منوعات

هل تعاني المجتمعات العربية من عنصرية مسكوت عنها؟


تعليقات “عنصرية” تلقاها لاعب كرة القدم المصري المحترف في كندا، علي غزال، عندما نشر صورة تجمعه بابنته بمناسبة مرور عام على مولدها، تثير نقاشا حول العنصرية، وأحد تعريفات العنصرية هو “الاعتقاد أنك أفضل من الآخر أو أن الآخر أقل منك درجة بسبب العرق أو الجنس أو لون البشرة أو الدين أو المكانة الاجتماعية”.

ونظرا لمخاطر العنصرية، أولى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أهمية لمجابهتها، إذ تنص المادة الأولى من الإعلان على ولادة “جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء”.

وتنص المادة الثانية من الإعلان ذاته على أن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، “دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر”.

وبالرغم من ذلك، تتكرر الحوادث العنصرية من وقت لآخر، ولعل من آخرها ما تعرض له لاعب كرة القدم علي غزال، وهو لاعب مصري الجنسية ومحترف في نادي “فانكوفر” الكندي، المشارك في مسابقة الدوري الأمريكي لكرة القدم.

علي غزال
وبدأت القصة عندما نشر الاعب المصري، على موقع تويتر، صورة له حاملا ابنته ليلى محتفلا بعيد ميلادها الأول. وبعد نشر الصورة، بدأت تعليقات التهنئة تصل اللاعب متمنية لابنته مستقبلا باهرا، إلا أن تعليقات أخرى تلقاها غزال، وكانت تتناول لون بشرة اللاعب ومقارنتها بلون بشرة ابنته، وتعليقات تتساءل عن ماهية ديانة الابنة ذات العام الواحد. وعلي غزال لاعب ينحدر من أصول مصرية نوبية ومتزوج من أوروبية.

ولعل بعض التعليقات المسيئة ضايقت اللاعب المصري مما دفعه لنشر تغريدة قال فيها: “الحقيقة انا مش بزعل من أي تعليقات نظرا لأن عقول الناس مش زي بعض لكن للأسف اللي يزعل أن العنصرية اللي قابلتها في مصر أسوأ من كل الفترة اللي عشتها برة مصر اللي تكاد تكون منعدمة من الأساس! أسف إنما دي حقيقة”.

ودفع سلوك اللاعب الدمس وعدم رده مباشرة على التعليقات “العنصرية” الكثير من المغردين والمشاهير خاصة في مجال الرياضة إلى التغريد تأييدا للاعب ومؤازرة له، و كذلك تنديدا بما تعرض له من عنصرية.

ويبدو أن الدعم الذي تلقاه اللاعب دفعه إلى التغريد ثانية قائلا: “من أحلى الصفات اللي فينا معظم المصريين إننا بنبقى في ضهر بعض في مواقف كتير و بنقدر بعض و الله اللي شفته من الناس من امبارح نعمة بحمد ربنا عليها رغم والله اني مش زعلان من أي حد قال حاجة وحشة لكن الاحترام من الناس قام بالواجب!”.

ويسلط هذا الحادث وغيره الضوء على مدى فعالية الجهود الدولية والمجتمعية للتعامل مع العنصرية، خاصة في ظل وجود الكثير من المواثيق الأممية والقوانين الداخلية التي تنص على مجابهة العنصرية وتفرض عقوبات على مقترفها.

رأي علم الاجتماع
يقول الدكتور هشام الحاجي، أستاذ علم الاجتماع التونسي، في حديث مع بي بي سي عربي، إن العنصرية “آلية من آليات إفراد لون أو طائفة أو جنس أو عرق أو دين بصفات غالبا ما تكون سلبية وبشكل جماعي ومسبق ولا تأخذ بعين الاعتبار عامل الكفاءة والتفوق الفردي”.

ويرى الحاجي أن العنصري لديه “معتقدات عميقة أو عتيقة بتفوقه”، وأن سبب تلك المعتقدات قد يرجع إلى الأرضية الثقافية أو البيئة الاجتماعية.

ويضيف الحاجي أن “السلوك العنصري يظهر بشكل أوضح في المجتمعات التي تمر بأزمات اقتصادية واجتماعية”. ويردف أنه “لم تجرَ دراسات حقيقة ومتعمقة لتحديد درجة العنصرية في المجتمعات العربية، لكنها موجودة وتظهر ضد الشرائح الأضعف في المجتمع”.

ويرى الحاجي أنه “لا يجوز تبرير السلوك العنصري وتصويره بأنه مزاح، مؤكدا أنه في كثير من حالات المزاح يكون الفرد على طبيعته ويعبر عن أفكاره الحقيقية وما يدور في خاطره دون وضع قيود عليها”.

ويقول أستاذ علم الاجتماع إن “العنصرية سجن يوجد داخل الجاني والمجني عليه”.

ويضم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ثلاثين بندا، ويعد وثيقة تاريخية هامة في تاريخ حقوق الإنسان، شارك في صياغتها ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم. واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1948.

برأيكم،

لماذا يتصرف البعض بعنصرية؟

هل يوجد في مجتمعك قوانين لمواجهة العنصرية؟

كيف تقيم جهود المجتمع المدني في مواجهة العنصرية؟

هل تتفشى العنصرية في مجتمعات أكثر من غيرها؟ ولماذا؟

بي بي سي عربية