اقتصاد وأعمال

السودان وتركيا .. تمدد اقتصادي تجاري


دخلت العلاقات السودانية التركية مرحلة مهمة من الشراكة الاقتصادية والتعاون بين البلدين في كافة المجالات الاقتصادية والاستثمارية ليبلغ عدد الشركات التركية المستثمرة بالسودان اكثر من «300» شركة حتى الآن بينما يتوقع اقامة شراكات اقتصادية بين رجال الاعمال في البلدين في الفترة المقبلة تتويجاً لاجتماع المجلس المشترك لرجال الاعمال بين البلدين.

وفي ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده تركيا، وخبرتها المتنامية في مجالات اقتصادية عديدة ومن ضمنها التحديث في القطاع الزراعي، فإن السودان يأمل في أن تفتح له العلاقة مع تركيا بابًا مختلفًا بالاستفادة من خبرتها وتجربتها المتقدمة في هذا الخصوص للنهوض الزراعي مع الموارد الطبيعية الكامنة الضخمة التي تتمتع بها البلاد.

وعلى الرغم من أن السودان الذي تصنِّفه تركيا في إطار الدول الافريقية جنوب الصحراء، إلا أنه لم يحظَ بالأولوية في انفتاحها على القارة السمراء الذي شهد تطورات كبيرة في السنوات الماضية. وفي هذا الإطار، يستطيع السودان أن يقدِّم لتركيا فرصة كبيرة لتعزيز وجودها الافريقي، بحكم ثراء موارده الطبيعية، فضلًا عن أن السودان يمكن أن يعمل كمعبر للتجارة التركية مع تكتل «كوميسا»، وأن يكون معبرًا للدول المفتقرة للموانئ في غربه وصولًا إلى مجموعة دول الإيكواس.

كما أن حاجة السودان لمشروعات كثيرة في البنية التحتية في مجالات عديدة كالسكك الحديدية، والمطارات، والطرق وغيرها تشكِّل فرصًا لكبريات شركات المقاولات التركية. ولذلك، فإن المجال واسع أمام البلدين لتحقيق مصالح مشتركة ومنافع متبادلة في الفضاء الاقتصادي وتمثِّل القاعدة لعلاقة استراتيجية تتجاوز محدودية العلاقات السياسية العابرة، والأيديولوجية الضيقة.

وكشف لقاء وفد رجال الأعمال الأتراك بحضور نظرائهم الوطنيين بالدولة ان مايتوفر للسودان من موقع استراتيجي وموارد وثروات وعضوية في المنظمات الإقليمية العربية والأفريقية وباندماجه مع رأس المال والتقانات التركية يوفر الضمانات اللازمة لنجاح هذه الشراكة الاستراتيجية بين الخرطوم وانقرا حيث تتوفر سوق تضم قرابة النصف مليار من المستهلكين لمنتجات بمليارات الدولارات خاصة في مجالات الانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ، مؤكدين أن السودان مؤهل ليمثل المدخل والبوابة للمنتجات التركية نحو السوق الافريقية والخليجية.

ويبدو أن العلاقات الثنائية بين السودان وتركيا تمضي بجدية تامة استنادا على بدء انفاذ الاتفاقيات والتي بلغت حوالي «22» اتفاقية تم التوقيع عليها بحضور رئيسي الدولتين ، ولان الاتفاقيات تحتوى عدة مجالات كان لابد من وضع مصفوفة زمنية تضمن انفاذها في الفترة المحددة ، وبحسب رؤية المراقبين فإن العلاقات الاقتصادية وعمليات التبادل التجاري تحكمها قواعد ذات اطر وسياسات مشتركة، بجانب متابعة القطاعات التنفيذية والاقتصادية والجوانب الدبلوماسية من البلدين، الأمر الذي يتوجب تبادل الزيارات بين المسؤولين بالبلدين سواء كان على مستوى القطاع الخاص أو العام.
ويحسب تصريح سفير تركيا بالسودان د. عرفان أوغلو أن هناك ترتيبات لزيارة وفد من القطاع الخاص التركي للسودان يضم كبرى الشركات التركية في عدد من المجالات الزراعية والمعدنية والبترولية، اضافة إلى الموانيء والمناطق الحرة بغرض الاسثمار والتبادل التجاري، مبينا ان الزيارة تعتبر فتحا كبيرا في المجال الاقتصادي وخدمة المصالح المشركة بين البلدين، واشاد بالتوجيهات التي اصدرها الرئيس التركي رجب اوردغان بتوجيه القطاع الخاص التركي للتوجه للسودان للاستفادة من خيرات السودان.

ويقول سفير السودان بتركيا دكتور يوسف الكردفاني إن الوفد التركي يضم أكثر من «30» رجل أعمال وشركات كبرى وسيصل خلال الايام القادمة، ويضيف أن الهدف من الملتقى هو زيادة التعاون الاقتصادى والتعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة فى السودان وتركيا بجانب تمكين القطاع الخاص فى البلدين للتعرف على تلك الفرص، وفي ذات الوقت توقع ارتفاع حجم الاستثمارات التركية بالسودان خاصة وأن تركيا تمتلك الامكانيات الكبيرة التى تمتاز بها، بجانب رغبتها فى دخول الاستثمار، ويشير الى ان الشراكة الاقتصادية تتطلب رؤية استراتيجية من الدولة والقطاع الخاص السودانى لتطوير هذه الشراكة مجددا لاهمية الاستفادة من تركيا كمدخل للسودان إلي الدول الأوربية.

واكد رئيس مجلس الأعمال التركي السوداني، محمد علي قورقماز، إن المستثمرين الأتراك لديهم رغبة كبيرة في الاستثمار الزراعي بالسودان مشيرا أن تركيا والسودان بصدد تأسيس شركة مشتركة يبلغ إجمالي رأس مالها 10 ملايين دولار، تملك تركيا 80 بالمئة منها، و20 بالمئة للجانب السوداني، لتنفيذ مشاريع زراعية

واكد أنه بموجب الاتفاقية ستستأجر شركات تركية أراضي زراعية في 6 مناطق بالسودان، تبلغ مساحتها 793 ألف هكتار، منها 12 ألف و500 هكتار تخصص للشركة المشتركة، والمساحة المتبقية يتم تأجيرها لشركات القطاع الخاص
وأشار إلى أن المديرية العامة لإدارة الشؤون الزارعية تمثل الجانب التركي في الاتفاقية، ومن الجانب السوداني، وزارة الزراعة والري

وأكد قورقماز أن المستتثمرين الأتراك، سيعبّدون الطرق المؤدية إلى القرى التي سيتأجرون فيها الأراضي الزراعية، مع فتح قنوات للري
واكد الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي أن السودان يمتلك موارد زراعية ضخمة من أراضي ومناخ ومصادر للمياه لذلك سمح السودان لتركيا في العام 2011 بزراعة 60 ألف فدان في ثلاث ولايات.

وأضاف هيثم أن حجم التبادل التجاري ارتفع الى أكثر من 500 مليون دولار بعدما كان يتراوح بين 250 ـ 300 مليون دولار معتبرا أن السودان هو بوابة تركيا لأفريقيا للتوسع الاقتصادي حيث إن هناك أكثر من 2000 من رجال الأعمال الأتراك و80 شركة تركية ينشطون في السودان، باستثمارات تبلغ نحو 115 مليون دولار تقريباً مشيرا الى ان بنك تنمية الصادرات التركي ساهم في مشروعات البنية التحتية بمدينة الخرطوم مثل كبري المك نمر، كبري الحلفاية ، مياه بحري ، الصرف الصحي ببحري، بمبلغ 100 مليون دولار بجانب تقديم تركيا للسودان تسهيلا ائتمانيا بمبلغ مائة مليون دولار فى العام 2008 لتشجيع الشركات التركية للعمل فى السودان. تم رفعه إلى 200 مليون دولار.

صحيفة الصحافة.