الصادق الرزيقي

القرار الأمريكي .. وبين القمتين الأفريقية والأوروبية


قرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي ( أوفاك) ، بشأن تعديلات تسمح باستئناف التحولايات المصرية والتعاملات التجارية مع السودان، وهو قرار جيد في حق السودان ومرحلة نحو إزاحة كافة أشكال القيود والعقوبات عن البلاد، لكنه يظل من القرارات التي تباطأ فيها الجانب الأمريكي وتأخرت كثيراً، لعوامل ربما سياسية، لكنها بلا شك تلتقي بالبيروقراطية الأمريكية المتعلقة بمثل هذا النوع من العقوبات والقيود التي تفرض على الدول، لارتباط هذه الخطوة بشبكة من الإجراءات المعقدة ما بين وزارة الخزانة الأمريكية التي يتبع لها بشكل فني مكتب مراقب الأصول الأجنبية والكونغرس ووزارة الخارجية والمخابرات المركزية ومجلس الأمن القومي الأمريكي الذي يضم كل الأجهزة والمؤسسات الأمريكية، ومنذ الوقت الذي كانت فيه واشنطن تلوح بمنح السودان أذونات وإعفاءات في المجالات الطبية والمعدات ذات العلاقة بها، والزراعة والبرمجيات ومجال التعليم في 2013 و 2014 م، كان لدى مكتب (الأوفاك) ما يقوله بمضمون يشابه هذا القرار الذي صدر أخيراً، وفي أكتوبر 2014 شهدت وزارة الخزانة الأمريكية بواشنطن اجتماعاً بين نائبة وزير الخزانة ووزير المالية السوداني بدر الدين محمود ومعه محافظ البنك المركزي آنذاك عبد الرحمن حسن ورئيس اتحاد المصارف ومحافظ البنك المركزي بالآنابة الحالي مساعد محمد أحمد وآخرين، تمت فيه مناقشة قضايا العقوبات والديون والتحويلات المالية والتعاملات المصرفية، وأقر الجانب الأمريكي-ويومها لم ترفع العقوبات الاقتصادية بعد- بأهمية اتخاذ خطوات عملية في الجانب المالي، ويومها انزلقت كلمة أمريكية في اللقاء بأنه رسمياً لم تكن هناك توجيهات مباشرة صارمة لأية مصارف في العالم وخاصة في المنطقة العربية بمنع التحويلات المالية على النحو الذي تم تطبيقه، غير أن هناك إجراءات عقابية تتعلق بالتعاملات التمويلية والتجارية بروح العقوبات والمقاطعة ونصوص قراراتها التي تنفذها وتفسرها المؤسسات الأمريكية.
المهم أن القرار الإيجابي ينهي أية تشككات لمصارف في المجال الإقليمي كانت تحذر من التعامل مع السودان وتخشى ما حدث لبنوك أوروبية واجهت عقوبات أمريكية ودفعت غرامات مالية ضخمة، وكان من المهم وهذا ما عزز القول بضرورة أن ينشط القطاع الخاص أكثر، إن الفترة التي سبقت رفع العقوبات كانت هناك استثناءات أربعة في مجالات معلومة لم يجتهد قطاعنا الخاص في استثمارها وتنفيذ معاملات مع الجانب الأمريكي .
قمة الاتحاد الأفريقي
تحتضن العاصمة الموريتانية نواكشوط القمة العادية الـ31 للاتحاد الأفريقي، على جدول الأعمال قضايا إفريقية مهمة منها التنازع حول الصحراء المغربية وما يدور في مناطق الساحل الإفريقي من توترات وأوضاع أمنية معقدة خاصة في ليبيا، وتستعرض الحالة الماثلة في أفريقيا الوسطى ومسائل وتحديات الهجرة غير الشرعية ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتمثل هذه الهموم والقضايا هي الشاغل الأساس للبلدان الأفريقية، ومن المحتمل أن تجد قضية جنوب السودان وما تم في الخرطوم من اتفاق بين الأطراف الجنوبية في إطار مبادرة الرئيس البشير وإسناد هيئة الإيقاد ملف التفاوض والتسوية للسودان، صدى في القمة التي ستستمع الى تنوير من الرئيس البشير حول إنهاء النزاع في جنوب السودان.
وهناك قضية شغلت بعض الأوساط الأفريقية وهي تنفيذ الإعلان الرسمي للمساواة بين الجنسين في أفريقيا للعام 2017م ستبحثها القمة وترى مستوى الالتزام بها، بجانب ذلك يناقش القادة الأفارقة الوضع في فلسطين وتطورات الشرق الأوسط .
تواجه القارة الأفريقية تحديات كبيرة في الموضوعات التي توضع أمام القادة، خاصة أن مستجدات وظروف جديدة نشأت في منطقة القرن الأفريقي ومناطق أخرى في القارة، بالإضافة لقضايا العمل الأفريقي المشترك في مختلف المجالات التي ناقشتها اللجان المختصة والمجالس .
قمة الاتحاد الأوروبي

على مدى ساعات طويلة ناقشت قمة متعجلة للاتحاد الأوروبي امتدت جلستها الواحدة تسع ساعات قضايا الهجرة غير الشرعية واللاجئين القادمين من أفريقيا والمنطقة العربية خاصة من سوريا والعراق، وبغض النظر عن دور الدول الغربية في صناعة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تدفع بمجوعات من شعوب مناطق الهجرة، فإن التدابير التي يتوجب اتخاذها للحد من الخجرة الى أوروبا تقتضي أن تبذل هذه الدول جهوداً أكبر وتقدم المساعدات والقروض والمنح للدول الأفريقية لتحسين الأوضاع الاقتصادية وتقليص حجم البطالة وتوفير فرص عمل للشباب والمساهمة في إيقاف الحروب والنزاعات التي هي في الأصل صناعة غربية، فإذا كانت الدول الأوروبية الغنية قد التزمت في القمة أمس بتقديم مساعدات مالية كبيرة لإيطاليا وهي الوجهة الأولى والأقرب للمهاجرين ومنفذهم الرئيس نحو عمق القارة العجوز، فإن دول الاتحاد الأوروبي لابد من الإيفاء بالتزاماتها أيضاً لمنع الهجرة غير الشرعية من الدول الأفريقية ومن بينها الهجرة عبر السودان من منطقة القرن الأفريقي التي يجتهد السودان وحده بإمكانياته الذاتية المحدودة لإيقافها ..

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة