الطيب مصطفى

الخرطوم ومترو الأنفاق


يُحكى عن أحد أهلنا في مسقط رأسي (قرية الهوبجي بمحلية المتمة) أنه لم يخرج منها حتى بلغ الأربعين من العمر .. وما أن غادر صاحبنا قريته في أول رحلة (خارجية) منتقلاً بالمركب إلى الشاطئ الآخر من النيل حتى أصيب بدهشة كادت تفقده صوابه وفغر الرجل فاه وهو ينظر في حدود بصره وصاح بأعلى صوته 🙁 لا حولا ..والله اتاريهو العالم ده كبير كبر)!

كانت قرية الهوبجي هي عالم صاحبنا ثم أصبح الأفق الممتد أمام ناظريه بعد تلك (الرحلة الخارجية) هو عالمه الجديد الذي أدهشه وأوشك أن (يجننه) .. لست أدري ماذا كان سيحدث للرجل لو ركب الطائرات وجاب عواصم العالم شرقا وغربا؟!

أقول هذ بين يدي من يضعون خططنا ويفكرون في غدنا فمن لا يرى أبعد من أرنبة أنفه لا يتوقع منه تخطيطاً استراتيجياً.

طال الزمن أم قصر ستلجأ الخرطوم إلى حل (مترو الانفاق) الذي لا بديل غيره لحل مشكلة الأزمة المرورية الخانقة والمتفاقمة بعد أن عجزنا – جراء الحروب والأزمات السياسية المتطاولة – عن كبح جماح الهجرة إلى الخرطوم حتى غدت موطناً لكل الشعب السوداني أو كادت.

أسوأ ما في تأخير إقامة هذا المشروع أنه يعقد المشكلة لأنه كلما توسعت الخرطوم عمرانياً من خلال إنشاء المزيد من المباني والجسور والطرق المسفلتة كلما صعب التخطيط لإقامة ذلك المشروع الحيوي الذي سبقتنا إليه عواصم أقل كثافة من الخرطوم، وكلما زادت خسائر إزالة العوائق التي تعترض إنشاء المترو.

لا يحتاج المرء إلى شرح طويل للإقناع بأهمية المترو ويكفي أن عشرات الآلاف بل والملايين من الناس الذين كانوا يتزاحمون ويتدافعون بالمناكب سيختفون تحت الأرض ليخففوا على البصات والعربات الزاحفة على شوارع الاسفلت ولا أدري كم نسبة الذين يستخدمون مترو الأنفاق في العواصم والمدن المكتظة بالسكان مثل القاهرة ولندن وموسكو ونيويورك لكني أظن أنها لا تقل في أوقات الذروة عن 40% من إجمالي مستخدمي وسائل النقل في تلك الأوقات.

التفكير التقليدي غير المبادر هو الذي يجعل الناس في كل شأن ينظرون تحت أقدامهم رغم الكلام الكثير عن الاستراتيجيات التي لا تعني غير (طق الحنك) في المؤتمرات والمنتديات أما الفعل فشيء آخر .

كان بإمكان الشركات الصينية والتركية التي أنشأت السدود والجسور التي تمتد على النيل من مروي شمالاً حتى الروصيرص جنوباً أو داخل ولاية الخرطوم ، أن تبدلها بمترو أنفاق إن كان الأمر قد عرض عليها وعلى حكوماتها فبنك الصادرات والواردات الصيني مثلاً (EXIM BANK) الذي مول تلك المشاريع كان وقتها جاهزاً لأي مشروع بديل، فمتى أخي عبدالرحيم محمد حسين تخرج من ضيق الهوبجي إلى سعة العالم العريض؟!

مطار الخرطوم وتهريب الذهب والحدود المفتوحة

لا يمر يوم أو يومان إلا ونقرأ عن إحباط محاولة تهريب سبائك ذهب بمطار الخرطوم، وهذا أمر مفرح ويُبشِّر بخير عميم ولكن من يضمن أن كل محاولات التهريب قد أحبطت؟

ما يشككني ويشعرني بالقلق ذلك الخبر الذي تحدث عن إحباط تهريب شحنة ذهب عند سلم الطائرة بعد تجاوز كل الحواجز الأمنية ولولا عين فاحصة شكّت في الراكب لمرت الشحنة إلى حيث تُباع خارج السودان بل هناك شحنة أخرى أوشكت أن تمر عبر (خدعة) قطع الكهرباء عن السير الكهربائي في آخر حاجز تفتيش.

ماذا يعني ذلك غير أن الحاجة تشتد لمراجعة الكوادر العاملة في المطارات والنقاط الحدودية؟

ذلك يعني كذلك أن هناك عشرات المحاولات نجحت في اختراق الحواجز الأمنية وهذا يحدث أمام ناظرينا في المطار القريب فكيف بالحدود المفتوحة على دول الجوار بدارفور وجنوب كردفان وشرق السودان والتي لا تشكل خطراً على الذهب إنما على سلع كثيرة ظللنا نزود بها الجوعى في بعض دول الجوار.

أود أن أذكر بأن التغيير الذي طال جهاز الأمن جاء في أعقاب الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة والتي كشفت عن ضعف في تعامل أمننا الاقتصادي أدى إلى اخفاقات في السيطرة على التهريب وعلى توريد عائد الصادر وغير ذلك.

عزيزي صلاح قوش

صحيح أن الوقت لا يزال مبكراً فأنت لا تزال تدرس وتسد الثغرات لكني أردت فقط أن أذكر أن الأمر يحتاج إلى معالجات أخرى أكثر حزماً تستخدم فيها التقنيات المتقدمة وأجهزة الرصد عبر الأقمار الصناعية وغيرها على الحدود التي لا تزال مفتوحة على مصراعيها.

لكن هل خطر الحدود المفتوحة يقتصر على الاقتصاد برغم أهميته أم أن هناك خطراً لا يقل أهمية على هوية هذه البلاد وتركيبتها السكانية يتمثل في الهجرة الأجنبية من دول الجوار شرقاً وغرباً وجنوباً ؟!

تذكر أخي قوش أن القضارف تعتبر خالية من السكان مقارنة بأقرب إقليم في إثيوبيا وما الفشقةعنا ببعيد.

الأمر أكبر وأخطر من أن يعالج في هذه المساحة المحدودة ولكن!

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. ههههههههه قال عزيزي قوش قال……..ياباش مهندس في زمن هذا القوش دخلت قوات خليل ابراهيم عن طريق تشاد حتي وصلت ام درمان تجي تقول يراقب سبيكه ذهب عبر الحدود؟؟؟؟ تعرفون سبب الازمه وهي الفسااااااااااااااااد. كل المهربين لهم علاقه بالدوله ومقربين جدا ولهم نفوذ وسلطه…حرام عليكم وسوف تسألون يوم القيامه جميعا والساكت عن الحق شيطان اخرس.