زهير السراج

هل هذا هو السودان الذى نعرفه؟!


* حصد فيديو لمهاجر (مالى) غامر بحياته، واعتلى بناية (فى أحد شوارع باريس) قفزا من الأرض حتى وصل الطابق الرابع لانقاذ طفل من السقوط قبل يومين ملايين المشاهدات والاعجاب، وإلتقى الرئيس الفرنسى (ماكرو) بهذا المهاجر الذى دخل فرنسا بطريقة غير شرعية، ليشكره على شجاعته، وقلده ميدالية الشجاعة، وأوصى بمنحه الجنسية الفرنسية تطبيقا لمادة فى قانون الهجرة والجنسية الفرنسى تجيز منح الأشخاص غير الفرنسيين الذين يقومون بأعمال مميزة لصالح فرنسا والمواطنين الفرنسيين الجنسية الفرنسية، بدون إستيفاء الشروط العادية، ويمكن لمن يرغب فى مشاهدة الفيديو على اليوتيوب كتابة (مهاجر مالى ينقذ طفلا من السقوط) !!

* وفى الخرطوم، تتعرض فتاة وأختها للتحرش والصفع، ثم يلاحقها المتحرش فى الحافلة ليواصل التحرش والإساءة والبذاءة، وعندما تصرخ وتستنجد بالركاب وتطلب منهم القبض عليه حتى تأتى الشرطة يرد عليها أحد الشبان قائلا: ” انا اقبضو ليك مصلحتي شنو، بعرفك من وين؟” !!

* اترككم مع (حفصة عمر) تحكى لكم:

* يوم الاربعاء حوالي الساعة ( 7 م )، انا وشهد اختي كنا في الصينية عايزين نركب مواصلات عشان نرجع البيت، فسمعنا واحد من الكمسنجية بنادي لمحطتنا، وكانت فى هايس واقفة بعيد مننا، واحنا ماشين على الحافلة ومتماسكين لانو المكان كان زحمة جدا نسبة لعدم المواصلات، قام واحد من الاولاد الواقفين بدا يشاغل ( احييييينا لكن مااا … )، سمعناهو ولكن اتجاوزناهو ومشينا، باعتبار ان ده البحصل لينا دايما كبنات في الاماكن الزي دي، وانو الواحد اول ماتعدي منو بيكسر الحنك (يتوقف)!!

* الحصل كان عكس كدة تماما، الزول بقى ماشي ورانا، ومع كل مشاغلة بضيف ليهو لفظ جديد، وفي لحظة جا شاقينا النص (أنا وأختى)، وأعاد نفس الجملة، بس المرة دي معاها لفتة علينا وتسبيلة، قمنا وقفنا وقلت ليو (دى قلة ادب البتعمل فيها دى)، قام قبل علينا وقال (انتو مع منو انا بتكلم في التلفون مامعاكم)!!

* واصلنا باعتبار ان الموضوع انتهى، لكن لا، هو لسة مواصل لغاية ما وصلنا جمب الهايس، قام جاني جمب الباب، وواصل فى كلامو، قمت رديت عليو، قام بدا ينبذ فيني وفي امي، وانا ساكتة وبعاين لكمية الناس و(بالتحديد الرجال) وهو بيتكلم وماعايز يسكت، وهم ساكتين ساكت بعاينو ليو، ولما لقيت انو الموضوع مافى ليه حل إلا أحلو انا، مشيت ليهو ومسكتو من رقبتو وضربتو في وشو، ولمن رفع يدو عشان يضربني، جات بنت وقفت في نصنا، فجات الضربة في خدي اليمين لمن راسى لفة، واصطدمت بالهايس، لكن اتماسكت ومشيت عليهو وبدينا نتضارب، والبنت ديك تلز فيهو وهو بيضربني، وانا محاولة اضربو بنفس القوة، بس في فرق شاسع بيني وبينو من ناحية البنية الجسمانية، وقعدنا نتضارب لغاية ماوصلنا نص الزلط، وطرحتى وقعت من راسى، وشهد اختي والبنت بحاولوا بقدر الامكان يبعدوهو عني، قاموا الناس اتلموا وحجزونا، والولد مشى وأنا وشهد والبنت مشينا ركبنا الهايس، وقعدنا منتظرين السواق!!

* وانا قاعدة في المقعد الورا السواق، فاذا بالزول جا تاني وبكل القرصنة الفي الدنيا، جاني بشباكي ووقف، ومعاها العين بتاعت (كان عجبك ) ونادى ليو كم زول ووقفوا قصادي … وفي اللحظة دي انا قلت للولد الجمبي اضرب للشرطة وقمت علي حيلي، مسكني واحد قاعد قدام، قال لي يابتنا خلاص مافى داعي، انا في اللحظه دي تقريبا ما كنت شايفة شي غير انو الزول ده مفترض يتمسك، قلت ليهم انا الزول ده ضربني وخليتو، وهو هسة جا تاني انا، عايزاكم تمسكوهوا لغاية ما الشرطة تجي، ونزلت والحتة جاطت تاني .. !!

* في الاثناء دي انا شايفة الولد ماشي قدامي علي مهل عشان ما تظهر عليه اثار الخوف، وعايز ياخد لفة بالحلة ومنها يهرب، فما كان قدامي الا اتوسل ليهم بأنه بس يقبضوهو، ولاحياة لمن تنادي، بعدها قلت ليهم انتو جبناء، فاذا ولد يرد علي ويقول لى (صلحي كلامك يابت، انا اقبضو ليك مصلحتي شنو، بعرفك من وين ) .. !!

* وأخيرا جدا تدخل عدد من الشباب كانوا يجلسون فى مقهى مجاور، وقبضوا على المتحرش الى أن وصل البوليس، ونال المتحرش الجزاء الذى يستحقه بالسجن والجلد والغرامة!!

* تنهى (حفصة) قصتها بالقول: زمان لمن زول يقيف معاك في موقف زي ده، مابتشكرو لانو ده هو الوضع الطبيعي، بس هسة لانو الوضع بقى غير.. فشكرا لمن ساعدني!!
* هذه هى القصة .. ولكن من الحيثيات التى وردت فيها، وسلبية الناس الذين وقفوا يتفرجون على فتاة وهى تُضرب وتُشتم بأقذع الألفاظ، ويخدش حياؤها، وتُهان كرامتها، فهل هذا هو السودان الذى نعرفه؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة


‫4 تعليقات

  1. انا لله وانا اليه طبعا ده سودان الكيزان اتولد فيهو ملاييين من الاشكال دي اللهم اني صائم

  2. قصة تدمع لها العين، اين نخوة السوداني الاصيل، ما البرود الذي اصاب مجتمعنا! هل كل هذه المأساة تقع وسط شعب اشتهر بدفاعه المستميت عن الحرمات والشرف؟ هذه القصة هزت مشاعري.

  3. انا طبعا ما عاجبني العملو الولد دة ولا بأيدو علي الاطلاق. لكن خلونا نتناقش من جهة تانية:
    النسوان هايجين وفايرين في الزمن دة وبقولو انهن اصبحن مستقلات وحرات وما محتاجات للرجال ومافي راجل ليهو سلطة عليهن لأنهن بقدرن يدافعن عن نفسهن. يلبسن زي مادايرات ويمشن محل ما عايزات وماعندهن ولي ولا كبير. وصراحة مرات كتيرة بحرجن الرجال لمن يعرضن عليهن المساعدة زي لمن يقومو ليهن في المواصلات ف عادي يجوطن فيك بتعرفنا من وين.
    طيب اذا سلمنا بالكلام دة والناس اقتنعت انو يسيبوهن في حالهن، دايرات شنو من الاولاد والرجال؟ وليه عايزين مروتهم ورجالتهم وحمايتهم بس لمن انتو تقررو؟ موش احسن تختو الكورة واطة وترجعو لي صوابكم وتعرفو انو ربنا ولي الرجال عليكم لاسباب منطقية ومعقولة؟ موش احسن الواحدة تبطل ترفع صوتها علي اخوها وللا قريبها وللا ود جيرانهم لمن يلقاها في موقف بطال ويقول ليها عيب؟
    الولد الرد عليها دة اصاب كبد الحقيقة مباشرة بسؤاله لأنو زمان لمن كان النسوان مقتنعات انو الرجال أولياؤهم وبيعرفو مصلحتهم كانت المروة دي متوفرة لأنو كل واحد كان بحس انو اي بت هي بتو او اختو او مرتو لانهن كلهن محتاجات للرجال للحماية والرعاية والاعاشة، لكن اسة الواحد مابلقي اي احترام ولا تقدير لو عمل الطلبتو منو البت دي وهو زاااتو بكون خايف لو قبضو ليها تهيج فيهو وتقول ليهو الدخلك شنو، زي قصة البت اللقوها مع ولد سوري قاعدين براهم والاولاد شالتهم النخوة والغيرة علي عرضهم وشاكلوهو وضربوهو قامت هاجت فيهم ونبذتهم وانو دة خطيبي وللا حيخطبني وحاوريكم وهلمجرا.
    غايتو تابعتن الثقافات الغربية ولازم تتحملن تبعاتها، اللي هي لو البت كتلوها في الشارع ماف ولد وللا راجل بحرك ساكن، ودة البدا يحصل عندنا الأن بكثافة! ودي هي الكتلت المروة ولحقتها أمات طه.

    ربنا يصلح الحال والعباد