تحقيقات وتقارير

إعلان مبكر بمقاطعة قانون الانتخابات الاتحادي (الأصل) .. بعيداً من الحكومة وقريباً من المعارضة


سجل الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، في عطلة عيد الفطر المبارك الحالية، مواقف جديدة، تجعله أقرب إلى المكونات المعارضة من الحكومة التي يمثل الحزب أحد أضلاعها الرئيسة، وتحديداً منذ انتخابات العام 2015م.

فالأصل انضم إلى الجوقة السياسية التي تنشد معزوفة رفض التعديلات الخاصة بقانون الانتخابات وينتوي البرلمان إجازتها بعد أن مرَّت من مجلس الوزراء، وهو بالتالي يلتحق بحزب المؤتمر الشعبي، وقوى الحوار في البرلمان. أما القوى المعارضة الرئيسة فتنقسم بين من يضع اشتراطات صعبة للتحاور مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يقود الحكومة الحالية، وبين من لا يرى سوى خيار إسقاط النظام كخيار أوحد للتعاطي مع الأوضاع القائمة.

اعتراضات

يعتبر الاتحادي الأصل من أكثر الأحزاب التي سبق وأن لوحت بكرت الانسحاب من الحكومة، معتمداً في ذلك على زخمه الكبير، إذْ ما يزال يعطي الحكومة –بمعية الشعبي- مقبولية سياسية لما له من جماهيرية معلومة للكل.

وعلى مستوى الوجود ضمن سلطات التنفيذ والتشريع نجد الحزب يحظى بمكانة رفيعة، تجعل من رئيس قطاع التنظيم، السيد محمد الحسن الميرغني، مساعداً أول لرئيس الجمهورية، بجانب حيازته وزارات مهمة في المركز والولايات، ذلك في وقتٍ يشكل (الأصل) الكتلة البرلمانية الثالثة في المجلس الوطني بعد كتلة الوطني، وكتلة التغيير التي تنطوي على تحالف يجمع المستقلين وعددًا من الأحزاب السياسية التي دخلت البرلمان بموجب توصيات الحوار الوطني.

وعادة ما يكون زعيق الحزب مرتبطاً بما يراه قادته فرض الوطني لحالة تهميش على قيادات الاتحادي في الحكومة، واتخاذ آراء مفصلية بمنأًى عن الاستئناس برأيهم، علاوة على إيكال مهام لا تليق بمقام الحزب المدعوم من السادة الختمية.

وجهر قيادات الأصل مؤخراً بانتقادات صريحة للحكومة وسياساتها، لا سيما ذات الطابع الاقتصادي وحملت إجراءات قاسية ضد المواطنين.

عودة مرتقبة

منذ ميلاد تحالف قوى جوبا المؤسس لتحالف قوى الإجماع الوطني في العام 2009م، والحزب الاتحادي (الأصل) بعيد عن التنسيق مع القوى المعارضة، إذ انشغل أهلوه بتقديم أطروحات للحل تتمثل في القيام بإصلاحات على الحكومة من الداخل.

وطوال تلك الحقبة، اختار (الأصل) دروباً بعيدة عن رفاقه في المعارضة، هذا وإن كان بعضاً من قادته ينشطون في تحالفاتها على نحو شخصي، ولنا في علي محمود حسنين، والتوم هجو شاهد ودليل.

ولكن تصريحات رئيس الحزب وراعي الطريقة الختمية، مولانا محمد عثمان الميرغني، الأخيرة، من مقر إقامته في القاهرة، تشي بتحولات قادمة، قد تجعل الاتحادي قريباً من المعارضة وذلك يمثل خسارة كبيرة للمؤتمر الوطني قبيل خطوات من انتخابات العام 2020م.

يقول رئيس كتلة الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) في البرلمان، أحمد الطيب المكابرابي، إن الوطني في طريقه إلى خسارتهم، بسبب السلوك الخاطئ واتباع آراء ذات حمولات ضارة لا تريد خيراً للبلاد. ولا يرى المكابرابي غضاضة في أن يكون الحزب مكونًا رئيسًا في الحكومة، وأن يفتح قنوات تواصل مع القوى المعارضة في القضايا التي تهم كافة القوى السياسية، داعياً إلى التفريق بين ما هو حزبي، وحكومي.

وفي الصدد انتقد المكابرابي حالة التخليط الواضحة داخل (الأصل) بين الحكومي والحزبي وإن كان على مصلحة وحساب رأي جماهير الحزب الناقدة والمنتقدة للمشاركة. واضعاً ضمن قائمة المتهمين بالتخليط من داخل الحزب وزير مجلس الوزراء، أحمد سعد عمر. مشدداً على أن الاتحادي يحوز ثقة كبيرة في المعارضة التي ظل ينشط فيها لسنوات، خاصة والحزب يعمل وفق أجندات وطنية واضحة ومعلنة.

موقف مبكر

قد تكون القوانين التي تعتزم الحكومة إجازتها سبباً في نفور شركائها لا سيما قانون الانتخابات الذي احتجت عليه قوى الحوار، وها هو الأصل يعلن موقفه الرافض. وأعلن المكابرابي، اعتزامهم في كتلة الاتحادي مقاطعة جلسات مداولات القانون، ومقاطعة كافة أنشطة مناقشته وتمحيصه داخل البرلمان. وقال إن توافق كافة القوى السياسية على القانون وحده الكفيل للانخراط في جملة المناقشين للقانون.

بوليتيكا

تحولات الموقف داخل الاتحادي، تحتاج إلى رأي أكاديمي، يقول به لـ (الصيحة) المحلل السياسي، رامي عبد اللطيف، الذي ذهب إلى أن الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أحد أكثر أحزاب الساحة التي تجيد تكتيكات (البوليتيكا)، مشيراً إلى أن حزب الميرغني يريد بمغازلته القوى المعارضة التهيؤ لما هو مقبل.

وقال إن على الرغم من أن الصورة الظاهرة تعكس تقارباً مع المعارضة، فإن الصورة المخفاة تشير إلى أن الحزب يعمل على ممارسة ضغوط على الحكومة لضمان وضع مميز في انتخابات 2020م. مضيفاً بأن (الأصل) ومن خلال لعبة تبادل الأدوار بين قياداته، سيضمن قبولاً في المستقبل، أياً كان راسمو هذا المستقبل.

بملعب الشريك

التصريحات القاسية بحق الحكومة من قبل قادة الاتحادي، ومن قبلهم قيادات الشعبي، ليست سوى رسائل يدسها الحزبان في بريد المؤتمر الوطني المسؤول إلى اليوم عمّن يريدهم شركاء له في الحكومة، وهي فرصة لن تتأتى في الغد.

الخرطوم : مقداد خالد
صحيفة الصيحة