عثمان ميرغني

شكرًا لمهربي المخدرات..


على مدى عدة سنوات ماضية كانت علامات الدهشة ترتفع فوق أعين الشعب السوداني، وهم يتابعون أنباء القبض على حاويات مخدرات في ميناء بورتسودان.. حاويات كبيرة ممتلئة بشحنات من أغلى الأصناف.. وكان بين الحين والآخر يصدر بيان رسمي لطمأنة الشعب السوداني أنَّهم غير مستهدفين .. فهي تجارة عابرة تزورنا في طريقها إلى آخرين أثرى منا .
لكن ليسوا وحدهم تجار المخدرات.. لوردات تجارة البشر أيضاً اختاروا السودان دولة عبور إلى وجهاتهم المفضلة.. وتجار الأسلحة.. وربما زملاء آخرين لا نعرفهم .. الله يعرفهم..
ألا يحق لنا أن نسأل لماذا يحبوننا؟ لماذا يختارون زيارتنا والتمتع بضيافتنا قبل الوصول إلى محطاتهم النهائية؟
هذا ليس محض سؤال صحفي اتهامي أو برئ .. بل هو من صميم ما يجب أن نتقدم بالشكر فيه لتجار المخدرات والبشر والأسلحة، وكل أصناف المحرمات الدولية.. أتعلمون لماذا نشكرهم؟
لأنهم اكتشفوا ما عجزتْ الحكومة عن استيعابه.. حقيقة الموقع الإستراتيجي الذي يتمتع به السودان .. والذي هو أثمن ما يملكه السودان من الأصول الثابتة غير الناضبة.
موقعنا الإستراتيجي في المفصل الحركي الرابط بين أركان القارة الأفريقية الأربعة.. والرابط بين أفريقيا وآسيا .. يجعلنا دولة قادرة على بناء قوة إقليمية ودولية اقتصادية وسياسية أيضاً.. فقط إذا أدركنا أهمية موقعنا الجيوبوليتيكي وأحسنت استثماره تماماً كما أدرك ذلك وفعل تجار المخدرات والبشر والأسلحة..
سأضعُ أمامكم مزيداً من الحيثيات والتوضيح..
حولنا أربع دول مغلقة لا منفذ لها على البحار.. هي تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.. ماهي إستراتيجيتنا في جعل السودان المنفذ الأفضل لتجارتها؟
أي فريق خبراء إستراتيجي يستطيع أن يعد خطة سودانية إستراتيجية لجذب عشرات المليارات، كل عام من موقعنا الإستراتيجي مع هذه الدول.. أن نكون دولة العبور الأفضل لصادراتها ووارداتها.
السودان دولة متاخمة لأغنى مناطق الدنيا.. الخليج العربي..بل نحن دولة عبور مهمة لتجارة هذه الدول مع قارتي أوروبا وأمريكا.. هل لدينا أية إستراتيجية أو رؤية لاستثمار هذا الجوار الخليجي.. ليس لنا فحسب بل حتى للشراكة مع جيراننا ..
المسافة الجوية بين السودان وأوروبا، لا تزيد عن ثلاث ساعات تقريباً .. هل خططنا لنكون أفضل معبر للداخل والجنوب الأفريقي في رحلته نحو ومن أوروبا؟
هذه مجرد أمثلة سريعة نستطيع أن نبني عليها إستراتيجية حصيفة وجاذبة للأموال .. لكن يا حسرة لم يستفدْ منها إلاَّ تجار المخدرات والبشر..
متى ندركُ أنَّ الثروة ليست مجرد ذهب وبترول….

حديث المدينة
عثمان ميرغني


‫4 تعليقات

  1. لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
    وناراً إذ نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد

  2. لقد قمنا بعمل دراسه لمشروع قيام منطقه حره بالسودان في العام 2010 وتم الاتفاق مع احدي الشركات العالميه للشحن الجوي بحيث يت استخدام احدي المطارات السودانيه كمهبط لها لجميع حركتها التجاريه بين شرق آسيا وأفريقيا وأوروبا وبدلا من السفر من مالى أو ساحل العاج الي الصين يمكن زياره السودان والشحن منها دي الفكرة بصوره مبسط جدا ولكن للأسف المشروع لم يري النور رغم

    1. على الأسف .. هذا هو ديدن جماعتنا
      دراسات تُقدم وبحوث .. وفي النهاية
      مصيرها الأدراج ..
      إرادة مافي ،،، فكيف يتقدم البلد