تحقيقات وتقارير

تنطلق اليوم فرقاء الجنوب في الخرطوم .. عملية (قلب مفتوح) لتضميد الجراح


تحتضن الخرطوم ابتداءً من اليوم مفاوضات فرقاء الأزمة الجنوبية التي تجاوز أمدها خمسة أعوام وفشلت كل الجولات والاتفاقيات الماضية التي عقدت في كل من أروشا أو أديس أبابا وغيرهما في وضع حدٍّ للصراع الدموي الذي ضرب ولا زال دولة الجنوب منذ خواتيم العام 2013م ، لتكون الخرطوم محطة جديدة يرجى منها إيقاف الحرب وتحقيق السلام في دولة كانت يوماً ما تدار من قبل الخرطوم نفسها .

حضور مبكر

منذ نهار أمس بدأت الخرطوم تستقبل الوفود الجنوبية بشقيها ،الحكومية والمعارضة ، حيث كان زعيم المعارضة الجنوبية رياك مشار أول الحاضرين إلى الخرطوم وكان في استقباله وزير الخارجية دكتور الدريري محمد أحمد ، يجدر ذكره أن آخر مرة زار فيها مشار الخرطوم كانت قبل نحوعامين حينما حضر إليها مستشفيًا بعد هروبه من المواجهات الدامية مع القوات الحكومية .

كروت الخرطوم

يتساءل البعض عن الكروت الرابحة التي تحتفظ بها الخرطوم ويمكن أن ترمي بها في وجه فرقاء الأزمة الجنوبية بغية التقدم في مسار السلام، وهنا يقول سفير جوبا بالخرطوم، ميان دووت، إن الكروت الرابحة تعرفها الخرطوم وحدها لا غيرها بيد أن ميان أضاف في حديثه لـ(الصيحة) أنه متفائل لحد كبير مشيرًا لعدم وجود عقبات في طريق تفاوضهم مع المعارضة التي يتزعمها رياك مشار ، غير أن ميان بدا متخوفًا بعض الشئ تحديدًا في الجزئية التي تتعلق بحياد الخرطوم وابتعادها عن الانحياز لأحد أطراف النزاع حين قال :(أتمنى أن تكون الحكومة السودانية محايدة وأتمنى أن يلعب الإعلام دوراً أكثر إيجابية ).

عقبات في الطريق

ثمة عقبات تعترض طريق المفاوضات الجنوبية التي ستنطلق اليوم الإثنين(بالخرطوم) أهمها إصرار الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت على عدم عودة مشار للحكومة مرة أخرى لذا ستكون الخرطوم أمام محك حقيقي ربما يؤدي إلى نسف جولة التفاوض منذ بدايتها. وهنا يقول المعارض الجنوبي- بروفيسور ديفيد ديشان:( هذا المحك سيكشف لنا إلى أي الاتجاهات تنحاز حكومة السودان، وهل هي مع جوبا أما ضدها ؟ وبالتالي يجب على الخرطوم ان تراعي لمصالحها وأن تعمل بحنكة من أجل تجاوز اشتراط سلفاكير بعدم عودة مشار للحكومة). ويشدد ديشان في حديثه لـ (الصيحة) على ضرورة أن يكون للخرطوم دور سياسي كبير في إحداث تقارب بين فرقاء الأزمة الجنوبية. في السياق ذاته يقول القيادي بالمعارضة الجنوبية، دمبيور قرنق- نجل الراحل جون قرنق، ” إن أكبر عقبة ستواجه المفاوضات التي تحتضنها الخرطوم هي انعدام الإرادة السياسية”، وأضاف قائلا لـ(الصيحة) : (إذا كانت هنالك إرادة سياسية فسيكون هنالك اختراق كبير في تقريب وجهات النظر ولكن أكبر عقبة في طريقنا هي نقص الإرادة السياسية) .

حضور موسيفني لماذا؟

ربما يمثل حضور الرئيس الأوغندي يوري موسيفني للخرطوم للمشاركة في مفاوضات الفرقاء الجنوبيين دهشة لكثير من المراقبين خاصة وأن الرجل يقف على مسافة قريبة من سلفاكير. وترى المعارضة الجنوبية أنه الفاعل الأساسي في قضية الحرب الجنوبية. وعن حضور موسيفني يقول ديفيد ديشان إن حضوره بغرض تحريض سلفاكير على عدم اعادة مشار للحكم مرة أخرى. وأضاف إن رياك مشار يمثل بعبعًا مخيفًا لموسيفني لذلك يحرص على عدم عودته للحكم من جديد، بالتالي ستعقد مشاركة موسيفني في المفاوضات الأزمة بصورة أكبر ،بالمقابل يقول دمبيور جون قرنق إن موسفيني وسلفاكير وجهان لعملة واحدة .

دعم دولي

في المقابل يرى مراقبون أن المجتمع الدولي سيكون هو الداعم الأكبر لمفاوضات الجنوبيين بغرض إنجاحها لذا ستنطلق الخرطوم من منصه ثابتة من أجل لعب دور إيجابي يساهم في حقن الدماء الجنوبية وربما تنجح لحد كبير في حسم الملف بشكل كبير في جولته الأولى.

الربح والخسارة

احتضان الخرطوم لملف التفاوض الحكومي كان واحدًا من شروط واشنطن على الخرطوم لرفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، لذا فإن جولة التفاوض الجنوبي تأتي برعاية مباشرة من رئيس الجمهورية عمر البشير بيد أن الخرطوم نفسها تنتظر عددًا من المكاسب في حالة إن تحقق السلام بالجنوب أبرزها استنئاف اتفاقية النفط بين البلدين التي توقفت منذ اندلاع الحرب في جنوب السودان. ففي السياق كان وزير النفط الجنوبي، جاتكوث، أول الحاضرين الي الخرطوم التي هبط إليها فجر أمس (الأحد) والتقى بنظيره وزير النفط السوداني، أزهري عبدالقادر، إذ يعتبر حضور وزير النفط الجنوبي بمثابة خطوة أولى من أجل إعادة مسارات خطوط النفط بين البلدين مرة أخرى. ويرى خبراء أن حكومة السودان ستكون المستفيد الأول من إيقاف الحرب بين البلدين خاصة في الجوانب الاقتصادية المتمثلة في التبادل التجاري الحدودي عطفًا على تدفق النفط.

صحيفة الصيحة.