وداعاً (سودان )

الأيام القليلة الماضية ..قرأت ثلاثة أخبار متتالية أثارت أهتمامي..ولا أدري لماذا أتت على هذا الترتيب الذي كان له أبلغ الأثر في تفاعلي النفسي ..الخبر الأول كان رحيل وحيد القرن (سودان) ..سودان كان فريدا من نوعه ..فقد كان الذكر الوحيد المتبقى من سلالته ..مع اثنين من الأناث من ذات الفصيلة. رحل سودان بعد أن اطلقت عليه رصاصة الرحمة ..لتريحه من الألم ..والعجز الذي حدث له في أواخر عمره ..وكانت الصورة التي نشرت مع نعيه مؤلمة جدا ..فقد ظهر فيها حارسه وهو يودعه باكياً ..مات سودان في محمية طبيعية في كينيا ..بعيداً عن موطنه الأصلي الذي حمل إسمه (سودان) ..موت سودان تفاعلت معه أغلب القنوات الفضائية ..ومنظمات البيئة والمهتمين بشأن التوازن البيئي في الكرة الأرضية ..انقراض حيوان مثل وحيد القرن ..ليس بالأمر الهين ..قدرت أن اصحاب (الجلد والرأس) ..ناسنا.. ربما يفردون له مساحات في دائرة الاهتمام ..بحثت ونقبت ..فوجدت أن الأضواء مسلطة على خبرين مهمين .

الاول هو إحتفال وزارة الخارجية السودانية باطلاق البريد الالكتروني الخاص بها ..وقد استمعت لمداخلة السفير في برنامج (حال البلد) ..وهو يثمن مجهودات العاملين على المشروع ..وقال إنهم يحاولون من قبل خمسة أعوام ..ونجحوا أخيرا في اطلاق البريد الالكتروني لذلك يحق لهم الاحتفال بذلك وشاركهم فيه نفر مقدر من مسؤولي الدولة ..الشهادة لله مكسب والله ..تعاطفت معهم جداً ..بالله اتضح ان وزارة الخارجية ما عندهاش بريد الكتروني للمراسلات الرسمية طوال هذه الأعوام ..وأنهم اخيرا نجحوا وان البريد مميز بدليل ان نهايته هو (إس دي) ..ما قصرتوا ..عقبال ما تعملوا فيس بوك ..وتوتير ..ودامت أفراحكم.

الثاني هو التوقيع على عقد (جديد) لبناء المطار (الجديد) ..وقد وعدت الشركة المنفذة بتسليمه في خلال 30 شهراً ..نود التنويه بان المطار (الجديد) كان قد بدأ العمل به قبل 12 عام بالتمام والكمال ..ولم يتم بناء اي مباني غير مساكن المقاولين ..وإنشاء سور حوله ..بعد كل هذه الاعوام تخرج علينا إدارة المطار لتقول لنا ان هناك شركة ستسلمهم المطار بعد 30 شهراً ..طيب و(الثلاثينات) الماضية ..ما الذي حدث فيها ؟ ومن المسؤول عن كل هذا التعطيل ؟؟ ..الشئ الجميل في القصة دي أنهم أيضاً (مبسوطين أوي ..وحاسين ان المرة دي حتصدق)…والتالتة ثابتة ما هو الرابط بين الخبر الأول ..والخبرين التاليين؟ ..ذلك أن هناك هاتفا خفيا قال لي ..إن وحيد القرن (سودان) ..لم يدخل دائرة الاكتئاب من هين ..تلقاه يا حليلو ..كان متابعاً أنباء بلاده من على البعد ..فتأتيه أخبار على شاكلة الاحتفال بتدشين البريد الألكتروني ..وتراه تعجب وتحسر على ان الجماعة عاملين احتفال ولمة عشان ايميل!! ..والخبر التاني الخاص بالمطار الجديد الذي صار قديماً ..وهو لايزال مجرد خرطة على الورق !!..سودان ما مات من هين ..يبدو انه طلب من حراسه اطلاق رصاصة الرحمة عليه وانهاء رحلة الألم ..اكاد اجزم انه قال لحراسه ….(ما فيش فايدة يا جماعة ..غطوني وصوتوا).

 

 

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة

Exit mobile version