صلاح الدين عووضة

وأين الله ؟!


*وليس هذا سؤالاً فلسفياً خضنا غماره حيناً..

*فقد أنستنا نشوة الفرح بالعقل أن هنالك عقلاً مطلقاً ؛ لا تدركه العقول..

*ومن ينسى الله خالق عقله – والوجود – فسوف ينساه الله..

*سيُقال له يوم البعث (قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى)..

*وذلك عندما يُحشر أعمى… وقد كان في الدنيا بصيرا..

*لقد عمي عن آيات الله في كتابه… وكونه… وخلقه… و(نفسه)..

*ومن يتعامى عن (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) فهو أعمى بصر… وبصيرة..

*ليس سؤالاً فلسفياً هو إذن… وإنما من وحي الراهن..

*وتحديداً من وحي رمضان عامنا هذا… أو حتى الأعوام الفائتة ؛ لا فرق..

*فغاية أي عمل ديني يُفترض أنه خالص لوجه الله..

*لا تشوبه شائبة فخر… ولا دنيا… ولا رياء… ولا سياسة ؛ رغباً أو رهبا..

*ولكن حين يفتي عالم دين بما يُرضي السلطان فإنني أبحث عن الله..

*أبحث عنه بين ثنايا مقاصد فتواه هذه… فلا أجده..

*ومن ثم أسأل أين الله ؟!… سيما مثل فتوى (لا يجوز الخروج على الحاكم)..

*بينما هذا الحاكم نفسه ربما خرج على حاكم شرعي قبله..

*فما الذي يجعل الخروج الثاني لا يجوز ، والأول يجوز جداً ؟!… أين الله؟!..

*والآن نحن في العشر الأواخر من شهر رمضان..

*وكثير من المساجد تلعلع مكبرات صوتها في الثلث الأخير من الليل..

*وليس المقصود إسماع من في المسجد من المتهجدين..

*فهؤلاء يسمعون بأخفت صوت ممكن ؛ وإنما المقصود إسماع من هم خارجه..

*فمن فيهم الرضيع… والمريض… والمسن… والمجهد من العمل..

*فهل هذه (السنة) تُؤدى لوجه الله في هذه الحالة؟!..

*فإن كان نعم ؛ فهو يقول (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا)..

*وهو توجيه إلهي يتجاوز زمان – ومكان – أسباب نزول الآية..

*وينطبق على كل حالات رفع صوت الميكرفونات بمساجدنا..

*ويكاد يخاطب زمان (تديننا الصوتي) هذا ؛ فالدين عندنا الآن صوتٌ… وشعارات..

*فكأني بهؤلاء يتباهون بفعلتهم هذه عند انقضاء الشهر..

*ويقولون للناس بلسان الحال : أرأيت كيف (أبدعنا) صلاةً ووعظاً وتهجداً بمسجدنا؟..

*ونقول لهم نحن بلسان الدين : وأين الله في عبادتكم هذه؟!..

*ونعيش – كذلك – ظاهرة القارئ النجم لصلاة التراويح… ذي (العداد) العالي..

*وبلغ هذا العداد – عند بعضهم – ثلاثين ألف جنيه…أو أكثر..

*وآخرون – من دونهم – (يساومون) بحسبانهم لا يقلون عنهم (أداءً)..

*وفور انتهاء زمن حفل (الترويح) – أقصد التراويح – يسألون عن عداداتهم..

*ونسأل نحن : وأين الله ؟!!!.

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة