أحد الشباب المفرج عنهم يعاني من أوضاع صحية سيئة يقول لـ(الصيحة): من الناحية الصحية (نحن تعبانين شديد)، ونعاني من سوء التغذية وبعضنا يعاني من آلام داخلية، وأضاف: نحن بحاجة عاجلة لكشف وفحوصات كاملة. ثم قال بنبرة حزينة (المشكلة ما في زول شغال بينا حتى السفير لم يزرنا ولو مرة واحدة)، ومضى قائلاً (الفطور عندنا الساعة 2 ظهراً وعبارة عن مكرونة بملح والمساء تحديداً عن 8 مساء نتناول شعيرية كوجبه ثانية، وهذا الوضع مستمر منذ عشرين يوماً، وقال: (والله محتاجين تغذية أنا بالتحديد أعاني من جفاف حاد وسوء تغذية خاصة وإنني قضيت في يد العصابة عشرين يوماً من التعذيب. وختم يس قائلاً: خرجنا من المستشفى يوم 29 يناير ونقلنا إلى المعسكر العسكري، ونحن (ما عارفين موقعنا من الإعراب شنو).

7

شكوى الشباب السودانيين الموجودين بليبيا نقلتها (الصيحة) لسفير السودان بطرابلس عثمان الفكي والذي استنطقته حولها فقال: (اتصالاتنا تفيد بعكس ما ذكرته عن معاناة الشباب السودانيين الثمانية) مضيفاً: (لكن سنتحقق من الأمر).

وحول وضع الشباب بمعسكر يتبع للجيش الليبي يقول السفير الفكي إن بقاءهم في ليبيا من أجل استكمال الإجراءات القانونية ذلك أن أقوالهم مهمة لتقديم الجناة للمحكمة، وغيابهم يعني شطب القضية. ويضيف: الصبر قليلاً على شظف العيش في المعسكر خير من ضياع حقوقهم المتمثلة في إدانة المجرمين والاقتصاص منهم .

الصيحة.