صلاح الدين عووضة

من (هنوووك) !!!


*كان فيلماً كوميدياً داخل فيلم رومانسي..

*وذلك في زمان كان أحد معالمه (أين تسهر هذا المساء؟)..

*زمان لا يُصطنع فيه الضحك والفرح والشعور..

*الأول بطله صبي يجلس في الصف الذي أمامنا..

*والثاني مصري بطله- كالعادة- (ثقيل الدم) محمود ياسين..

*وبصراحة استمتعنا ببطولة الأول أكثر من الثاني..

*وبطولته اقتصرت على تعليقات مقتضبة يستهلها بمفردة (هَيْ)..

*ومنها – على سبيل المثال- (هَيْ ، عرقي مغشوش)..

*و(هَيْ ، راجل كبير وما قاملو شنب )..

*و(هي ، شوف بسووا متل جوز الحمام كيفن)..

*فرأى أن يداعبه أحدنا وقد كان أكثرنا ضحكاً..

*سأله وهو يربت على كتفه (إنت يا جنا من وين؟)..

*فرد الصبي وهو يلتفت سريعاً نحونا (أنيّ؟ أنيّ من هنوووك)..

*وأشار بأصبع معقوف جهة الشرق..

*فأردف صاحبنا وهو يزداد ضحكاً (والله هنووك دي إلا تكون الكهف)..

*ثم أضاف شارحاً (الكهف بتاع أهل الكهف يا ولدي)..

*وانفجرنا في ضحك داو بينما لم يعبأ بنا الصبي، وواصل (بطولته)..

*والآن أحس بأنني أطل على الحاضر من نافذة الماضي..

*أو أعيش الحاضر بعيون الماضي..

*أو قدمت إلى الحاضر من ماضي أهل الكهف..

*أو ربما الحاضر هو الذي أتى إلى- قبل أوانه- من غياهب المستقبل..

*فحين استمع لشباب يتكلمون لا أكاد أفهم لغتهم..

*وحين أشاهد مطرباً- على الشاشة- يغني لا أفهم غناءه وكلماته وموسيقاه..

*وحين أتابع مسؤولاً يتحدث لا أفهم سوى (إن شاء الله)..

*وحين أقرأ أخبار أنديتنا لا أفهم الفهود من النمور من الأسود من التماسيح..

*وحين أطالع أعمدة كاتباتنا لا أفهم ما يردن قوله..

*وحين أنصت لنشرة عرض (العاشرة) لا أفهم من المذيعة (عشر) كلمات..

*وحين أمر بالشارع لا أفهم معاني الكثير من اللافتات..

*وحين ألج ندوة أخرج بعد أن أجد نفسي لا أفهم إلا (الراهن وآفاق المستقبل)..

*فهل العيب في شخصي؟ أم جيلي؟ أم الراهن هذا؟..

*لا أظن أنه في جيلي بدليل رؤيتي لمن هم أكبر مني (يتماهون) معه..

*بقي احتمال أن يكون بعضه في الراهن المأساوي هذا..

*وبعضه في شخصي الرافض لحال أراه (غريباً)..

*فالسياسة غريبة ، والاقتصاد أشد غرابة، والمعارضة هي الغرابة ذاتها..

*وكذلك غريب كل ما له صلة بمجالات الإبداع..

*سواء غناءً كان ، أو شعراً ، أو تمثيلاً ، أو كتابةً ، أو تقديماً تلفزيونياً..

*وأيضاً صارت غريبة جداً (أخلاق الناس)..

*فأنا – يا سادتي- (من هنوووك !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة