الصادق الرزيقي

الحوار الوطني إلى أين ؟..


لا يمكن وصف جلسة مجلس الوزراء الموقر رقم (8) للعام 2018 يوم أمس، بأقل من أنها جلسة تاريخية ذات مضامين قيِّمة. ففي هذه الجلسة التي استمرت لست ساعات وحضرها قادة العمل الإعلامي والصحافي،

وخصصت هذه الجلسة للاستماع لتقارير اللجنة العليا لمتابعة مخرجات الحوار الوطني، تم استعراض ومناقشة ثلاثة تقارير،هي : ( التقرير المرحلي لموقف تنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني ) و ( مشروع قانون التعديلات المتنوعة رقم -1- المرتبة على توصيات الحوار الوطني لسنة 2018) و (وثيقة السياسات العامة للدولة).
> وتمثل هذه التقارير زبدة وحصاد وخلاصات التجربة السودانية الخالصة في التطور السياسي والاجتماعي عقب انطلاق الحوار الوطني في شقيه السياسي والاجتماعي، وما يتصل بالدولة من التزامات وسياسات واجبة التنفيذ شملتها توصيات ومخرجات الحوار وصنفتها اللجنة العليا لمتابعة مطلوبات الوفاق الوطني في (994) توصية شملتها (4) محاور أساسية هي ( تعديل الدستور، الشريع والعدل، الإجراءات، السياسات ) .
> جلسة مجلس الوزراء أمس اتسمت بنوع غير مدرك ومسبوق من الوضوح والصراحة والحديث الشفاف للغاية بين أعضاء المجلس وهم يمثلون حكومة الوفاق الوطني المكونة من أحزاب الحوار والحركات المسلحة التي شاركت فيها، ولم نكُ نحن الصحافيون نتوقع هذا النوع من التحاور والنقد الذاتي ومواجهة النفس بالحقائق والرأي والرأي الآخر بين السادة الوزراء، كما أتاح السيد رئيس مجلس الوزراء القومي الفريق أول بكري حسن صالح فرصاً للقيادات الصحافية والإعلامية التي حضرت اللقاء، للمشاركة في النقاش وإبداء الملاحظات، للتكامل مع جملة ما دار في الجلسة .
> في تقرير اللجنة العليا لمتابعة مطلوبات الحوار الوطني وإنفاذ مخرجات الحوار الذي قدمه السيد جمال محمود وزير الدولة بمجلس الوزراء مقرر اللجنة وردت معلومات قيمة عن منهج اللجنة وعدد اجتماعاتها ومتابعتها للتنفيذ في لجانها المختلفة وزياراتها الميدانية للوزارات والولايات واللقاءات المتنوعة التي عقدته وإحاطتها بتقارير القطاعات واللجان المختلفة ومتابعة تنفيذ برامج إصلاح الدولة، وصنفت اللجنة التوصيات ووزعتها على محاورها خاصة التوصيات ذات الاختصاصات المشتركة بين المركز والولايات وتنفيذ التوصيات بالقطاعات الوزارية وغيرها، وأشار التقرير الى ما تم تنفيذه من توصيات الحوار الوطني في القطاعات والوزارات ونسبها التنفيذ المئوية وما تم تنفيذه كلياً وجزئياً رغم قصر المدة وضيق الوقت .
> وقدم رئيس لجنة العدل والتشريع وزير العدل د.إدريس جميل تقريراً حول التعديلات المتنوعة المترتبة على التوصيات وتتماشى مع مخرجات الحوار الوطني، وأبرز ما جاء في التعديلات هو تكييف جريمة الفساد باعتبارها (خيانة عظمى) إذا مست الأمن القومي أو المصالح العليا للبلاد، وتم تعديل القانون الجنائي لسنة 1991م وأضيفت التعديل المادة (50 أ) التي تعتبر بعض أفعال الفساد جريمة خيانة عظمى يعاقب عليها القانون الجنائي، كما تم تعديل في بعض القوانين في ما يتعلق بالحصانات الممنوحة لغير مستحقيها وتقييدها بالقانون ومنح سلطات رفع الحصانة وتم تعديل المادة (35) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة1991م حول رفع الحصانة ومدة تقييدها كما عدلت المادة (50 /ب) الخاصة بالرأي السياسي وعدم معاقبة مرتكبها بالإعدام، كما تم تعديل في قانون الشرطة وقانون الأمن الوطني حول كيفية رفع الحصانة وإدخال التفويض بدلاً عن الضابط الأعلى، بالإضافة الى تعديلات في قانون القوات المسلحة وقوانين القوات المسلحة وحصاناتها، القوات النظامية الأخرى مثل الدعم السريع والخدمة الوطنية، بالإضافة إلى قانون تنظيم وزارة العدل في المواد المتعلقة بحصانات المستشارين وأعضاء النيابة العامة، وعدَّدَ الوزير عدد المواد التي حذفت من القوانين، كلها تعضد جهد الدولة وحربها على الفساد.
> في وثيقة السياسات العامة تم استعراض وثيقة السياسات العامة وقدمها البروفيسور هاشم علي سالم وزير المعادن رئيس اللجنة، وهي تمثل الأطر والسياسات والموجهات للخطط الإستراتيجية والأهداف والخطط التشغيلية، وهي المرجع لكل السياسات للقطاعات والوزرات ومؤسسات الدولة الموزعة ما بين الدستور والمرسوم الجمهوري المنظم لاختصاصات الوزارات وأسبقياتها، وحددت الوثيقة التحديات السياسية للدولة مثل كثرة وتشظي الأحزاب والاستهداف الخارجي والنعرات القبلية والجهوية والدينية والمذهبية، والصراعات المسلحة ووجود الحركات المسلحة بالإضافة إلى تحديات العلاقات الخارجية، ثم تناولت التحديات الأمنية كالحروب وعدم الاستقرار في دول الجوار والهجرات غير الشرعية وتجارة وتهريب السلاح والمخدرات والتهريب، وكذلك بقية التحديات الأخرى الخارجية والاقتصادية والاجتماعية ومحاور أسياسات عامة ..
نواصل غداً…

الصادق الرزيقي – صحيفة الانتباه