الطيب مصطفى

نورة بين الاتحاد الاوروبي والمناضلين!


أحدثكم اليوم عن (نورة) قاتلة زوجها بحجة أنه اغتصبها وعن عجائب العالم الغربي الذي يرى بعين حولاء غير تلك التي نرى بها .. عين تتعاطف مع المجرم القاتل أما القتيل فمجرد (حمار ومات) ..عين لا ترى في رجل يتزوج رجلاً غير أن ذلك حرية شخصية تشجع ممارستها بل وتأمر الدول (المتخلفة!) التي لا تبيح تلك الممارسة (التقدمية الراقية!) .. تأمرها بتعديل تشريعاتها وقوانينها بغرض إباحتها!

رغم ذلك فإن أمريكا وأوروبا التي تصرخ (وتكورك) صباح مساء وتدعو إلى تبني الديمقراطية والتعددية الثقافية ، تشجع الدول الدكتاتورية على مواصلة قتل وسجن وقهر شعوبها (مصر السيسي مثلاً) طالما أنها متحالفة معها كما أنها ، رغم مناداتها بالتعددية الثقافية ، لا ترضى بأن يخرج أحد على (ثقافتها) التي تبيح الشذوذ الجنسي وتفتح له أندية، أما الدول التي تعترض على ذلك فينبغي أن تمارس عليها الضغوط الاقتصادية والسياسية حتى تذعن لإرادتها وثقافتها التي تنكرها حتى الحيوانات!

آخر تقليعاتهم ما فعلته بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان حول قضية المدعوة (نورة حسين) التي قتلت زوجها خلال شهر العسل مدعية أنه (اغتصبها)! فتلك البعثة لا شغل لها هذه الأيام غير قضية نورة (طبعا ما عندهم صفوف وطوابير بنزين ينشغلوا بيها ولا مشاكل غلاء يضيعون أوقاتهم في البحث عن بقالات أرخص) لذلك أعلنت البعثة عن (متابعتها باهتمام وقلق بالغ قضية نورة)! وذهبت البعثة (الفايقة ورايقة) إلى أبعد من ذلك فأصدرت بياناً بخصوص الحادثة بالاتفاق مع رؤساء بعثات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ورؤساء بعثات النرويج وسويسرا في السودان حيث طالبوا بإلغاء عقوبة الإعدام بحق نورة حسين!

نورة هذه حكمت عليها محكمة أم درمان الوسطى بالإعدام بعد أن أدانتها بموحب المادة (130) من القانون الجنائي – القتل العمد – لكن نورة قالت في دفاعها عن نفسها إن زوجها أجبرها على معاشرته (عشان كده قتلته) (بـ 14طعنة خنجر .. تخيلوا) وبالطبع فإن المحكمة لم تصدر حكمها إلا بعد أن تحققت بصورة لا تقبل الشك من وقائع القضية سيما وأن شروط عقد القران تلزم المأذون ومن يجري العقد على التحقق من رضا العروس من خلال وليها.

لكن أصحابنا (الفايقين) من الاتحاد الأوروبي أبوا إلا أن يرفعوا عقيرتهم ويحشروا أنوفهم في شأن لا يعنيهم ويعلنوا رفضهم لقرار المحكمة السودانية وكأنهم حكام للسودان!

لم يكتف هؤلاء الحشريون بالبيان إنما حركوا مئات الآلاف من النشطاء الأمريكان والأوربيين وفيهم بالطبع بعض (المناضلين) السودانيين الذين يهيمون حباً وعشقاً لكل ما يأتي من أسيادهم الأمريكان .. أقول حركوا أولئك النشطاء ليوقعوا على عريضة يطالبون فيها بإسقاط عقوبة الإعدام عن المحكوم عليها أما القتيل فلا بواكي له .

يحدث ذلك بالرغم من أن وقائع القضية المثبتة لدى الشرطة والنيابة والقضاء تقول إن المجني عليه كان نائماً عندما انهالت عليه نورة بخنجرها فطعنته أربع عشرة طعنة مما يدحض إدعاءات النشطاء من الخواجات (والمناضلين) السودانيين.

هؤلاء (الفايقين) من جماعة الاتحاد الأوروبي وتابعيهم من الناشطين (والمناضلين) ذهبوا إلى شيطنة والدي البنت وكأنهم أرحم وأرأف بالبنت من أمها التي ولدتها وأبيها الذي سهر على تنشئتها حتى زفها إلى زوجها.. فقد زعموا أن والديها تبرآ منها وأنكراها ونبذاها في حين أن الوالد المفجوع لم يفعل غير أن قام بكل شجاعة بإبلاغ الشرطة وتسليم ابنته في تصرف مسؤول يسنده الدين والقانون والمنطق.

اعتدنا على ما يفعله أولئك الأعداء الذين كثيراً ما يحركهم (مناضلون) سودانيون أكاد أجزم أنهم أسوأ من عبدالله بن أبي سلول رأس النفاق في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن يحرك منظمة (كفاية) الأمريكية (ENOUGH) مثلاً والتي لطالما كادت ولا تزال تنشط في العداء للسودان وشعبه الذي تأذى منها كثيراً كما أثبتنا في مقالات سابقات ، سودانيون منهم بلدو وعشاري مؤلفا كتاب (الرق في السودان) والمنسق الأثيم للمنظمة عمر قمرالدين، أما أعداء السودان من الأمريكان الذين يرأسون المنظمة مثل جون برندر قاست فإنهم يتولون عرض المؤامرات على الكونجرس وعلى غيره من المؤسسات الأمريكية الرسمية.

نرجع لقضية نورة فقد أضافت بعثة الاتحاد الأوروبي وغيرها من النشطاء كثيراً من الأكاذيب التي نسجوها لكي يدعموا مطالبهم بتبرئة نورة وكان هدف النشطاء و(المناضلين) السودانيين تسييس القضية للنيل من الحكومة والدعوة إلى التضييق عليها بالرغم من أنهم لا يحتاجون إلى ذلك لكي يرجموا الحكومة خاصة في ظل الأوضاع المأساوية التي تعيشها البلاد مما لا يحوجهم إلى وقود آخر لمعاركهم النضالية ضدها سيما وأنها (ما ناقصة)!

الأخطر من استغلال القضية للنيل من السودان وشعبه وحكومته هو الحملة التي يقودونها لإدانة الإسلام ودمغه بإعاقة حرية المرأة وممارسة العنف ضدها بالرغم من أن الإسلام ظل ينتشر في بلادهم خلال العقود الأخيرة بشكل مدهش خاصة بعد أن قيض الله له دعاة من طراز فريد مثل ذاكر نايك وأحمد ديدات وغيرهما من الذين أثبتوا لهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من داخل كتبهم المقدسة والمثير أن الإسلام ينتشر أكثر بين النساء اللائي جذبهن إليه صونه لكرامة المرأة بالمقارنة مع ما تفعله الحضارة الغربية بالمرأة وهي تتخذها سلعة لترويج التجارة من خلال جسدها العاري ومن خلال تجارة الجنس.

أعجب والله أن ينبري هؤلاء لتبرئة امرأة قتلت زوجها في تناس وتجاهل لذلك الزوج القتيل الذي فقد حياته غيلة وغدراً، وأعجب كذلك لتطاول هؤلاء على القضاء السوداني وعلى كل المؤسسات العدلية بالرغم من أنه يوقع تحت طائلة القانون باعتباره ازدراء للقضاء Contempt of court .. ،أعجب أكثر من جرأتهم وهم يحشرون أنوفهم فيما لا يعنيهم !

إلى متى بربكم هذا الهوان الذي نراه في أشكال مختلفة في شتى أرجاء عالمنا الإسلامي بما في ذلك ما فعلوه بالعراق وسوريا وأفغانستان وما يمارسه الرئيس الأمريكي الأحمق ترمب من ابتزاز للسعودية والخليج وما فعله مؤخرا وهو يجعل القدس ، حيث الأقصى ، عاصمة لأعدى أعدائنا (اليهود)؟!

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة