اقتصاد وأعمال

السودان يشهر سلاح “الودائع” لإرباك تجّار العملة


خلال أيام، انتشرت أخبار واسعة عن اتفاق السودان على ودائع مصرفية واستثمارات أجنبية لدعم حصيلة النقد الأجنبي بقيمة 12.4 مليار دولار، منها وديعة إماراتية بقيمة 1.4 مليار دولار.

واعتبر مراقبون أن مجرد نشر هذه الأخبار لا يعدو إلا أن يكون دعاية إعلامية يقصد بها مسؤولون سودانيون إرباك السوق الموازي الذي يسيطر عليه المضاربون.

وأثبتت الممارسة اليومية في سوق العملات الأجنبية أنه، وبمجرد إعلان أية دولة أو صندوق مالي عالمي أو إقليمي عن دعمه السودان بقرض أو وديعة، فكثيراً ما يبدأ سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني بالانخفاض، ما يشجع الحكومة دوماً على البحث عن قروض وودائع، أو التبشير بها على الأقل.
وتُعد الودائع المصرفية أحد الإيرادات المتعددة التي اعتمد عليها السودان لتحريك الاقتصاد والحدّ من ارتفاع سعر النقد الأجنبي مقابل الجنيه السوداني، إضافة الى استيراد سلع ضرورية من الخارج كالقمح والمواد البترولية والدواء.

واللافت أن بنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي كثيراً ما يتكتمان على طبيعة وتفاصيل هذه الودائع وهل تم تلقيها أم لا، ما يزيد الأمر تعقيداً ويقوّي من احتمالات أن القصد من إطلاقها هو الدعاية في إطار الحرب النفسية الطويلة على تجار العملة الذين ينشطون في بيع وشراء العملات الأجنبية والمضاربة بها.

ودار جدل كثيف، في الفترة الأخيرة، حول خبر بثته وكالة أنباء السودان (سونا) عن وديعة إماراتية قدرها 5 مليارات درهم إماراتي (نحو 1.4 مليار دولار) لدعم احتياطيات بنك السودان المركزي من النقد الأجنبي.

وقال الخبر الذي استند إلى بيان إماراتي إن الوديعة الإماراتية تعتبر أول وديعة خارجية يحصل عليها السودان منذ تفجر الأزمة الاقتصادية مطلع العام الحالي 2018، بعد إجراءات قاسية اتخذتها الحكومة أدّت إلى ارتفاع أسعار السلع بصورة جنونية وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار حتى وصل 42 جنيهاً. وأشار النبأ الثاني الذي أصدرته وكالة السودان للأنباء إلى اطلاع الرئيس السوداني عمر البشير على العرض المقدم من دولة أستراليا للاستثمار في السودان بمبلغ 11 مليار دولار.

وأشارت الوكالة إلى أن وزير المعادن هاشم سالم قال في تصريحات صحافية، عقب لقائه بالرئيس السوداني في القصر الجمهوري، إن 4 مليارات دولار من المبلغ تم تخصيصها للاستثمار في مجال التعدين و7 مليارات دولار كوديعة، مشيراً إلى أنه سيتم الاتصال بالمستثمرين الأستراليين للبدء بإجراءات هذا الاستثمار.

وقال المدير العام السابق لبنك النيلين عثمان التوم لـ “العربي الجديد” إن المعلومات غير متاحة حول حقيقة وصول هذه الودائع إلى السودان.
ورسم التوم اثنين من السيناريوهات والفرضيات حول هذه الودائع؛ الأول عدم وصولها إلى السودان واستثمار وزارة المالية وبنك السودان لنبأ إعلانها والتحفظ عن التعليق رسمياً على عدم صحتها، لبث رسائل طمأنة للمواطنين بامتلاك الحكومة الموارد بالنقد الأجنبي عبر هذه الودائع ولضمان استقرار سعر الصرف في السوق غير الرسمي.

والسيناريو الثاني وصول هذه الودائع فعلياً، وتعمد المالية وبنك السودان عدم الإفصاح عنها وشروطها واستخداماتها، لأن أثرها قد لا يكون ملموساً للمواطنين، لاستخدامها في سداد التزامات ومديونيات حكومية قائمة.

وأشار المحلل الاقتصادي خالد التيجاني إلى أن ظاهرة إعلان تدفق الموارد ليست الأولى التي تلجأ إليها الجهات الحكومية وأن أكبر مشكلة يعاني منها الاقتصاد السوداني الشائعات والسماسرة. وقال إن الاختلالات الاقتصادية الهيكلية لن تحلّ بإيحاءات بتدفّق أموال وودائع.

ويذهب التيجاني، في حديثه لـ “العربي الجديد”، إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في إدارة الموارد لا في الموارد نفسها، واللجوء إلى بث هذه الأنباء يبيّن أن الحكومة في مأزق وتطعن في (ضل الفيل) لا في الفيل نفسه، مشيراً إلى أن هذه الودائع هي نوع من القروض تزيد من حجم الديون الخارجية على السودان.

وقال التيجاني إن نبأ تلقي الحكومة السودانية وديعة إماراتية ليس بجديد وقصدت منه الحكومة الإماراتية تقديم جرد حساب للمساعدات التراكمية التي قدمتها لحكومة السودان ودعم اقتصاده، وقد صورها النبأ الذي نشرته وكالة الأنباء الحكومية (سونا) كأنها وديعة جديدة.

من جهتهم، قلّل سماسرة عملات تحدثوا لـ “العربي الجديد” من تأثيرات أنباء الودائع التي تعلنها الحكومة ما بين فترة وأخرى على الأسواق، مشيرين إلى أن هذه السياسة صارت لا تؤتي أكلها، لعلمهم بأنها غير حقيقية ولا تظهر آثارها في وفرة النقد الأجنبي في المصارف والصرافات ومن ثم للسوق غير الرسمي (الموازي).

وقال السماسرة، الذين رفضوا ذكر أسمائهم: في السابق كانت هذه الأنباء تخفض فعلياً سعر الدولار لفترة محدودة، وسرعان ما يعاود ارتفاعه مرة أخرى وبصورة أعلى من السابق، أما الآن فلا أثر ملموساً لأي أنباء تتواتر عن وصول ودائع بالعملات الحرة على السوق. وأفادت معلومات حول الشركات الأسترالية التي تقدمت بطلبات للاستثمار في قطاع التعدين بالسودان بأنها تشمل “روز وليوت” و”نيوكرست” و”سجمن”.

العربي الجديد


‫2 تعليقات

  1. كلام ذي دا بخوف) جريوات( لكن في) كدايس( لمن اسمعن بفتحن خشمن) للغف(
    هههههههه هههههه
    كسر الرقاب هو الحل!!!
    تاني مافي حل باي باي فرنسا