الطيب مصطفى

متى نقطع يد البصيرة أم حمد؟!


مما يفقع المرارة ويفري الكبد، أن الطاقم الاقتصادي لا يزال يدير الاقتصاد بفقه البصيرة أم حمد، ويُحرم الناس من أموالهم المودعة لدى البنوك!

من تراه يصدّقني أن قلت إنني أرسلتُ أحدهم بشيك قيمته خمسة آلاف جنيه، فقيل له إن الحد الأقصى المسموح به ألف وخمسمائة جنيه؟! أي والله ألفاً وخمسمائة من الجنيهات هي المتاحة بالرغم من أنها لا تسمن ولا تغني من جوع، فقد أقسم من أرسلته للبنك أن بعض المصطفين في انتظار الفرج رفضوا عرض البنك لأنه لا يلبي مطلوباتهم فبعضهم مقاولون يريدون (تصريف) عمالهم وبعضهم أصحاب التزامات تحتاج إلى مئات الملايين ولكن!

من تراه يصدق نظامنا المصرفي بعد الآن ويذهب وهو بكامل قواه العقلية ليودع أمواله في بنوك يعلم يقيناً أنها لن تسمح له بسحب ألفي جنيه، ثم أليس ذلك هو النهب (المسلح) بعينه؟!

هل يعقل أن تقدم حكومتنا السنية على خطوة غريبة كهذه للضغط على السيولة حتى تكبح من جماح الدولار، وتوقف تمرّده بدون أن تفكر في الآثار الكارثية المترتبة على ذلك الإجراء، والتي أرجعت الناس القهقرى إلى أيام سلفت كان الناس خلالها يحفظون أموالهم في الخزن الحديدية التي راجت من جديد، وتزايدت أسعارها في ردة أرجعتنا إلى حقبة تاريخية غادرها العالم منذ أكثر من قرن من الزمان؟!

أي كابوس ذلك الذي يُخيّم على حياتنا ونحن بين يدي شهر رمضان المبارك، وكيف تعود الثقة مرة أخرى إلى النظام المصرفي وكم يستغرق ذلك من وقت ومن جهد، بل كيف يحدث ذلك والأزمة لا تزال تُمسك بخِناق البلاد ولا أحد يدري متى تنفرج، بعد أن اعتاد الناس على طوابير وصفوف الوقود حتى برمجوا حياتهم عليها وأقاموا الجمعة والجماعات أمام الطلمبات؟!

ثمة سؤال طرحناه من قبل داخل البرلمان وخارجه: ماذا بربكم سيحدث للدولار عندما يتمكّن الناس – بعد عمر طويل – من سحب أموالهم؟!

وا حر قلباه .. أقولها متحسراً لأسأل: هل يُعقل أن يعود الناس إلى الفحم الذي تصاعدت أسعاره بعد أن عزَّ الحصول على غاز الطبخ ونشط (مدمرو الغابات) وقاطعو الأشجار بعد أن عادوا إلى ذلك (الفرّار) اللعين من جديد ليفتكوا بالأشجار ويدمرونها تدميراً بكل ما يعنيه ذلك من آثار مريعة على البيئة؟!

انقضّت الحكومة على طريقة دون كيشوت على وزارة الخارجية وأعملت فيها سيفها البتار، بينما تجاهلت مواطن البلاء الحقيقي الذي تسبّب في الكارثة الاقتصادية التي نتمرغ في جحيمها!

لا أنتقد مراجعة أي تجاوزات بذخية في العمل الدبلوماسي ولكني أدهش لقصر تلك الحملة على وزارة الخارجية!

والله إن المئة واثنين مليون دولار التي شكت الحكومة من عجزها عن توفيرها والتي تسبّبت في أزمة الوقود توجد لدى عشرات الجهات الحكومية التي تضخّمت إلى إمبراطوريات اقتصادية هائلة لا تُحاسب ولا تُساءل بل في كل قوة عين تنشئ المؤسسات (الترفيهية) الكبرى التي يكلف كل منها أكثر مما شكا رئيس الوزراء أمام البرلمان من عدم توافره في خزانة الدولة بل تتبرع بإنشاء مؤسسات لجهات أخرى، مما يعني أنها تعاني من التخمة في وقت يتضوّر فيه قطاع التعليم مثلاً من الجوع إلى المال وتعاني كثير من الولايات والمحليات من مدارس القش، بل ومن عدم وجود العدد الكافي من مدارس الأساس ناهيك عن التعليم الثانوي!

فشل مبدأ ولاية المالية على المال العام بسبب واحد هو ضعف القرار السياسي المُلزم لمراكز القوى التي منحت إذناً بتجنيب المال العام رغم أنف القانون الذي يحرم ذلك فقد وجدوا إشادات من كبار قيادات الدولة على مشاريع ومبانٍ ضخمة أقيمت من خلال التجنيب!

أخطر ما في السماح بالتجنيب أنه يشرعن للفساد الذي انتشر بشكل كبير، وللأسف فإن شرعنة الفساد تغل يد السلطات الرقابية مثل المراجع العام.

هناك معالجات كثيرة للمشكلة الاقتصادية، كتب الباحثون والاقتصاديون عنها كثيراً ولكنها تحتاج إلى قوة القرار السياسي وإنفاذه على الجميع بالتساوي مع إنهاء الدولة العميقة والمعاملة الخاصة التي تُوفّر لمراكز القوى.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


‫3 تعليقات

  1. يا عزيزي وزارة الخارجية و وزارة المالية و بنك السودان ديل جزر في بلاد الواق واق؟ ماهم ديل مع بقية الوزارات و القصر الجمهورية هم الحكومة… وزير المالية بقرر براهو و لا قرار حزب و مجلس وزراء؟
    البصيرة ام حمد راقدة في القصر الجمهورية و في كل الوزرارات و في دار حزب اللصوص الحاكم …
    البصيرة ام حمد جوة جلابيتك!