رسوم صفوف

العبدلله وصل إلى قناعة تامة بأنه ما عاد هنالك خبر يدهش في هذه البلاد المستباحة، كل شيء ممكن وجائز، أي شيْ يمكن أن يخطر على بالك، وإليكم هذا الخبر الهام الذي ننقله لكم كما جاء في موقع (دارفور 24) الإخباري:
فرضت محلية الفاشر كبرى مدن ولاية شمال دارفور رسوماً قدرها (10) جنيهات على كل صاحب عربة مصطف أمام طلمبة الوقود عبارة عن رسوم صف، كما سمتها، ومنعت سلطات المحلية أصحاب الطلمبات من تعبئة الوقود للعربات المتوقفة في الصف إلا بعد إبراز مستند رسوم المحلية المختوم بعد الدفع، وشملت الرسوم جميع العربات عدا تلك التي تحمل لوحات حكومية صفراء، بجانب عربات الأجهزة النظامية المختلفة والدستورين.
إنتهى الخبر المفجع الذي لم ولن يحدث في أي من بلاد الدنيا قاطبة الكافر منها بالله والوثني الذي يعبد الأصنام وبالطبع أصحاب الرسالات، بالله عليكم إن لم يكن هذا هو أكل أموال الناس بالباطل فكيف إذن يكون؟ وأي ناس؟ مواطنين لم تقم الدولة بأعبائها تجاههم وقصرت تجاههم تقصيراً مبيناً إذ لم توفر لهم الدولة الوقود فأخذوا يصطفون بالعشرات أمام الطلمبات تاركين أسرهم وأشغالهم من أجل (جوالين) يتحركون بها، فيهم سائق عربة الأجرة الذي إنقطع رزقه وأطفاله ينتظرون قدومه ومعه ما يقتاتون به من فتات لا يسد رمقاً وفيهم من لديه (بوكس) يتقل به (الخدار) إلى السوق ليشتري من عائده أدوية السكري والضغط أو (بخاخ الأزمة) لمريض، هل يمكن لأحد أن يفكر مجرد تفكير في إستغلال هذه الماساة من أجل (حلب) هولاء المواطنون البؤساء؟ والله ووالله ووالله أن الشيطان ليستحي خجلاً مما يفعله هؤلاء.
غداً نسمع بأن (المحلية الفلتكانية) قد نصبت أمام كل طلمبة جملوناً للفحص الآلي برسوم يدفعها صاحب العربة (المصطفة) بحيث لا يتم صرف (الوقود له) إلا بعد إجتياز عربته للفحص:
• عربيتك دي الخترات بتاعتا ما شغالة، وعاوزة (لقم) فرامل قدام، وكمان ما فيها منشات..!
• منشات شنووو؟ ولقم فرامل شنوو؟ يا جماعة أنا بس عايز أكب بنزين
• تكب بنزين وتمشي تكتل خلق الله بي فراملك (المجلية) دي؟
• وبعدين؟ أها يعني أعمل شنو؟
• شوفتا المحل القدام الطلمبة المكتوب عليهو (أبو دقن للإسبيرات) داااك
• مالو..
• عندو الحاجات دي كوولها أمشي إشتريها منو، ركبا وتعال كب بنزينك.
وربما تنتهزها (محلية أخرى) فرصة لحلب مواطنيها بأن تقوم شرطة المرور فيها (بالمرور) على العربات (الواقفة في الصفوف) لعمل مخالفة لأي عربة غير مرخصة وكذلك بالمرة صلاحية رخصة قيادة السائقين:
• (ينظر في زجاج العربة ويخرج الدفتر من جيبه): يا أبو الشباب ستين جنيه!
• ليه في شنوووووو؟
• شنو الفي شنو؟ العربية دي ترخيصا منتهي
• (في لماضة): ما ينتهي كان إنتهي شايفني العربية دي سايقا!
• طيب رخصة القيادة.
• قياده منو يا جنابو؟ شوفتني سائق ليا عربية هسه!
• (رجل المرور يخرج مرتبة ومخدة من عربية المرور ويضعها ع الأرض): عشان نوعكم ده نحنا جاهزين.. أها الليلة النشوف اللماضة بتاعتك دي.. كدي حرك العربية دي سنتي!
بينما الشمس في كبد السماء ترسل أشعتها النارية والعربات تصطف بشكل ثعباني أمام محطة الوقود والسائقون يلوذون منها بالجلوس داخل عرباتهم الملتهبه يتجه نحو (عباس) رجل في الأربعينات يرتدي (بالطو) أبيض ويحمل في يده شنطة جلدية صغيرة ومعه شاب يحمل (صبارة ماء) حجم كبير.
• (الرجل): السلام عليكم
• (وهو يمسح العرق المصبب من وجهه): وعليكم السلام
• معاك وزارة الصحة
• صحة في السخانة دي؟
• عليييك نوووور … أنحنا جاييين ليكم عشان السخانة دي
• في شنوووو؟
• معاك حملة التطعيم الإجباري ضد السحائي فرع طلمبات البنزين
بينما كان الشاب يقوم بفتح الصبارة وإخراج المصل كان صاحب (البالطو) الأبيض يخرج من شنطته حقنة ودفتر ويخاطب عباس.
• شوف يا أبو الشباب لحرص الدولة على مواطنيها اللي هم إنتو سارعت في تكوين الحملة دي عشان نحصلكم قبلما (أبوفرار) (يقرضكم) مع سخانة الصفوف دي!
• (مندهشاً): والحكاية دي مجانن مش؟
• عشرين جنيه بس عشان الدولة تطلع حق (التلج) و(الحقن الفاضية).. والحاجات دي
• (يفتح باب العربية ويخرج في حالة هياج): أها لو ما عايز.. وما عايز ياااخ مش على كيفي!
• ضاحكاً: والله من ناحية على كيفك فهو على كيفك … بس لو ما إتطعمتا وشلتا معاك الشهاده دي وريتا ليهم في الطلمبة كان كبيت أهو ده شنبي!!!
كسرة :
والله الجماعة ديل ما فضلو إلا يقولو ليكم أعملو لينا (عجين الفلاحة)!!
• كسرة تصريح النائب العام: (لا حماية لفاسد ولا كبير على القانون)… في إنتظار ملف هيثرو 4 واوات (ليها أربعة شهور)!
كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو (و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو (و)… 8 واوات (ليها ثمانية شهور).
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 97 واو – (ليها ثمانية سنين وشهر)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 56 واو (ليها أربعة سنوات وثمانية شهور).

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة