الفاتح جبرا

الخمسين المزورة


بداية لا بد من تهنئة السادة القراء بالعيد الذي نتمنى أنه كان سعيداً في ظل كل هذه الظروف التي لا تبعث على السعادة والتي وصلت إلى مرحلة لا يدري أي أحد مهما إستشرف الغيب ماذا يكون بعدها.
وثانياً أشكر كل الذين إتصلوا من الأحباب مستفسرين عن صحة العين التي إستبدلنا عدستها بأخرى حتى تساعدنا على رؤية هذا الواقع القاتم (البدون ملامح) والحمدلله هي تعمل بكفاءة عالية تحسدها عليها (شقيقتها) الأخرى.
من القرارات البارزة التي (لا بتودي ولا بتجيب) التي طالعتها أثناء هذه الإجازةالقسرية هو ذلك القرار الذي أصدره (بنك السودان) والقاضي بتغيير العملة فئة (خمسون جنيهاً) بأخرى زاعماً أن القديمة قد تعرضت للتزوير بكميات كبيرة.. وبالطبع هذا سبب يمكن أن ينطلي على العامة لكنه أبداً لا يمكن أن (يمر) لكل مطلع على (الأزمة الإقتصادية) التي تمر بها البلاد والمحاولات الفطيرة لكبح جماحها هذه المحاولات (الجربندية) التي ما فتئت تزيد الأمر سوءاً ووبالاً على وبال فما اضطرار البنك المركزي لإعادة طباعة فئة الخمسين بشكل جديد إلا لإعادة التحكم في الكتلة النقدية وتحديد حجم السيولة وأماكن توزيعها الجغرافية ومدى المتوفر منها في النظام المصرفي.

في هذا المقال لا نتناول الأسباب الحقيقية وراء تغيير (ورقة الخمسين) إذ أن المسألة في مجملها لا تعدو إلا أن تكون (فنجطة) ساي لا تبدل تبديلا لكننا نود أن نركز في الأخطاء الفنية التي صاحبت المسألة إذ أن الكاتب ممن تلقوا دورات متخصصة في مسائل التزييف الأليكتروني قبل أعوام طويلة وذلك بحسبان تخصصه في مجال تقنية المعلومات.
قبل مواصلة المقال لابد أن نشير إلى أن هنالك خاصيتنان يجب توفرهما في أوراق النقد التي تود أي دولة طباعتها، الخاصية الأولى هي أن تكون فئات العملة الورقية المراد طباعتها مختلفة الألوان بشكل مميز حتى يسهل التعامل مع فئاتها المختلفة بأقل تركيز ودون أخطاء يفرضها التشابه وهذا الخطأ الفاضح قد وقع فيه من قام بتصميم ورقة الخمسة جنيهات القديمة (البمبية) ومعها ذات الورقة ذات العشرين جنيهاً (ذات اللون) وكأنو (الألوان كملت) مما أوقع الكثير من المتعاملين بهذه الفئات في أخطاء لا تتم ملاحظتها بعد فوات الأوان.

أما الخاصية الثانية فهي إختلاف الأبعاد (المقاسات) بحيث تكون الفئة الأعلى هي الأكبر مساحة ثم التي تليها وهكذا، ولا شك أن ذلك من شأنه ترتيب الأوراق في داخل حافظة النقود (لو فيها محفظة) بصورة تدريجية لتسهيل إخراج المراد منها عوضاً عن أنه يسهل غير المبصرين على التعامل بالأوراق بسهولة ويسر ولابد أن نشير إلى أن وجود أي فئتين مختلفتين بحجم واحد هو من أقوى الأسباب التي تدعو للتزوير وذلك عن طريق (تبييض) ورقة العملة (الصغيرة) بإزالة الأحبار منها بإستخدام المواد الكيميائية ثم طباعة الفئة الأعلى عليها حيث تتم الإستفادة من ملمس (الورق) الأصلي وفي بعض الأحايين (العلامة المائية) والسلك المعدني وهما من الوسائل التأمينية للعملات الورقية.
النقود الورقية بشكل عام حسب ما جاءت به المصادر المختلفة قد بدأ التعامل بها في الصين قبل ألاف السنين ثم إنتشرت بعد ذلك لتشمل كل أقطار المعمورة، وتتم طباعة النقود عادة بواسطة مطابع تتبع للدولة المعينة وبعض مطابع النقود الموثوقه عالمياً التي توجد في المملكة المتحدة وفرنسا أما في أمريكا فالأمر موكول إلى وزارة الخزانة الأمريكية ومطابعها.

بعد التطور الهائل الذي شهدته مجالات (الحاسبات الآلية) المحمولة والماسحات الضوئية والطابعات الرقمية الملونة أصبح بالإمكان تزوير العملات الورقية بسهولة وبصورة أقرب إلى الحقيقة يكفي فقط وجود جهاز كمبيوتر وماسحة ضوئية ملونة Scanner وأي طابعة من نوعية حاقنات الحبر الملونة Ink-Jet Printer وورق ذو صفات قريبة من ورق العملة، وعندما نقول (قريبة) فإننا نجزم بأن الورق الذي تطبع عليه العملات الورقية هو ورق ذو صفات معينة (مكون من الألياف القطنية) لا يوجد بالأسواق وتقوم بإنتاجه مصانع متخصصة تتعامل مباشرة مع الحكومات ومطابع العملة المعترف بها عالمياً.
حتى يتم (تصعيب) المسالة على (المزورين) فلقد لجأت مطابع العملة إلى إستخدام بعض الملامح (التأمينية) كالخط المعدني Metal Thread المصنوع من مادة البوليمر Polymer والعلامة الضوئية Water Mark واللتان لا يمكن مشاهدتهما إلا عن تعريض ورقة العملة إلى الضوء كما تم اللجوء مؤخراً إلى إستخدام بعض (المواد) التي تتأثر بإنعكاس الضوء كشرائط رفيعة يتعذر على المزورين طباعتها وهنالك بعض الملامح التأمينية الأخرى التي تستخدم في طباعة (الدولار) و(اليورو) ولكنها ليست عصية على التزوير.

طيب والأمر هكذا ووسائل التزوير أضحت في متناول كل (تلميذ) ما هو الحل؟ سؤال وجيه إجابته أن الحكومات (المحترمة) قد قامت بإستبدال النقود الورقية (سهلة التزوير) إلى ما يعرف بـ synthetic currency وهي نقود مصنوعة من مادة أخرى (مكلفة نوعاً ما) لكن لا يمكن (تزويرها) هي مادة polypropylene وهي مادة تعطي العملة التي تصنع منها عوضاً عن (إستحالة) التزوير عدم القابلية للتمزق والطي ومقاومة الإتساخ وحمل الباكتريا وسهولة الإستخدام في ماكينات (عد النقود) وكذلك الصرف الآلي ATM (لو في قروش) !
وزيادة على المزايا الفوق دي كووولها فإن (العملة) المصنوعة من هذه المادة تظل متداولة دون أن (تتشرط أو تتعولق) لمدة تتجاوز أربعة أضعاف (الفلوس الورقية) !
نرجع لي موضوعنا ونسأل أنفسنا: هل الورقة فئة الخمسين التي حلت محل ورقة الخمسين (القالو مزورة) قد تم إستخدام أي تقنيات في طباعتها بحيث تكون عصية على التزوير (لا نقول مستحيلة)؟ الإجابة للأسف الشديد (يوثقها) فديو (لافي) في وسائط التواصل الإجتماعية لكمية من (الخمسين الجديدة) التي تم تزييفها بواسطة إحدى العصابات التي تم القبض عليها بواسطة السلطات المسؤولة… مش حاجة تفقع المرارة؟

كسرة:
(الحكومة) جدعت (الخمسين) بس (الشعب) ما عاوز (يفتح)!!!

• كسرة تصريح النائب العام: (لا حماية لفاسد ولا كبير على القانون)… في إنتظار ملف هيثرو 5 واوات (ليها خمسة شهور)!

كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو (و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو (و)… 9 واوات (ليها تسعة شهور).

• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 98 واو – (ليها ثمانية سنين وشهرين)؟

• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 57 واو (ليها أربعة سنوات وتسعة شهور).

 

 

 

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة


تعليق واحد