مقالات متنوعة

وبعد أن يجف السنام


شدَد وزير الدولة بوزارة المالية عبد الرحمن ضرار، في تصريحات بالبرلمان أمس الأول على عدم تراجع الدولة عن سياسة التحرير، مستبعداً أي اتجاه لمراجعة موازنة الدولة المالية للعام ۲۰۱۸ م، ونفى علمهم بتشكيل البرلمان
لجنة لمراجعة الموازنة بعد إجازتها، ونبه الى توجيه رئاسي بتخفيض الانفاق الحكومي وتقليص البعثات الدبلوماسية بنسبة ۳۰ ٪ دون إغلاق السفارات.
وأقر الوزير بوجود مشاكل اقتصادية، إلا أنه وصف الوضع بالمستقر، وكشف عن تدفق عملات اجنبية من مدخرات المغتربين بالبنوك التجارية، وإجراء تحويلات مالية لاستيراد سلع مهمة لمدة عام.
كلام مجاني والسلام، وقبله لا زال صدى حديث المكي مدير السياسات بذات الوزارة وهو يصف الوضع الاقتصادي بالمستقر، وأن متوسط دخل الفرد ۱٦۰۰ دولار، وهو الحديث الذي أدخل الشعب السوداني في حالة من السخرية لم تتوقف ليومنا هذا. فلتُبقي وزارة المالية على موازنتها وميزانيتها الكارثية طالما أنها صرحت بذلك علنا ودون حياء، إذن فلتستعد الوزارة بحكومتها كاملة وقصرها المنيف في إيجاد وسيلة قوية جديدة ومبتكرة لمجابهة التحديات التي ستواجهها نظير ذلك.

سياسات الحكومة التي عطلت الانتاج وجففت منابعه وأفقرت المواطن لن تكون عاصما لوزير المالية ولا برلمانه الصائم النائم عن غضبة الشارع بعد أن تنتفي كافة أسباب صمته التي يعتبرها النظام أنه تمكن منها ووأدها في
مهدها، والواضح أن ما يراه ماهو إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة، فالمواطن الصامت اليوم رغم الزيادات المهولة، أشبه بالجمل الذي لا زال يأكل ويشرب من سنامه، وقالتها إحدى الخالات الحكيمات قبل أيام أثناء احتجاجات نسوة
في مناسبة اجتماعية على صمت الرجال وعدم الخروج للشارع رغم الغلاء الطاحن وعدم المقدرة على شراء ابسط المستلزمات الحياتية، بقولها:
(أصبرن يا بناتي الرجال لسه ما جاعوا، ولسه عندهم باقي قريشات، أول ما تكمل مافي شيء تاني بيوقفهم، لا بمبان ولا رصاص، والراجل حقنا كلو ولا عدم القرش، بخدش رجولته وبحس انه ما عنده لازمه في البيت، دحين
أصبرن عليهم وشوفن بعد داك).

وأضم صوتي لصوت السيدة الحكيمة بأن السوداني لم يهزمه الخوف من الجلاد، ولا كما يردد أرباب النظام الخوف من عدم استقرار البلاد، والمرأة السودانية معروفة بقوة عزيمتها واعتزازها بنفسها وكرامتها، ولن تقبل الظلم اياً كان نوعه، وقريباً جداً سنرى كنداكات بلادي ومهيرات الحاضر والمستقبل وهن يقدن حملات الرفض ضد سياسات نظام مكي وضرار والركابي، وتفنيد مبرراتهم وتطميناتهم المبثوثة بأن الوضع الاقتصادي مستقر، ولعل ما شاهدناه في الأربع مسيرات السابقة أكبر محفز للآخريات للسير في ذات الطريق.
عدم استقرار الوضع الاقتصادي الذي تبني عليه الحكومة آمالها سيدحضه نفاذ المخزون الاستراتيجي، وعودة السيولة للبنوك والتي بدورها ستؤدي لارتفاع الدولار مجدداً ودون ذلك (إقتصاد الندرة)، لأن كافة السياسات التي يقومون بها مجرد مسكنات ستنتهي بانتهاء مدتها، وسيعود الوجع مرة أخرى أشدَ وأقوى من ذي قبل.

على الحكومة الاعتراف بأن ما تقوم به لن يعيد الأسعار الى ما كانت عليه، ولن يكبح جماح الدولار حتى وإن سيطرت عليه الى حين، فغياب الإنتاج، سبب رئيسي في هذا الحال وما ينتظر البلاد في ظل بقاء هذا النظام سيطال
كافة السودانيين والأجانب ولن يسلم منه إلا (القطط السمان) التي ننتظر عودة قوش لمحاربتها واستعادة ما هضمته من حقوق الشعب، كما قالت الأخبار الواردة من القصر حتى تعود للبلاد عافيتها.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة