الصادق الرزيقي

إرادة للحسم ..


لو فهمنا جيداً ما قيل بالأمس في حفل تخريج الحاصلين على الدرجات العلمية بالأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، من السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء،

والمدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، لأدركنا بسهولة أن مرحلة جديدة يجري تدشينها، خاصة في تقوية إرادة الدولة وتشديد عزمها على الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد وضرب المفسدين والمخرّبين و المتلاعبين باقتصاد الدولة وقوت الشعب المسكين ..
> رئيس الوزراء قدّم حديثاً في إطاره العام ما يعزز قدرة الدولة في بناء مؤسساتها وتثبيت دعائمها ومحاربة التهريب والتجارة في البشر والمخدرات والإرهاب وغيرها من القضايا ،التي تشغل بال الدولة وتستنزف جهدها ومواردها، غير أن الفريق أول صلاح قوش ، كشف في حديثه بالاحتفال عن أولوياته وما هو مصمم عليه وقدرة الجهاز في التصدي للفساد والمفسدين والمخرّبين وقال بصريح العبارة
> ((جهاز الأمن سيوظف كل إمكانياته البشرية والمادية لحماية أمن و استقرار البلاد وصون معاش الناس من أن تطاله يد العابثين والجشعين والمخرّبين الذين يعملون في المضاربة بقوت الشعب وتهريب السلع ومنتجاتنا وثرواتنا ويسعون لإضعاف العملة الوطنية والنيل من سمعة الجهاز المصرفي، و أن الجهاز سيتصدى بقوة وحزم لكل من يعبث بمقدرات البلاد ومقوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والوقوف في وجه كل من يحاول أن يعبث بالنظم الإدارية للدولة ويشوه دولاب العمل المدني..))

> هذا الخطاب الصريح والواضح المباشر ، كان الجميع في حاجة إليه ترافقه إرادة سياسية قوية في محاربة الفساد والمفسدين ، ولو لم تقع الفأس في الرأس لما شعر الجميع بأننا نواجه خطراً ماحقاً تخطى كل حدود تجاوز جميع الاسوار ، حتى باتت بلادنا على شفا جرف هار ، لولا تداركها الله بفضله وعجّلت الحكومة بإجراءات اقتصادية حاسمة ، و أطلقت يد الأجهزة الأمنية لضبط كل المضاربين والعابثين بالاقتصاد الوطني ..
> يتوقع المواطن أن يرى الحكومة وجهاز الأمن في مواجهة أفعى السوق المتوحشة هذه وأن يتبع رأسها الذنبا ، وأن لا تتوقف الحكومة عند الأقوال ، فالأفعال هي المطلوبة في هذه اللحظة بلا تهاون أو تفريط ، فإذا كانت الرؤية واضحة والهدف معلن وموضع الخلل معلوم ، يجب التحرك فوراً ووضع الأمور في نصابها وضبط إيقاع الدولة وتخليصها من ورم دمامل الفساد والمفسدين و استئصال ورم العبث والمضاربة .
> لقد آن الأوان أن تتحرك كل أجهزة الدولة معاً ، فما يقوم به جهاز الأمن أو الشرطة ومكافحة التهريب بقية الأجهزة والقوات النظامية لا يكفي ، فهي قد تضبط وتقبض وتعتقل وتوفر البينات والشواهد ، لابد من فرض هيبة الدولة وسلطانها بالقانون ، لابد من الزواجر والروادع ، واتخاذ سياسات واضحة تبعد المحسوبية والاحتكار وتقلل من التجاوزات ، فإعمال سلطة القانون وسيادة حكمه وتحقيق العدالة بشكل ناجز هو ما نحتاجه اليوم وما ينبغي تطبيقه على الفور..

> لقد استأسد السوق على الحكومة في الفترات الماضية ، وما السوق إلا تحالف من داخل ( الصندوق ) مع المضاربين والتجار وهو ما يتطلب مواجهة شجاعة وعزيمة قوية ، وهو المطلوب الآن ، لقد ظهر جلياً أن كثيراً من الممارسات التي أقعدت بالاقتصاد وكادت أن تدمّر البلاد سببها جشع البعض وهوان البلاد عليهم وتفكيرهم في ذواتهم الفانية وتعاظم الشره والجشع في نفوسهم ،وغلواء الطمع التي تملّكتهم واستحوذت على تفكيرهم وسلوكهم ، يضاف إلى ذلك أن قدرة الدولة لم تكن قوية بما يكفي لمجابهة كل أشكال الفساد والتخريب المتعمد والمقصود للاقتصاد ، هذه الفرصة التي لاحت اليوم يجب أن لا تفوت وأن لا يتم التقاعس عنها ..

> شيء آخر متعلق بالعلاقات مع دول الجوار وكيفية تحقيق الاستقرار في الإقليم وما طرحه السيد المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ، وكيفية تحقيق المنافع والمصالح المشتركة في منظومة واحدة، فهو موضوع في حاجة إلى نقاش أعمق وتدقيق في هذه المسائل المعقدة التي تتفاوت درجات التعامل معها، بين تغليب المصالح وجلبها وتجنّب الوقوع في المزالق والأفخاخ التي تنصب بعناية فائقة ..

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة