الصادق الرزيقي

ماذا يحدث في ليبيا؟..


مرة أخرى تعود قضية السودانيين المتواجدين على الأراضي الليبية إلى الواجهة، وليست هذه المرة متعلقة بالمقيمين هناك من أبناء السودان ولا المهاجرين عبر ليبيا إلى أوروبا وكثير منهم يبتلعهم البحر الأبيض المتوسط

عندما يبيعهم تجار البشر وعصابات التهريب، ولكن ما نعنيه هنا هو الأخبار التي تتحدث عن تزايد أعداد السودانيين الملتحقين بالمجموعات المسلحة الليبية من عناصر مقاتلة كمرتزقين جدد في صفوف الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، أو حركات دارفور المتمردة التي تقِايض قتالها إلى جانب حفتر ومن يدعمه بفتح معسكرات لها لتأهيل قواتها وتغذية صفوفها وإعادة ترميمها..
> الجديد في هذا الملف، هو الدعوات التي تتم لبعض أبناء دارفور للالتحاق هذه المرة بفصيل نهض من كبوته بقيادة بعض أبناء القذافي
( سيف الإسلام – عائشة ) ، وتحتضن مناطق الجنوب الليبي في سبها وبراك الشاطئ وغيرها حتى الشريط الحدودي المتاخم لحدود تشاد والنيجر، معسكرات تدريب وتجهيز لقوات تريد استعادة حكم الأب الراحل معمر القذافي تحت راية أبنائه .
> التقت رغبات بعض أبناء دارفور الطامعين في قيادة عمل معارض من الأراضي الليبية والاستفادة من الأموال والإمكانيات الكبيرة المتوفرة بين أيدي كريمة القذافي عائشة القانونية التي كانت تحلم في فترة حكم أبيها بحياة بعيش رغيد مع أسرتها الصغيرة في أرقى أحياء العاصمة الفرنسية باريس التي تحبها إلى درجة الجنون، وممارسة العمل العام من منصة حقوقية وعبر جمعيات طوعية، فهذا بقدرها يليقها مع أخيها الأكبر سيف الإسلام في متاهة عظيمة تطلب فيها ثأر أبيها ودمه ودم أخويها المعتصم وخميس .. وفي واحدة من تراجيدات السياسة الراهنة، تشبه القصص الإغريقية القديمة وزحام التاريخ بالمؤامرات والحروب والقتل والثأرات .
> المهم في الأمر .. أن دارفور بكل مكوناتها القبلية صارت من أهم الموارد البشرية التي تقتات منها حرب أبناء القذافي القادمة، ويوجد متعهدون يقومون بالتجنيد لصالح هذا العمل العسكري الجديد في جنوب ليبيا وفي واحاتها الداخلية، حيث لا حكومة هناك ولا سيطرة لأية سلطة قائمة، ووصلت أذرع هؤلاء المتعهدين إلى مناطق متعددة من دارفور، وأجزاء من تشاد ومن النيجر وجنوب الجزائر ومالي، وهناك قواسم مشتركة بين المستجلبين للتجنيد، أهمها أن تتقارب سحناتهم مع الليبين وتتقارب ألسنتهم وثقافتهم مع سكان ليبيا، وهذا الاعتبار الجديد سببه الخوف من ردة الفعل الليبية السابقة أيام القذافي عندما جاء بعناصر أفريقية ومرتزقة من بلدان في الجوار الليبي وفي الإقليم للدفاع عن نظامه .
> لكن هذه التطورات الجديدة كما تشير معلومات وتقارير دبلوماسية واستخبارية، تتداخل فيها أهداف أخرى لها صلة مباشرة بما قاله وزير الخارجية الأمريكية ريكس تليرسون مؤخراً في جولته الإفريقية عندما أعلن في جيبوتي أن الأزمة الخليجية انتقلت إلى البلدان الإفريقية وباتت هي ميدان من ميادين الأزمة بعد أن نقلتها البلدان الخليجية إلى القارة السمراء، فهناك مخاوف يتردد صداها في كل مكان أن عمليات التجنيد التي تقوم بها مجموعات تابعة لسيف الإسلام وعائشة القذافي، يتم فيها ترحيل لبعض المجندين إلى دولة خليجية للاستفادة منهم في حروبها وحماية مصالحها الحيوية، فإذا صحت هذه المعلومات، فإن المنطقة ستكون على شفا جرف هار بعد سنوات قليلة عندما يعود هؤلاء المقاتلون بعد أداء مهامهم إلى أوطانهم، سيصبحون مثل الأفغان العرب عندما عادوا وانتهت الحرب ضد السوفيت في أفغانستان، فالخوف أن تتحول هذه المجموعات ليس بسبب أية أيدولوجيا، إلى غول كاسر في المنطقة، وهم بنادق للإيجار ..!
> هذا الخطر المنتظر سيسهل استخدامه مخابراتياً وعسكرياً، فمشروع أبناء القذافي للعودة الى سدة الحكم في ليبيا لن ينجح لأسباب معلومة ومعروفة، كما أن بقاء هذا العدد من المقاتلين في الجزيرة العربية كبيادق للدول الخليجية لن يطول ولن تتحمله هذه البلدان، فالمرجح هو عودتهم إلى ديارهم، ومنها ستبدأ معهم رحلة شاقة جداً للسيطرة عليهم في حال خرجوا من قمقمهم وتسببوا في تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة .. ينتظر حكومات دول جوار ليبيا وليبيا نفسها طقس قابل للانفجار ومناخ موات لأزمات ومواجهات عسكرية طاحنة إن لم تتعامل من البداية لاحتواء ما يحدث الآن في ليبيا و الإسراع لإجهاضه والتخلص منه في مهده ..

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة