رأي ومقالات

هشام أحمد: دعوة للأمل والعمل – قبسات من تجربة نهضة كوريا الجنوبية


أدناه جزء من مقال طويل – أنقله بتصرف – نشره الأخ علي عبدالرحيم في صحيفة الشرق القطرية في يونيو 2014 تحت عنوان (السودان: آفاق غبشاء)، هذا الجزء يلخص مرحلة النهضة الكورية الجنوبية من دولة في الحضيض كانت تصدر فقط السمك وخام التنجستان والشعر المستعار إلى قمة الدول الصناعية تحت قيادة وطنية صادقة في سنوات معدودات، قصة كوريا الجنوبية نقلاً من كتاب (السامريون الأشرار: خرافة التجارة الحرة والتاريخ السري للرأسمالية.

Bad Samaritans : The Myth of Free Trade and Secret History of Capitalism)
لكاتبه هاجوون تشانق Ha-Joon Chang أستاذ إقتصاديات التنمية بجامعة كامبردج، والكوري الأصل.
ويمكننا القول في ضوء هذه التجربة أن كل الأمم قابلة للنهضة إن توفرت لها قيادة ذات عزيمة ورشد!
الكتاب جميل ومفيد وأدعو الجميع لقراءته.
هشام أحمد.

يقول علي عبدالرحيم:
“ولد هاجوون تشانق في كوريا الجنوبية عام 1963 في وقت كانت كوريا فيه واحدة من أفقر دول العالم (متوسط دخل الفرد في 1961 كان 82 دولارا في حين كان في غانا 179 دولارا في السنة). انتمى هاجوون لأسرة من الطبقة المتوسطة العليا حيث كان أبوه – خريج هارفارد – موظفاً حكومياً كبيراً في الدولة رغم ذلك كان يسكن في شقة من غرفتين بلا دورة مياه (حمام بلدي!). ذكر هاجوون أن أحد أقربائهم زارهم يوماً وسأل والدته عن ماهية (الدولاب الأبيض) الغريب في صالتهم، كانت تلك هي الثلاجة! وكان الجيران يخزنون اللحم الغالي عندهم كما لو كان بنكاً. عندما دخل هاجوون إلى المدرسة في 1970 كان الفصل يزدحم بـ65 تلميذاً ولكن مدرسة هاجوون كانت خاصة، المدرسة العامة بجوارهم كان الفصل يضيق بـ 90 تلميذاً. يذكر هاجوون أن الجنرال بارك حاكم كوريا في ذلك الوقت أعلن عن خطة للنهوض بمستوى دخل الفرد إلى 1000$ بحلول عام 1981 والذي كان يعتبر هدفاً مبالغاً في الطموح. في عام 1973 قام الجنرال بارك بإطلاق مشروع برنامج الصنعنة الكيميائية والثقيلة (HCI) حيث أسس أول مصنع للحديد الصلب وباحة لصناعة السفن وبدأ إنتاج أول سيارة محلية التصميم (وإن كانت الأجزاء معظمها مستوردة). ثم توالى إنشاء المصانع للإلكترونيات والماكينات والكيماويات وغيرها من الصناعات المتقدمة. في الفترة ما بين 1972 و1979 فقز دخل الفرد بأكثر من خمسة أضعاف واستطاع الجنرال بارك الوصول إلى هدف الـ 1000$ قبل الموعد بأربع سنوات، وقفزت الصادرات الكورية في ذات الفترة تسعة أضعاف. يذكر هاجوون أن هوس البلاد بالنهضة الاقتصادية كان منعكساً حتى في التعليم. يقول إنه وفي ظل الشح والحاجة الماسة في البلاد للعملة الحرة كان التبليغ عمن يُرى وهو يدخن سجائر أجنبية واجباً وطنياً. كانت العملة الصعبة هي “العرق والدم لجنودنا الصناعيين الذين يخوضون معركة الصادرات في مصانع البلاد”، يقول هاجوون: يُنظر إليهم على أنهم غير وطنيين بل ومجرمون، وكانت الدولة تمنع استيراد البضائع الكمالية أو تفرض عليها جمارك عالية. بل إن السفر كان ممنوعاً حفظاً للعملة الصعبة ما لم يكن بإذن الحكومة لعمل أو دراسة. يقول هاجوون إنه لهذا السبب لم يخرج من كوريا حتى بلغ 23 عاماً حين خرج للدراسة في كامبردج.

كانت كوريا في مطلع الثمانينيات قد تمكنت من تقليد الكثير من المنتجات الصناعية المتقدمة ولكنها لم تتمكن في ذلك الوقت من الابتكار والإبداع لتحتفل ببراءاتها العلمية وماركاتها التجارية العالمية. اليوم تعتبر كوريا واحدة من أكثر الدول إبداعاً حيث تصنف من الخمسة الأوائل عالمياً في عدد البراءات العلمية، بينما كانت في الثمانينيات تعيش على (الهندسة العكسية)، وتعتبر من (عواصم القرصنة) في العالم. بنهاية الثمانينيات ثبتت كوريا مكانتها كإحدى أفضل الدول متوسطة الدخل (upper-middle-income) وكان أبرز دليل على ذلك أن الدول الأوروبية أعفت الكوريين من طلب تأشيرة الدخول، فالكوريون لم يعد لديهم ما يدفعهم إلى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. في عام 1996 انضمت كوريا إلى نادي الدول الغنية OECD. انتقلت كوريا في أقل من 40 عاماً من تصدير خام التنجستان والأسماك والشعر المستعار إلى تصدير السيارات والسفن والهواتف الذكية.”


تعليق واحد

  1. كلام كويس لو البلد فيها ناس بتفهم وتخلي يكون في أمل. الفساد ما خلا لينا شي.