جعفر عباس

المرأة التي ضحكت على الحكومة


ما زال بعض فاعلي الخير الأفارقة، حريصين على تحويلي إلى مليونير، فرغم أنني رفضت عروضا باستقبال ملايين تخص رغدة صدام حسين، لأنني عفيف ولا أقبل أن أكون شريكا في ورثة بالأوانطة أو في غسل الأموال، رغم ذلك إلا أن فاعلي خير أفارقة ما زالوا يخاطبونني بلغة »الجنس على الجنس رحمة«، وشرعوا في الفترة الأخيرة يناشدونني أن أقبل استضافة ثروات السيدة صفية فركاش، أرملة معمر القذافي، وابنته عائشة، ولما لم يجدوا مني استجابة قالوا: ربما أبو الجعافر يجد حرجا في قبول هبات وصدقات من الجيران، فصاروا يعرضون علي ملايين من بيل غيتس، ومقدمة البرامج الأمريكية- بنت العم- أوبرا وينفري.

وبسبب كثرة العروض والعمولات التي يفوق إجمالها المائة مليون دولار أسبوعيا، وخوفا على نفسي من فتنة المال، فقد أوقفت بريدي الإلكتروني عن طريق ياهو، ولكن العطايا واصلت التدفق عبر الهوت ميل، وتعبت أصابعي وأنا »أعمل بلوك/ حظر« لعشرات الرسائل، فلجأت إلى السيد قوقل الذي أعطاني عنوانا وصندوقا بريديا سعته بلا حدود، ولكن فاعلي الخير الذين يريدون بي السوء والشر، سرعان ما اكتشفوا عنواني الجديدـ وكان أحلى عرض تلقيته مؤخرا من شخص يقول إنه جندي من مشاة البحرية الأمريكية، وأنه عثر في الموصل على 15 مليون دولار، من مخلفات تنظيم داعش، ولا يعرف طريقة لتهريبها سوى عن طريق رجل البر والإحسان جعفر عباس، وطلب بالتالي رقم حسابي، ويبدو أن صاحبنا هذا لا يقل ذكاء عن مستر بين!!!! إذ لم يخطر بباله أنني سأتساءل: وأي بنك عراقي هذا الذي سيسمح لجندي جربوع وجربان مثله بتحويل تلك الملايين دون سين وجيم؟ أو على الأقل دون أن يقولوا له »بلا جعفر بلا بطيخ. تعطينا 90% والباقي حلال عليك«

ولعلي أوفر حظا من الذين صاروا في الفترة الأخيرة يتلقون مكالمات ورسائل هاتفية تقول لهم إن هناك »عملا« سحريا باطشا سيفتك بهم، ما لم يدفعوا رسوم إتلاف ذلك العمل. قد يكون مفهوما أن يقع أشخاص بسطاء أو سذج ضحية المشعوذين والدجالين، وتلقيت مكالمة بلغة عربية مكسرة من رقم في النيجر، قال لي من أجراها إنني فزت بكذا مائة ألف يورو، فسألته وما المطلوب؟ قال: أرسل لي صورة من بطاقتك الشخصية. فقلت له: وأنت من جانبك أرسل لي صورة من البطاقة الشخصية لأمك، فانهال علي بشتائم عابرة للقارات.

ولكن ما قولكم في أن حكومة زيمبابوي، على عهد سيئ الذكر روبرت موغابي، راحت ضحية عملية استعباط بطلتها سيدة عمرها 35 سنة؟ فقد تحولت زيمبابوي تحت حكم موغابي من ثاني أغنى دولة إفريقية إلى أفقر دولة في القارة السوداء. نعم فقد جعل موغابي أحوال المواطنين في زيمبابوي أسوأ من حال أهل الصومال الذين ظلت رحى الحرب تهرس عظامهم لأكثر من 30 سنة، وعند إزاحة موغابي عن الحكم كان التضخم في زيمبابوي قد تجاوز 10000%، وذلك لأنه وبكل بساطة قرر حل مشكلة الفقر بطبع النقود بالفوتوكوبي.

ما علينا السيدة نوماتار تاقاريرا أبلغت وزراء في حكومة زيمبابوي بأن لديها القدرة على توليد بنزين مكرر من صخرة معينة بضرب الصخرة بعصاها، وتوجه وفد حكومي ضخم إلى الصخرة ونجحت تاقاريرا بالفعل في جعل الصخرة تضخ نفطا مكررا، وطالبت بثلاثة ملايين دولار فأعطوها ما طلبت.

ثم تسربت شائعات بأن السيدة ذات البركات البترولية صارت عاجزة عن إقناع الصخرة بمواصلة ضخ النفط، وأتوا بها وناشدوها أن تواصل جهودها ولكن هنا كشف المستور.. كانت تاقاريرا قد عثرت على صهريج بنزين ممتلئ حتى الثمالة من مخلفات حرب التحرير، وقامت بمد أنابيب تمر تحت الصخرة، وكلما ضربت الصخرة، قام معاونوها بفتح الأنابيب ليتدفق البنزين، ولما فرغ الصهريج صارت تهرب البنزين من الدول المجاورة وتمرره عبر الصخرة المباركة، ولما شددت الشرطة الرقابة على عمليات التهريب، جف مخزون الصخرة من البركات النفطية، وانتقلت تاقاريرا من قصرها الريفي إلى زنزانة تعج بالبق والصراصير، بينما قفا وزراء الحكومة »يقمر عيش« من الفضيحة.

زاوية غائمة
جعفـر عبـاس