صلاح الدين عووضة

حتى الموت !!


*معظم المخلوقات لها قائد يقودها..

*يقودها بمحض اختيارها… وتطيعه طاعةً عمياء..

*بمعنى أن السرب – أو القطيع – يتوافق على واحد من بينهم ليكون رئيسا..

*إما لكبر سنه… أو عظم تجربته… أو رجاحة عقله الفطري..

*ثم لا يعصون له أمراً وإن قادهم إلى الموت..

*وسنأتي لتفصيل ذلك في سياق كلمتنا اليوم… فهو جوهر الفكرة..

*عدا البشر… فما كل الذين يقودونهم يتوافقون عليهم بمحض اختيارهم..

*فهنالك من يفرض نفسه رئيساً على شعب بالقوة..

*ثم يظل يقود شعبه هذا طوعاً أو كرهاً… يقودهم إلى حيث (يريهم ما يرى)..

*وهتلر كان يرى أن الجنس الآري هو الذي يجب أن يسود..

*فقاد شعبه إلى حروب ضد العالم… فكان الهلاك والدمار والموت..

*وقلة منه رفضت هذا الجنون… فضاعت أصواتها وسط ضجيج الشبيبة والمجنزرات..

*أو ضاعت أرواح بعضهم وسط صخب محاكمات التخوين..

*والغالبية التي كانت تصدر ضجيج التأييد تلك شخَّص حالتها عالم النفس فروم..

*قال إنها أُصيبت بمرض (رهاب الحرية)… جماعياً..

*ومن ثم فلم يعد هنالك فرق بينها وبين قطيع الحيوان الذي يقوده قائد..

*فالقائد يمكن أن يكون حيواناً… أو إنساناً بعقلية الحيوان..

*وبحسب فروم فالألمان – وقتذاك – التمسوا الحماية لدى هتلر… خوفاً من الحرية..

*وذهبوا خلفه حيثما ذهب يحارب؛ شمالاً… وغرباً… وجنوباً..

*ولم يثوبوا إلى رشدهم (الإنساني) إلا حين ذهب هو عنهم… منتحراً..

*لم ينتحروا خلفه كما فعلت مجموعة من الحيتان أمس..

*فقائدها جنح ونفق… وجنحت هي مثله مرددةً بلسان الحال (موت الجماعة عرس)..

*جنح نحو (40) حوتاً طياراً على شاطئ مهجور بنيوزيلندا..

*والعام الماضي نفق (300) حوت وراء قائدهم الذي قذف نفسه على الساحل..

*ونظرية إريك فروم لا تنطبق على مثل هذا (الانقياد) الحيواني..

*فالإنسان حباه الله بعقل يميز به بين الحرية والعبودية..

*فإذا ما انساق وراء قائد انسياقاً أعمى – إلغاءً لعقله – فلا فرق بينه والحيوان..

*فهو مثله يخشى الحرية… ويحب أن يفكر آخر نيابة عنه..

*حتى وإن كان الآخر هذا – القائد – مجنوناً كهتلر… أو جانحاً مثل قائد الحيتان..

*وكثير من مثقفي العالم الثالث الشمولي يرسخون هذا الفهم..

*يقولون إن شعوبهم غير مهيأة – ذهنياً ونفسياً – إلى أن تحكم نفسها بنفسها..

*أي أن تختار قائدها… وحكومتهم… ونواب برلمانهم ديمقراطياً..

*فهي تحب أن يفرض أحدٌ ما نفسه قائداً عليهم بالقوة… ثم يصيرون له تبُّعاً..

*وإذ تؤيد قائدها الملهم فهي تثبت على نفسها صفة العبودية..

*وتتبعه من ثم مثلما تتبع الطيور… والقطعان… والحيتان… قائدها..

*حتى وإن قادها إلى الموت !!!.

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة