في مقدمتهم التوأم منار وأبرار: سودانيون في (داعش).. العودة للخرطوم

أعلنت السلطات مساء أمس “الأربعاء”، تمكنها من استعادة مجموعة من السودانيين المنتسبين لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بليبيا، وكشف بيان السلطات عن أن عملية الاستعادة جاءت إنفاذا لتوجيهات رئاسة الجمهورية ومواصلة لنشاط السلطات تجاه الذين غرر بهم في وقت سابق. وأكد بيان السلطات أن 10 مواطنين سودانيين بينهم 7 نساء وطفلان وشاب وصولهم قادمين من ليبيا إلى الخرطوم على متن الخطوط الجوية التركية.

وقال ممثل دائرة مكافحة الإرهاب بجهاز الأمن العميد التيجاني إبراهيم في مؤتمر صحفي ليل أمس، إن الـ10 الذين وصولوا إلى الخرطوم كانوا قد انضموا لـ(داعش) في العام 2015، وأوضح أن الجهاز سيُخضع العائدين لبرنامج معالجات فكرية لتحليل الأسباب التي دفعتهم للانتماء للجماعات المتطرفة، وأضاف “سيجري معهم حوار فكري مباشر لدحض الأفكار التي دفعتهم للانضمام للجماعات الإرهابية، بالتعاون مع المجلس الأعلى للتحصين الفكري”.
شاكراً أمن مصراتة والهلال الأحمر هناك، لتعاونهما في استعادة السودانيين، كما شكر قوات البنيان المرصوص التي استعادتهم من مدينة سرت بعد تحريرها.
وعد بيان من إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات، عملية الاستعادة بالثالثة من نوعها التي تفضي باسترداد مواطنين سوادنيين من صفوف التنظيم. ووفقًا لمصادر (السوداني) أمس، فإن عودة المستردين تمت عبر عملية خاصة مشتركة بين قوات الجهاز الليبي والقوات السودانية.

من هم المستردون؟
وتتكون المجموعة من أطفال ونساء ينحدر بعضهم من الخرطوم وهن التوأم منار وأبرار عبد السلام العيدروس، إضافة إلى آخرين من منطقة “دردوق”، والبقية من دارفور “أم دخن، ووادي صالح”. وتضم المجموعة كذلك الشقيقتين نورة وحاجة حسن أبكر صغيرون، وأصالة حسين عثمان، نورة صابون محمد موسى، حنان عبد الرحمن اسحق. أما الأطفال فهم عبد الله بدر الدين التيجاني، معاوية عبد الله يحيى، سمية آدم محمد عبد الله. ووفقًا لمعلومات (السوداني) فقد قدم الطفل عبد الله بدر الدين إلى ليبيا بمعية والده في العام 2015م ويبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا أما بقية الأطفال فقد ولدوا في السجن، فيما لقي آباؤهم حتفهم.
وذكرت إدارة الإعلام بجهاز الأمن، أن الجهاز سيظل في عمل دؤوب لجهة تحقيق واستعادة الطمأنينة لهؤلاء المستردين وأسرهم التي ظلت تعاني من طول غيابهم وانخراطهم في صفوف التنظيم الإرهابي دون وعي منهم أو إدراك لمخاطر هذا التنظيم، ونوه البيان إلى اهتمام ومتابعة الدولة وجهاز أمنها بهذا الملف بجانب حرصهم على استقرار الحالة النفسية والصحية لعموم المستردين حتى يتسنى لهم تمام الاندماج في مجتمعهم وبين أبناء وطنهم.

أبرز القادمات
شهد العام 2015م انضمام عدد من السودانيين لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، معظمهم كانوا من طلاب جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا. وكثيرون منهم لقوا حتفهم جراء عمليات قصف، فيما اكتنف الغموض مصير بعضهم، بينما كان الاعتقال مصير آخرين..
في العام 2017م أعلنت السلطات إلقاء أجهزة الأمن الليبية القبض على التوأم أبرار ومنار عبد السلام، اللتين انضمتا لـ (داعش)، ووفقًا لتقارير إعلامية نقلًاعن فيديو مصور لأبرار خلال وجودها بليبيا سردت فيه قصة انضمامها للتنظيم، فإنها – أي أبرار – من أسرة غير متشددة، يعمل والدها بتجارة قطع غيار الشاحنات، درست مراحلها الدراسية في الخرطوم، أما الجامعية فقد كانت تدرس بالجامعة الوطنية الخاصة كلية المختبرات الطبية، أما توأمها منار فكانت تدرس في جامعة الخرطوم للعلوم الطبية والتكنولوجيا. وجاء انضمامهن للتنظيم عن طريق صديقة توأمها منار وهي آية الليثي التي كانت على تواصل مع شباب التحقوا سابقًا بالتنظيم وأقاموا في مدينة سرت بليبيا، وعقب ترتيب السفر عن طريق صديق آية، غادرت التوأم برفقة صديقتهما السودان في أغسطس من العام 2015م عن طريق التهريب من الخرطوم إلى أم درمان وصولًا إلى الحدود الليبية السودانية.
وتشير أبرار إلى أنهم عقب وصولهم تم تسليمهم إلى عناصر التنظيم على الحدود، وقاموا بتوصيلهم عبر الطرق الصحراوية إلى مدينة أجدابيا غرب بنغازي، بعد رحلة استغرقت يومًا واحدًا، وفي بداية سبتمبر تم الإنتقال إلى مدينة سرت، وبعدها بأسبوعين تم تزويجهن من سودانيين يتبعون لتنظيم (داعش)، تزوجت أبرار من جعفر محمد، وكنيته “أبومجاهد”، يعمل بـ”شرطة داعش”، وتوأمها “منار” تزوجت من القيادي السوداني “أبو يعلى”، أما “آية” فتزوجت من صديقها أحمد.

عودة أولى
طبقًا لرصد (السوداني) فهذه هي المرة الرابعة التي تتم فيها إعادة أبناء ينتمي آباؤهم لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والمرة الأولى التي تتم فيها إعادة أفراد سودانيين ينتمون للتنظيم. وفي الوقت الذي تمت فيه إعادة بعض الأبناء سابقًا كانت أمهاتهم القادمات الآن قيد الاعتقال. ووفقًا لمعلومات (السوداني) فإن عمليةً أخرى ستجري لتتم من خلالها إعادة بعض السودانيين الذين اتجهوا إلى سوريا.
تحليلات تذهب إلى أن ثمة اتفاقات تمت بين بعض الأجهزة الأمنية في دول مختلفة والدول التي يوجد بها مقاتلون بهدف تصفيتهم، فيما تجري عملية اعتقال واسعة لغير الأجانب في بلدانهم. ويشير المختص في الجماعات الجهادية د. محمد خليفة صديق في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن عودة المقاتلين سواء مباشرة أو عن طريق وسيط لبلدانهم حدثت من قبل لكن بشكلٍ مختلف إذ تم القبض على مقاتلين وإيداعهم بسجن غوانتانامو.
وحول العودة المباشرة، فيرجح خليفة في حديثه لـ(السوداني) أمس أنها تمت عقب الأحداث الأخيرة في سوريا لجهة وقوع اتفاق بين الحكومة السورية وبين عدد من الجهات الأمنية بأن يتم السماح للمقاتلين بالخروج من المناطق كالغوطة وغيرها، لافتًا إلى أن الجهة التي سمحت بخروجهم حددت أماكن وجودهم وجنسياتهم وتم الاتفاق مع دولهم على تسليمهم.

مخاطر العودة
ينظر كثيرون بعين الريبة للعائدين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) توجسًا من الأفكار والقناعات التي دفعت بهم للالتحاق بالتنظيم، وخوفًا من انضمامهم لجماعات أخرى في إفريقيا كحركة الشباب الصومالي وبوكو حرام بنيجيريا. ومما يرفع من وتيرة الخوف وقوع حوادث تنسب لمتطرفين آخرها التي وقعت أواخر مارس داخل أحد المساجد بمدينة كسلا وقُتِلَ على أثرها شخصان وأصيب 8 أشاص آخرين من قبل رجل وصفت أفكاره بالتكفيرية.

وحول عودتهم يشير خليفة إلى أن عودتهم لا تعني إطلاق سراحهم قبل التأكد من قابلية اندماجهم في المجتمع السوداني وتخلصهم من أفكار التنظيمات المتطرفة، لافتًا إلى أن السودان مصادق على عدد من الاتفاقيات الأمنية، مرجحًا أنهُ يتم وفقها التفاهم بين الجهات المختصة على أن تتسلم كل دولة أفرادها، مرجحًا إيداع بعض المقاتلين في غوانتنامو. ويذهب إلى أن النساء العائدات في الغالب لسن مقاتلات، مرجحًا أن يكون دورهم مساند وداعم أو مقاتلات بشكل غير مباشر، مشيرًا إلى أن بعضهن طبيبات وزوجات مقاتلات، وأضاف: الخطوة القادمة ستكون تأهليهن عبر مركز الرعاية والتحصين الفكري إلى جانب أن الأحداث الهائلة التي مرت بهم ربما أعادة بعضهم لصوابهم.
وطبقًا لتقارير إعلامية يقدر عدد السودانيين الملتحقين بـ(داعش) نحو 250 مقاتلا توزعوا بين العراق وسوريا، وليبيا، وأن السلطات السودانية تعي مخاطر عودة المقاتلين خصوصًا بعد انخراط السودان في عمليات مكافحة الإرهاب والتحالف ضده متخذةً عُدة إجراءات كمراكز للتحصين الفكري ومراجعة المتطرفين عبر الحوار.

أبناء (داعش)
خلال الأعوام السابقة والتي انضم فيها شباب من كلا الجنسين للتنظيم تزوج بعضهم، وعقب غاراتٍ جوية لقي بعضهم حتفه تاركين أبناءهم لمصيرٍ مجهول، لكن عبر عمليات لجهاز الأمن الليبي التي تم فيها اعتقال بعضهم كان مصير الأبناء مختلفًا، فبتنسيق بين الجهات الأمنية في البلدين تمت إعادة بعض الأبناء وتسليمهم لذويهم في الخرطوم، في فبراير من العام 2017م تمت إعادة الطفلة لجين أحمد البالغة من عمر وقتها (4) أشهر التي سلمتها السلطات بليبيا للصليب الأحمر بعد مقتل والديها أثناء عملية البنيان المرصوص لتحرير سرت.

ولجين وهي ابنة آية الليثي وزوجها أحمد وكانا يدرسان بجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا التي سافرت إلى ليبيا في العام 2015م.

في أغسطس من ذات العام تمت إعادة أربعة أطفال ينتمي آباؤهم للتنظيم عقب مقتل آبائهم إثر غارة نفذتها القوات الليبية وينتمي 3 من الأطفال لأسرة زعيم أنصار السنة المحمدية الراحل أبو زيد محمد حمزة من أبناء نجله محمد أبو زيد وهم عبد الله محمد أبو زيد، عفراء، وعبير.

في يونيو من العام 2017م أعلن العميد أمن التيجاني إبراهيم من إدارة مكافحة الإرهاب في تصريحات صحفية بالمطار عن عودة (8) أطفال سودانيين من منطقة مصراتة الليبية ترواحت أعمارهم من 10 شهور إلى 9 سنوات، فيما كانت أمهات الأطفال قيد الاعتقال، بينما عاد جزء من الأطفال إلى ذويهم، كما تسلمت أمين مجلس الطفولة سعاد عبد العال اثنين من الأطفال مفقودي الأهل.

الخرطوم: إيمان كمال الدين
السوداني

Exit mobile version