رأي ومقالات

مباراة الدولار!


-1- في كُلِّ يومٍ تنخفض قيمة الجنيه في الجيوب، ويصعد الدولار على الجراح.
وسؤال الطيب صالح ما يزال يرن:
(هل أسعار الدولار ما تزال في صعودٍ وأقدار الناس في هبوط؟).

الأسواق تشتعل مع تصاعد الأسعار، الدخول للمحالِّ التجارية بغرض الشراء يزيد من ارتفاع الضغط، ويُخفض نسبة السكر في الدم، كثيرٌ من المال وقليلٌ من الحاجيات.
صفوف الوقود عادت مرَّةً أُخرى، والخبز يختفي من الأفران ، حتى يُصبح الحصول عليه من المهام الصعبة، وفي كُلِّ مرَّة نجد أنفسنا موعودين بزيادة سعره وتقليل وزنه.
الكهرباء غير مُستقرَّة، أزماتٌ تتبعها أزمات.

-2-
ما يُقلق أن غالب أجهزة الدولة تبدو عاجزةً عن تقديم حلول، أو توفير إجابات مُطمئِنة.
الأخبار القادمة من مناطق الإنتاج تتحدَّث عن تسرُّب وقود الزراعة إلى السوق السوداء.

لا أحد يعرف على وجه اليقين، ماذا يفعل وزير المالية الفريق الركابي؟!
لا نرى أعماله في واقع الاقتصاد، ولا نسمع أقواله إلا نادراً، وإذا تحدَّث زادنا حيرةً وإرباكاً، حتى نقول (يا ليته صمت).
رحل المرحوم حازم عبد القادر عن الدنيا قبل شهر، مثقلاً بالهموم وإلى اليوم البنك المركزيُّ بلا مُحافظ.
كأن الأزمات لم تعد مُؤقَّتة وعابرة، والمُعالجات لا تتجاوز التَّسكين والمُهدِّئات.

-3-
نعم، كثيرٌ من الدول تُعاني ضوائق اقتصادية، لكنَّها تملك تصوُّراتٍ للخروج منها، وتتَّخذ خطواتٍ للتقليل من حدَّتها، ولا تسمح بتجاوز الخطِّ الأحمر للاحتياجات الحياتية الضَّرورية.
لا أعرف ماذا تنتظر الحكومة، لا أظن أن توقيع اتفاق بين الفُرقاء في دولة الجنوب، سيُمثِّل طوق نجاة سريع لاقتصادنا. وحتى هذا الخيار لا يبدو قريبَ المنال مع استمرار الاختلافات، وتوالي تدخُّلات الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، التي في كُلِّ مرَّةٍ تزيد الوضع تعقيداً. هذا الرجل لا يأتي منه خير، كما أن سلفاكير ليس جديراً بالثقة، يُسالم اليوم بأطراف الأصابع وبنصف ابتسامة ويغدر غداً بالسونكي المسموم.

-4-
الجهة الوحيدة التي تُواجه هذه الأزمات، وتتعامل معها لاحتواء آثارها، هي جهاز الأمن.
ما يقوم به جهاز الأمن مُهمٌّ وضروريٌّ ولا غنى عنه ، مع عجز الجهاز التنفيذي عن توفير العلاج والتَّعامل الحيوي والسريع مع المُستجدَّات.
ولكن لا تهملوا ما قاله دكتور صابر محمد الحسن، في حواره مع الزميلة سميد السيد: (الإجراءات الإدارية والأمنية، لخفض سعر الدولار، قد تكون مطلوبةً في وقت مُعيَّن ولمرحلة مُؤقتة لدعم تنفيذ برنامج الإصلاح، لكنَّها لا يمكن أن تكون بديلاً للبرنامج نفسه، الذي يعتمد على حزمة من السياسات. الواقع الآن لا توجد سياسات غير الإجراءات الأمنية الإدارية.. ومثال آخر محاربة الفساد شيء مطلوب ومُهم، لكنَّه يجب أن يكون جزءاً من الإصلاح، ولا بديل عنه).

-5-
الركون إلى الإجراءات والتدابير الأمنية، مثل اعتماد فريق كرة قدم على خطِّ الدفاع فقط، وإهمال خطَّي الوسط والهجوم.
قد يصمد خطُّ الدفاع حتى الدقائق الأخيرة، ولكن مع ضغط الخصم وتتابع الهجمات ستكثر الأخطاء وتتوالى الأهداف.

الحكومة في حاجة لخط وسط سياسيٍّ يُساند الدفاع ويُغذِّي الهجوم.. ولمُهاجمين اقتصاديين – لا محاسبين – يُجيدون الاختراق وتسجيل الأهداف من أنصاف الفرص.
-أخيراً –
لا يمكن لفريق أن ينتصر، إذا ظلَّ طوال المباراة في حالة دفاع.
ومبروك لفرنسا و”هاردلك” للكروات والعاقبة عندنا في المسرَّات.

ضياء الدين بلال