اقتصاد وأعمال

ضرائب وجبايات الإنتاج.. إلغاء لتوسيع الاستثمارات


في الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بالقصر الجمهوري أمس الأول بحضور نائبه الأول، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، مع وزراء القطاع الاقتصادي وجّه البشير، بإلغاء كل الضرائب والجبابات وإزالة المعوقات التي تعترض زيادة الإنتاج والإنتاجية، وطالب بالعمل على زيادة الإنتاج والإنتاجية وتوسيع الاستثمارات الأجنبية والوطنية بالبلاد، ودعا وزارة المعادن للاهتمام بالتعدين التقليدي الذي يشكل أكثر من 80% من إنتاج الذهب في البلاد.

وبحث الاجتماع المشروعات المطروحة من وزراء القطاع الاقتصادي للتمويل السعودي ذات الأولوية الاقتصادية، والمشروعات ذات العائد المادي السريع وإعداد البرامج والمشروعات التي تعمل على حل الأزمة الاقتصادية وأهم المشروعات الإنتاجية التي تحتاج إلى تمويل وتحقيق البرنامج الخماسي لزيادة الإنتاج والإنتاجية.

الثابت أن الضرائب والجبايات التي تفرضها الحكومة غير قليلة وساهمت بشكل مباشر في تراجع الإنتاج المحلي، وهنا يمكن اجترار قول وزير المالية السابق بدر الدين محمود الذي سبق أن عن اكتشاف 36 ألف رسم وضريبة عند تطبيق الوزارة نظام التحصيل الإلكتروني للجبايات، التي تفرضها القطاعات المختلفة مقابل الخدمات التي تقدم للمواطنين، والتي كانت تتم بإيصالات ورقية عرفت بـ”اورنيك 15 الإلكتروني.

عانت العديد من القطاعات الاقتصادية من كثرة وتعدد الضرائب والجبايات الحكومية حتى قعدت بها، وتسبب ذلك الأمر في تقليل مساهمة هذه القطاعات في الدخل القومي، في وقت تنفي فيه عدد من المؤسسات الحكومية فرضها ضرائب على القطاعات الإنتاجية، لكن الواقع يبين الحقيقة بجلاء وأقرب مثال على ذلك معاناة المصانع من الرسوم الحكومية، وهو ما تنفيه وزارة الصناعة، وذات الأمر ينطبق على القطاع الزراعي الذي باتت تكلفة الإنتاج فيه في كثير من الأحيان أعلى من العائد المتوقع.

لكن المختصين في مجال الضرائب يقولون إن الضرائب رافد مهم إن وجد التشريعات غطت الأنشطة خارج المظلة، مشيرين إلى أن بعض الإعفاءات لها تأثيرها في المنافسة إذا كان هناك نشاط يعمل بإعفاء وآخر غير معفى يؤدي لخروج الأخير. وأكدوا أن الإعفاءات الضريبية يجب أن تكون لمواقع محدودة ومحصورة تستفيد منها الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة مثل تشغيل عمالة أو توفير خدمات أو مشروعات يستفيد منها المواطن.

خبير الضرائب ومدير ضرائب الولاية الشمالية، الفاتح عثمان قال لـ “الصيحة” إن قوانين الضرائب واضحة، مقراً بوجود بعض الجهات لديها لوائحها فيحدث تضارب أحياناً، مثلاً تسمى مشروع بالإعفاء من الرسوم، وقال: في هذه الحالة يجب أن يتم التحديد وفقاً للقانون، لأن الضرائب قانون وطني يجيزه البرلمان ولا يسمح بالاستثناء لأي جهة ما لم تصدر السلطات المعنية المختصة كقانون الاستثمار أو سلطة سيادية ترى أن المشروع استراتيجي أو سلع مجدولة بالنسبة للقيمة المضافة، لافتًا إلى أن الإعفاء الضريبي بشكل عام “سلاح ذو حدين” بالنسبة للمنافسة، ورغم ذلك نقول إن جذب الاستثمار للولاية بالمرونة والتعامل الكريم مع الممول لأنه مفيد للدولة والمجتمع ولا بد أن ينال حقوقه القانونية في الاستئنافات والتظلم.

وقال إن مهام سلطات الضرائب الوقوف على هذه المشاكل حتى لا يتظلم شخص سواء من موظف أو جهة حاولت أن تساعد على التهرب ونطبق القانون على أي شخص مهما كان.

وترى الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم أحمد أن كثرة الرسوم والضرائب وتعددها تعتبر دليلاً واضحاً على افتقار الدولة للإيرادات الحقيقية لتمويل الصرف على المركز والولايات، مؤكدة أن الدولة تعتمد في ميزانيّتها بما نسبته 80% على الضرائب، لا سيما بعد خروج إيرادات البترول بانفصال الجنوب، وتكوين دولته المستقلة. إذ “من تعدد الجبايات وكثرتها يتضح أن الحكومة تمول نفسها من الشعب، وذلك عائد إلى خروج الدولة عن النشاط الإنتاجي وتقلص المصادر الحقيقية للإيرادات”، وقالت إن هذه الخطوة من شأنها أن تزيد من معدلات الفقر وسط المواطنين، إلى جانب تأثيراتها على الاقتصاد الكلي فيما يتصل بالتأثير على الإنتاج وتقليل الطلب الكلي وقلة دخل المال.

وتعتبر الخطوة جزءاً من محاولات الحكومة لحل الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها، وهي ليست الأولى فعقب انفصال الشطر الجنوبي من البلاد، باتت الحكومة مرغمة على العاطي مع حقيقة فقدها لأكثر من ثلثي الإيرادات النفطية، وهي الإيرادات التي كان يرتكز عليها اقتصاد البلاد بشكل أساسي مع مساهمات غير ذات بال لبقية القطاعات الاقتصادية خاصة قطاعي الزراعة والصناعة، فلم يكن من حل سولى انتهاج خطط بديلة لامتصاص صدمة وآثار الانفصال، فعمدت الحكومة لإطلاق ما عرف بالبرنامج الثلاثي “2012-2014م”، وتبعه البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي، “2014-2019م” والذي عولت عليه الدولة كثيرًا في تجنيبها الكثير من مثالب الانفصال الاقتصادية، ويرتكز البرنامج الخماسي بحسب ما تقول تقارير وزارة المالية على محاور القطاعات الإنتاجية والخدمية ومحور البنيات والهياكل التحتية، والخدمات والرعاية الاجتماعية، والتنمية البشرية وبناء القدرات، ومحور البحث العلمي، والولايات، على أن التوقعات في إنفاذه ألقت الكرة في ملعب القطاع الخاص محلياً وأجنبياً في قيادة النشاط الاقتصادي بالبلاد.

من جانبه، قال وزير النفط والغاز، أزهري عبد القادر، إن هناك ثلاثة مشاريع رئيسة لسد الحاجة المحلية من النفط والغاز من الحقول المملوكة للسودان، ومعالجة المشاكل الخاصة بالتصدير بسبب المقاطعة الأمريكية وانفصال جنوب السودان وانخفاض سعر النفط العالمي، وأبان أن البلاد تستطيع الاكتفاء من المشتقات النفطية في ظرف ثلاثة أعوام حال توفر التمويل المالي لإنتاج النفط الذي قال إنه يفوق المليار دولار.

وأكد وزير النفط أن الخام الموجود بالبلاد يمكّن البلاد خلال الأعوام الثلاثة القادمة من الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بتوفير التمويل اللازم، وشدد أزهري على ضرورة إرجاع منظومة الإنتاج مع دولة جنوب السودان المتوقفة منذ العام 2013، وأن هناك اتصالات مع الجانب الجنوبي لاستئناف الإنتاج. وأشار إلى أن استئناف الإنتاج بدولة جنوب السودان، يزيد عائدات السودان من العملة الصعبة من رسوم عبور النفط، وأشار إلى أن إنشاء مصفاة جديدة في بورتسودان لتأمين حاجة البلاد من المشتقات النفطية على الساحل السوداني.

إلى ذلك، قال وزير المعادن محمد أحمد علي في تصريحات صحفية عقب الاجتماع إن الوزارة استعرضت أمام الاجتماع المشروعات التي تحتاج إلى تمويل وهي المشروعات المتمثلة في تطوير معدات استكشاف المعادن، وتوطين الصناعات التعدينية ومشروع المعامل المتكاملة للتعدين ومشروع صهر سبائك التعدين؛ فضلاً عن مشروع تطوير شركة أرياب، وقال “تطرقنا لبعض المشروعات المهمة لتوطين المشروعات التعدينية المتمثلة في المعادن الصناعية مثل الرمال السلكية والرمال السوداء وبعض الصخور والملح”، مبيناً أنه مشروع غير مكلّف؛ ولكنه يمكن أن يدر عائداً كبيراً من العملات الصعبة، وتوّقع الوزير أن تُصنّع هذه المعادن داخلياً، وقال “إن منطقة أرياب كان تعدينها محصورًا على الذهب فقط، ولكن الآن تطور إنتاجه ليرتفع إلى أكثر من 14 ألف طن من الذهب، وسيدخل إنتاج النحاس والذي يبلغ إنتاجه 88 ألف طن، وأكد قدرة الوزارة على وضع يدها على كل المنتج من الذهب والتصدي لتهريبه.

صحيفة الصيحة.