سعد الدين إبراهيم

الممنوع مرغوب


[JUSTIFY]
الممنوع مرغوب

خبر أن من حق المرأة أن تطلب الطلاق إذا كان زوجها مدخناً.. هو رأي يخص أحد أفراد هيئة علماء السودان وليس من الهيئة ذاتها.. وللدقة هو تصريح لكن الصحف «لفحت الخبر وجرت بي» للإثارة الواضحة في الخبر.. وهنالك بادرات لطلب الطلاق ظهرت من حولنا وعندنا.. فمن تطلب الطلاق لأن زوجها «يشخر» في النوم.. أو لا يحلق لحيته أو لأنه يحلقها.. أو لأن رائحة فمه كريهة.. وغيرها من الدواعي.. في هذا السياق يبدو طلب الطلاق لأن الزوج مدخن منطقياً.. لكن ما أغفله الخبر ربما لأنه نادر الحدوث هو إذا كانت المرأة أو الزوجة تدخن هنا تستحق كسر الرقبة لا الطلاق حسب أعراف مجتمعنا..

يقودنا الخبر إلى الأوامر المحلية بمنع تدخين الشيشة والعقوبات المتخذة تجاهها.. أولاً أحب أن اعترف أنني لا أدخن الشيشة ولا أحبذها.. ولا أقرها.. لكن منعها قانوناً وعمل عقوبات لها لا يستقيم مع كثير من الحقوق.. صحيح هى مضرة.. لكن هنالك أشياء كثيرة مضرة من ألوان الطعام يلتهمها الناس.. فهل أخطر الشيشة أم أكل اللحمة النيئة فيما يسمى «بالمرارة».. أو في تناول الدسم المدهن الذى يسبب الكلسترول.. فإن كان المنع أنها تضر بالصحة فهذا لا يجعل أمر تحريمها مقبولاً وإلا منع كل ما يسبب الأضرار بالصحة من طعام ومشروبات.. هنالك حبوب ودهانات تفتيح تستخدمها النساء.. وأخرى للتسمين وغيرها للتنحيف وآثارها ظاهرة على الفتيات تشويهاً وأوراماًَ وأمراضاً جلدية ولم يصدر قانون بتحريمها.

إن الجرعات الإرشادية ومنع التدخين فى الأماكن العامة وفي الطائرات والمصالح والمركبات هو الخطوة الصحيحة لإقلاع الناس عنه.. أما تجريمه بالقانون فلم يسبقنا عليه أحد.. فكل عواصم الدنيا توجد بها مقاهٍ للشيشة.. عواصم عربية وإسلامية وغيرها..لا يمنع فيها التدخين..

أنا مع عدم التدخين للشيشة وللسجاير لكن ليس بالمنع الذي فقط سيجعل الظاهرة تمارس في الخفاء..

المجتمع ذاته له وسائله في محاربة تعاطي الكيوف.. عرفت أن أسرة طرشقت زواج ابنهم من فتاة بعد أن اكتشفوا أن والدتها «بتسف تمباك».. وهنالك فتيات يشترطن على خطابهن أن يقلعوا عن التدخين أو تعاطي التمباك.. حتى يتم الزواج..

هنالك محلات ومقاهٍ افتتحها أصحابها برخص قانونية.. فما مصيرهم.. لابد من تعويضهم على أقل تقدير هذا إن لم نطالب بمساعدتهم على إيجاد البديل التجاري لها.. لأنهم عندما انشأوا محالهم لم يصدر قانون المحاربة هذا!

كيف نمنع «الشيشة» ومدخلاتها تباع في السوق على عينك يا تاجر وتستورد بالعملة الصعبة ويباع التبغ الخاص بها في محلات مصدق لها بذلك.. كان إذا تم إنفاذ القانون دون رجعة أو تراجع أن يوقف استيراد مدخلات الشيشة أولاً لكن أن تقوم سوق علنية لممنوعات فهذا لا يحدث.. وإلا بيعت الخمور والمخدرات في الأسواق أيضاً.

اللجوء إلى إصدار قوانين التحريم والتجريم أكثر سهولة من اللجوء إلى التوعية والتبصير.. إذ تحتاج إلى نفس طويل وإلى بذل جهد أكبر.. وتضافر جهود علماء نفس واجتماع وتربية وإعلام ودين..

عموماً ندخل بهذا الكلام منطقة شائكة إذ الجميع يعرفون ضرر الدخان والشيشة.. لكن أهلنا يقولون «مضارفة المؤمن على نفسو حسنة».. يجب أن نطرق على هذا المدخل..

من أقوالنا الشائعة «الممنوع مرغوب» فلنراعِ ذلك أيضاً.
[/JUSTIFY]

الصباح..رباح – آخر لحظة
[EMAIL]akhirlahzasd@yahoo.com[/EMAIL]