الصادق الرزيقي

قرارات.. ثم ماذا بعد؟!


من المؤكد أن الإجراءات التي أقرها المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بشأن الوضع الاقتصادي في اجتماع مساء أول من أمس، ضرورية ولازمة، لكنها ليست جديدة على إطلاقها، فجزء كبير من هذه الإجراءات مشمول بالسياسات الاقتصادية الحالية،

وتم تطبيقه من قبل، مثل سياسات الصادر والوارد وتوجيه الموارد نحو الإنتاج، وكذلك وضع الشركات والهيئات الحكومية وتدخلاتها في السوق وقيامها بشراء العملات الأجنبية، لكن يتعين طرح سؤال مهم، هل على المستوى المتوسط وليس القريب ستعالج هذه الإجراءات الضوائق الاقتصادية الحالية وتعطي نوعاً من الرجاء؟ أم ستواجه مصاعب تقود إلى إخفاقها؟ فالمعروف أن مثل هذه التدابير لن يكون لها أثر مباشر وفعال فور إعلانها ومع بدء تطبيقها، إلا إذا ارتبطت بمعالجات كلية وجوانب تنظيمية ومتابعات صارمة وحاسمة وترتيبات أخرى تساعد على هيكلة الاقتصاد ومعالجة الاختلالات من جذورها.
> لكن دعونا من هذا كله، هل ما يقال عن تغييرات وزارية وفي بعض مواقع الولاة بالولايات هو المطلوب حالياً؟ لقد ظل الرأي العام يترقب تعديلات تشمل القطاع الاقتصادي برمته، ليس بسبب فشل الوزراء أو عجزهم كأشخاص، وإنما لعدم قدرة القطاع الاقتصادي على إدارة الملف والتنسيق الكافي في السياسات الاقتصادية والمالية ومتابعة تنفيذ ما تم اقراره من قبل من قرارات، بالإضافة إلى الفراغ الهائل الذي خلفه القطاع الاقتصادي أمام الرأي العام المحلي، حتى يستطيع عامة الناس تفهم وتقبل مضاعفات الحالة الراهنة، فالصبر على السياسات الاقتصادية وتحمل ضوائقها لا يعني تفهمها أو الاقتناع بها، ولهذا السبب تجد المواطنين المهتمين تلقائياً يحملون القطاع الاقتصادي الحكومي مسؤولية ما يجري.
> ويبدو المؤتمر الوطني وهو يحاول إيجاد علاج للوضع الاقتصادي الحالي ويخفف من الضغوط المعيشية ويتجه لإيقاد قبس من الأمل لدى عامة الناس، يجتهد ويتجه إلى معالجات أخرى ليست هي المرغوبة الآن ولا المطلوبة منه حالياً، فهو مثل ذلك الشخص الذي يعاني من مضاعفات ملاريا حادة فتناول لها دواءً لعلاج آلام الأسنان!! المرتجى من الحزب الحاكم في الوقت الراهن توجيه كل جهوده وأفكاره وإجراءاته الداخلية التنظيمية ومراجعاته لشؤون الحكم، واستفراغ الوسع في الاجتهاد في كيفية مواجهة تفاقم الحالة المعيشية والصعوبات والتحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، فليصوب تجاه المشكل الحقيقي، وطمأنة عامة الشعب بنجاعة الإجراءات التي اعتمدها مكتبه القيادي مساء أول من أمس.
> توجد أسئلة ملحاحة ينبغي الإجابة عنها بوضوح كافٍ، يتناقلها عامة المواطنين في إطار تفاعلاتهم مع هذه الإجراءات التي اعتمدت، ماذا يفيد التغيير في بعض الوزارات مثل الداخلية والإعلام والشباب والرياضة والعدل، أو تعيين ونقل وإعفاء بعض الولاة، في تجاوز الضغوط الاقتصادية؟؟ ما هي النتيجة ذات الأثر الواضح في حالة الاقتصاد الكلي، إن لم تكن وزارات القطاع الاقتصادي وبقية مؤسسات الدولة المعنية بالوضع الحالي في مقدمة الوزارات والجهات التي يطولها التغيير؟
> من الضروري أن يخاطب المؤتمر الوطني الأزمة الحالية والمشكل الاقتصادي بوضوح وحزم، وأن يصوب بندقيته نحو (التختة).
نقل السفارة الأمريكية
> كل من شاهد الحفل المشؤوم بنقل السفارة الأمريكية لدى دولة الكيان الصهيوني أمس إلى مدينة القدس المحتلة، لا بد أن يربط هذا الحدث بما يجري في حدود قطاع غزة والمواجهات التي انطلقت أمس بقوة في مسيرات العودة المستمرة لأسابيع، والتظاهرات التي انفجرت في كل الأراضي الفلسطينية وفي مدن مختلفة من العالم، فنقل السفارة والاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، لن يغير في حقائق التاريخ شيئاً، فحتى صاحب القرار لم يحضر جنازة عملية السلام المزعومة التي ذبحها بقراره الأخرق، ولم يرفع مستوى تمثيل بلاده إلى مستوى سياسي رفيع، فقد أوفد فقط وزير خزانته، وحلفاؤه الغربيون أعلنوا عدم رغبتهم في نقل سفاراتهم من تل أبيب إلى القدس، ومن سار في قافلة دونالد ترامب المخذولة دول عرجاء وكيانات تابعة، ولن تعطي هذه الخطوة صك ضمان للدويلة الصهيونية بالسيادة على القدس أو اعتبارها عاصمتها الأبدية، فهناك شعب جبار يقاوم، وهناك عالم حر مازال يثق في أن الحق السليب سيعود لأصحابه، وهناك وعد رباني لن يخيب.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة


تعليق واحد