تحقيقات وتقارير

أقر بضعف حكومة الوفاق د. فيصل إبراهيم يضع “العُقدة” تحت “المِنشار”


اعترف مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، د. فيصل حسن إبراهيم، في أول حديث له لوسائل الإعلام بأن حكومة الوفاق الوطني تعاني ضعفاً واضحاً. وقال (لو قلتم إن الحكومة تعاني ضعفًا لصدقتم، وزاد إن الجواب يكفيك عنوانه).

غير أن د. فيصل التمس العذر لحكومة الوفاق بقوله إن الضعف الذي تعاني بسببه إن من بين وزرائها وزراء جدد يتلمسون الخطى، ويعمل بمستوى متقدم ما يجعل الوقت لا يزال مبكراً بالنظر إلى عمرها الذي لم يتجاوز التسعة أشهر، موضحاً أن هذه الفترة قد لا تكون كافية للحكم على أدائها ومحاكمتها بهذه الصورة.

غير أن فيصل في حديثه للصحافيين أظهر عدم رضا رئاسة الحزب والدولة عن أداء بعض الوزراء ما أدى لبروز اتجاه قوي لإجراء تعديل محدود على مستوى الدولة والحزب يشمل وجوهاً بعينها حتى على مستوى الأحزاب المشاركة، منبهاً إلى أنه حتى اللحظة لم تتم مناقشة هذا التعديل الذي هو من اختصاص رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.

بمعايير

اعتبر مراقبون حديث مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس الحزب الحاكم د. فيصل في أول ظهور إعلامي له بضرورة التعديل بأنه ضربة قوية تجعل كل المسؤولين في الدولة والحزب يترقبون ما سيؤول إليه الحراك التنظيمي الجاري داخل الحزب الحاكم، وارتدادات زلزال التغييرات التي طالت كثيراً من المواقع في الدولة خاصة جهاز الأمن والمخابرات.

أمور تشيء بأن الأيام القادمة ستشهد أول تعديل وزاري في حكومة الوفاق الوطني التي يقودها الوطني بسبب وجود ضعف في أداء بعض وزرائها ما أدى لظهور سلبيات ومثالب خلال الأشهر المنصرمة أثرت على المناخ العام سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.

ويرى المراقبون أن هذا التغيير بداية مرحلة جديدة تؤسس لسياسة تعتمد مبدأ ربط المسؤولية في الدولة والحزب بالمحاسبة كخيار للمرحلة القادمة وتجربتها الإصلاحية لإيجاد حلول ناجعة وفعالة للقضايا الاقتصادية التي تشكل محور اهتمام المواطنين،

واشترط البعض نجاح هذا التعديل لتكون نتائجه إيجابية بعدم خضوعه للأهواء والاعتبارات السياسية أو الحزبية الضيقة أو الخضوع لضغوط بعض الأطراف لقبول وجوه بعينها في الوزارة دون أسباب مقنعة.

متأثرون

تقول التوقعات الرائجة في الساحة إن طاقم القطاع الاقتصادي وكذلك القطاع الإعلامي في الحزب والدولة من أكثر المواقع التي ستطالعها التغييرات ولا سيما بعد الشكاوى المتكررة من ضعف الجانب الإعلامي في الدولة وعجزه عن مواكبة إيقاع الأحداث في الساحة وفشله في التصدي للهجمة الإعلامية في ظل التوتر الذي صاحب إقرار موازنة العام 2018.

أما القطاع الاقتصادي فواجه انتقادات كثيرة بعد فشله في إدارة الأزمة التي صاحبت ذات الموازنة، وكادت أن تنتهى بانهيار اقتصادي لا تزال آثاره باقية.

تعويض

قال المحلل السياسي بروفيسور حسن الساعوري إن حديث نائب رئيس الحزب الحاكم يعد بمثابة اعتراف صريح بأن الحكومة ضعيفة، وهذا يجعلنا نتساءل هل هذا الضعف نتيجة لضعف السياسات.

ثم رد الساعوري على تساؤله بالقول إن الضعف عائد إلى الأشخاص، مضيفاً أن هناك وزراء أداؤهم ضعيف لكن دون أن يوضح مكمن هذا الضعف.

مردفاً أن هناك ثلاثة مؤشرات للضعف، إما أن يكون في المؤهل العلمي أو عدم القدرة على التخطيط أو عدم القدرة في تنفيذ ما هو مخطط له.

وأضاف الساعوري في حديثه لـ (الصيحة) أن المصيبة لو كان هؤلاء الوزراء الذين أشار إليهم د. فيصل ولم يكشف أنهم ضعاف في الجوانب الثلاثة (المؤهل والقدرة على التخطيط والتنفيذ).

موضحاً أن أحاديث د. فيصل تشمل وزراء حزبه ووزراء الأحزاب المشاركة في الحكومة ذاهباً إلى أن على الوطني إسناد الوزراء الضعاف بعمل وجهد من داخل أماناته المختصة عبر التخطيط ومساعدته في التنفيذ.

بيد أن الساعوري أشار إلى أن أمانات الوطني لا تعمل بدليل وجود وزراء ضعاف، وهنا تبقى مشكلة الضعف ليست في الأشخاص وحدهم وإنما تتعداهم للمؤسسات الحزبية التي ظهر ضعفها في عجزها عن المساندة. مؤكداً أن معالجة مشكلة الضعف لا يكفي فيها تغيير الأشخاص وإنما هناك حاجة لتفعيل أمانات الحزب حتى تعوض ضعف الشخوص.

حال المشاركين

بالعودة للوزراء من الأحزاب الأخرى ـ والحديث للساعوري ـ نجد أن هناك وزراء في حالة من الضعف ومؤهلات لا تمكنهم من تولي منصب وزير بجانب أن خبراتهم السياسية قليلة، وبالتالي لا يستطيعون التخطيط وغير قادرين على تنفيذ البرامج والمهام الموكلة إليهم.

ونبه الساعوري إلى أن الحل يكمن في أن يقدم الحزب المشارك عدداً من الأسماء للاختيار من بينها من هو مؤهل وله خبرة لتولي المنصب مع تجنب الاختيارات العشوائية والقائمة على أجندات خاصة.

في الانتظار

مشدداً على أن القضية والمعضلة الأكبر لا تكمن في ضعف الشخصيات فقط، وإنما هي في السياسات التي تتبع في تنفيذ الخطط التي يتم وضعها عبر مختصين بدقة متناهية، لكنها تفشل بسبب السياسات المتبعة في التنفيذ والأداء الذي يكون بنسبة أقل من (20%) وهذا مؤشر على أن الحكومة لا تعمل.

وختم الساعوري حديثه بأن الإشكاليات التي تواجه الدولة الآن ممثلة في الأداء والقدرات والسياسات والحل يتم باختيار أشخاص بمقدرات ومؤهلات تواكب المهام المطلوبة ووضع حدود للسياسات الفاشلة.

منبها إلى أن د. فيصل بحديثه عن ضعف الوزراء وضع نفسه أمام سؤال كبير ومحك الإتيان بحكومة أقوى من الحكومات السابقة وبسياسات مغايرة، خاصة وأنه في قمة الحزب حالياً.

من جانبه، اعتبر نائب رئيس لجنة الحريات في الحوار الوطني د. أبوبكر حمد أن نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني د. فيصل بتصريحاته وضع العربة أمام الحصان، ومطلوب منه أن يأتي بأقرانه الذين شارك معهم في الحوار ووضعوا المخرجات في قاعة الصداقة بيد أنهم أبعدوا ولم يشاركوا في مرحلة التنفيذ الممثلة في حكومة الوفاق الوطني.

وأكد د. حمد لـ (الصيحة) أن كل قيادات الأحزاب التي شاركت في الحوار لم تظهر في حكومة الوفاق الوطني – حد تعبيره ــ وكل من ظهر في التنفيذ هم رؤساء الأحزاب غير الملمين بتفاصيل ما تم في الحوار ونوقش على مدار شهور، وهذا أشبه بمن يدخل غرفة امتحان وهو غائب عن الدراسة، قائلاً: (بالتأكيد سيفشل في الاجابة).

وقال حمد إن حديث د. فيصل نابع من كونه شارك بحضور فاعل في الحوار وملماً بكل تفاصيله، ويعتبر محاولة للرجوع إلى الصواب لأن 80% من وزراء حكومة الوفاق الوطني لم يكونوا وجوداً في دهاليز الحوار الوطني.

الصيحة.