حوارات ولقاءات

أحمد هارون: وضعنا عقوبة تصل إلى 10 سنوات لمحاربة العادات الضارة و نحتاج للطالب الصناعي والمهني وليس التقليدي


وضعنا عقوبة تصل إلى 10 سنوات لمحاربة العادات الضارة

بالجماعية وروح الفريق حقّقنا النهضة التنموية في الولاية

ولايتنا الأولى في وفيات الأمهات.. وودّعت العطش نهائياً

نحتاج للطالب الصناعي والمهني وليس التقليدي

طريق بارا – أم درمان سيكتمل قبل عيد الأضحى

هذه (….) رؤيتنا فيما يتعلق بالزراعة !!

قال مولانا أحمد هارون والي ولاية شمال كردفان، إن ولايته تقدمت بصورة كبيرة في تنفيذ مشروعاتها الإستراتيجية في مجالات الصحة والمياه والطرق والزراعة، مبيناً دخولها في شراكة مع بعض الشركات لتقديم نهضة تنموية وفقاً للبرنامج الخماسي وبرنامج النفير الذي اختطته الولاية، وأكد أن ما تم إنفاذه منذ العام 2014م وحتى الآن يصل إلى 90% من الأهداف المرجوة، الأمر الذي جعل الولاية تخطو بثبات نحو زيادة الإنتاج والإنتاجية لتخفيف العبء المعيشي على المواطنين.

*بداية.. حدثنا عن تجربة ولاية شمال كردفان وما الجديد فيها؟

– تجربتنا قامت على نهج جماعية الأداء لتحقيق أفضل الأهداف، فالأداء الجماعي يسهل عليك مهمة الوصول إلى المبتغى”كاس العالم خير مثال”، كما أن العمل الجماعي (مبروك)، ومن هنا ندعو كل الناس إلى العمل الجماعي لتحقيق مشتركات متفق عليها مسبقاً، خاصة وأن كان المغزى النهوض والتنمية.

*ولكن أليس هنالك رؤية أبعد يمكن الوصول إليها؟

– صحيح، على الرغم من المغزى لغوياً هو النهوض واصطلاحياً هو إعادة البناء، إلا أن التعبير الأشمل هو إحداث تغيير جوهري بما يقودنا لإحراز تطور للوصول إلى الأهداف الإستراتيجية.

*وهذه أيضاً تحتاج إلى خطة مسبقة؟

– نعم، بدأنا منذ العام 2014م بوضع إستراتيجية حتى العام 2010م لكي نصل إلى الأهداف وتقديم الخدمات الأساسية مثل المياه والتعليم والصحة، وجعلنا هدف الإنجاز بنسبة 90% بنهاية الإستراتيجية.

* الأبيض مدينة يسهل فيها التخطيط ماذا عن الريف؟

– عملنا دراسات شاملة لتقديم الخدمات الأساسية ووجدنا أن استحقاق المواطن في المياه بالريف 40% فقط، وبدأنا في معرفة إنتاجنا والمستخدم منه، ووجدنا العجز 65%، والآن تقدمنا بصورة إيجابية في هذه المسالة، أما في مدن المحليات حسب المؤشرات، فإن استحقاق المواطن اليومي 70 لتراً، والمتاح 52%. وفي التعليم والبيئة المدرسية، وجدنا أن حوالي 52% من الفصول (قشية) نسعى إلى تحويلها لمواد ثابتة لزيادة نسبة النجاح بخلق بيئة جيدة.

* شمال كردفان مشهورة بالتعليم المهني ولكنه تدهور كثيراً؟

– صحيح، لدينا مسارات حرجة نريد العمل فيها وهي أن نصل بغالبية الطلاب حتى يصيروا مهنيين وعلميين وصناعيين بنسبة 70% بدلاً من المساقات الأخرى باعتبار أن الطلاب هم من يصنعون الفارق الطبقي والأساسى.. خذ مثلاً تجربة النمور الآسيوية التي ركزت على التقنيين وألمانيا واليابان.

*وما هي مؤشرات ذلك؟

– بدأنا في ذلك، وخير دليل نتائج المهنيين في الشهادة الثانوية، وحتى الآن فإن التصنيع الحربي تقدم بطلب 70 طالباً من مدارسنا، بالإضافة إلى زيادة الاستيعاب وضعنا أهدافاً فرعية في المساق العلمي بالتدريب المهني، على الرغم من وجود سياق ثقافي مقعد في المجتمع، ولكننا نسعى إلى محاربته ببث الثقافة المستقبلية والتي تحتاج إلى الطالب الصناعي والمهني وليس التقليدي.

* وماذا عن الصحة في برنامجكم؟

– وضعنا خارطة طريق للنظام الصحي تبدأ من القابلة والمساعد الطبي والشفخانة والمستشفى الريفي والمستشفى العام ثم المرجعي إلى جانب معرفة احتياج المواطنين للأطباء بالمنطقة ومساعدي الأطباء والاختصاصيين وأطباء الامتياز.

*وأين القاعدة الأساسية من الرعاية الصحية؟

-هذه من أول الأشياء، وهي العناية بالصحة العامة والأمهات وصحة البيئة التي تحتاج إلى المعاون الصحي والقابلة، وهذه الأشياء ظلت تمثل محور اهتمامنا بنسبة 80% وأيضاً عملنا في هذا المجال على المواطنين والتجهيزات الأساسية بمعنى قدمنا دعماً إضافياً للجانب الصحي بكوادر مساعدة.

*ولكن شمال كردفان تشتهر بوفيات الأمهات؟

– هذا صحيح، ولكن هنالك أشياء من بينها القابلة، فهي إما أن تكون إضافة أو مهدداً، فلو تم تدريب القابلات بطريقة صحيحة كانوا إضافة حقيقية وإن لم يكن هنالك وعي وتدريب متقدم فهذا يرفع نسبة وفيات الأمهات.

*وما هي الحلول التي وضعتموها؟

– من كل قرية وبمشورة الأهل والمجتمع بدأنا في التدريب، وهذا يمكن أن يستمر لمدة عشر سنوات، حيث اخترنا العمل على تدريب المعلمات على حزم الصحة الأساسية “معززات صحة،معاون، زائر صحي، تحصين وتغذية صحية”، بدانا العمل في هذا المشوار الصحي.

* لماذا المعلمات دون غيرهن؟

– لأن كل المعلمات خريجات كليات تربية أو كليات أخرى، وبحكم طبيعة تعليمهن الأساسي في توصيل المعلومة للمبتدئين وفي عمر غض فيسهل معهن توصيل المعلومات للكبار حينما تتعامل مع الآخرين.

* ولكن هنالك أيضاً عادات ضارة سادت في المجتمع التقليدي؟

– الآن بدأنا في سن قانون يجرم من يتعامل مع العادات الضارة “الختان وزواج الصغيرات”، منذ الأعوام 2015-2016م، بدأنا في التوعية، وحينما اختيرت الأبيض ضمن مباردة شباب السودان، عملوا وثيقة فيما يتعلق بالعادات الضارة مروراً بالعام 2017م، الذي كثفنا فيه الحملات التوعوية ثم العام الحالي حينما ضمّنا في القانون عقوبات رادعة تصل إلى 10 سنوات سجناً، للذي يتعامل بتلك العادات زواج الصغيرات وختان الإناث.

* ألا ترى أن هذه العقوبات مشددة؟

– ثبت طبياً أن تلك العادات سبب وفيات الأمهات وشرعاً ليس لها أثر، أما في السنة وهي السنة “قولية وفعلية”، ففي القولية هنالك ثلاثة أحاديث عن الرسول سندها ضعيف أو العلماء اختلفوا على دلالاتها، وفى الفعلية لم يثبت أن الرسول ختن بناته، وفي الإجماع نجد أن الأئمة غير مجمعين ثم القياس.

*ولماذا التمسك بها إذاً؟

– لأنها عادة فرعونية “ولا أظن فرعون كان متصالحاً مع الدين”، والسؤال الحقيقي هو لماذا هذه العادات منحصرة فى مصر والسودان وإثيوبيا وإرتيريا فقط دون غيرها، والإجابة لأنها عادة فرعونية.. خذ مثلاً كل دول الخليج لا توجد بها عمليات ختان، ويجب ألا ندس رؤوسنا في الرمال خاصة وأن شمال كردفان أكثر الولايات بها وفيات أمهات، كما أن الدين يقوم على مقاصد خمسة من ضمنها حفظ النفس والختان الذى نتيجته الموت وفقاً لما ثبت في المجال الطبي.

*هنالك مبادرة للأطفال دون سن الخامسة؟

– عملنا مبادرة “صندوق إئتماني” للأطفال دون سن الخامسة أي الدولة ملتزمة بالعلاج المجاني، ونعتبر أي طفل من عمر يوم إلى خمس سنوات مؤمّناً طرحناها كمبادرة وعملت تغطية جيدة.

* ولكن ما هو وضعية الأطباء في تلك المبادرة؟

– أيضاً لاحظنا أن خريج كلية الطب يحتاج إلى سنة كاملة ليكون طبيب امتياز، وسنة أخرى للعمل خدمة وطنية وسنة ثالثة ليبحث له عن وظيفة، فمن هذا المنطلق عملنا برنامجاً سميناه “مسار الطبيب” بمعنى أن الولاية تتكفل بالخريج منذ نيله إفادة التخرج من الجامعة، على أن يتم تعيينه بوزارة الصحة بالولاية ونعتبر له السنة الأولى تدريباً “امتياز”، والشغل في مناطق الشدة “خدمة وطنية”، والثالثة يتخصص على نفقة الولاية، وهذا وفر لنا عدداً من الاختصاصيين، الأمر الذي دعانا إلى فتح فرع لمجلس التخصصات الطبية بالأبيض ، وهذا وفر لنا أيضا نواب اختصاصيين، وحاليًا أصبح لدينا 54 نائب اختصاصي.

* هل هنالك شراكات في المجال الطبي؟

– لدينا شراكة مع الجمعيات الطبية ومع مستشفى شرق النيل، وبدأنا في استضافة ندوات طبية وورش متخصصة بمدينة الأبيض لتعريف الأطباء بالمدينة وهذا أدخلنا في شراكات عديدة، ولآن نحن مقبلون على شراكة جديدة لبناء مستشفى خاص “مستشفى فضيل” في الأبيض، كما نخطو بثبات لعمل عمليات كبيرة في الأبيض خلال المرحلة المقبلة.

*حدثنا عن المياه وما تم فيها؟

– تعتمد الولاية في مصادرها المائية على حوض بارا الجوفي “منطقة السدر”، بالإضافة إلى المصادر الجنوبية التي تعتمد على عمليات حصاد المياه، والآن لدينا حوالي 13 بئراً جاهزة تمد الولاية بالمياه من حوض بارا بمنطقة السدر بالإضافة إلى المصادر الجنوبية التي نسعى إلى زيادة وتوسيع القدرة التخزينية بمصادرها .

* وما هي مخرجات هذه المصادر؟

– فيما يتعلق بحوض بارا كل الدراسات أثبتت أنه يحتمل أكثر من 50 بئراً، وكلما تقدمنا في الأعماق وجدنا آباراً جديدة، والآن تعاقدنا مع مركز المياه بجامعة الخرطوم لعمل دراسات مستفيضة عن سلوك الحوض وعمره الأفتراضي، وأنشأنا خطاً بطول 56 كيلو متراً لنقل المياه إلى المدينة، وآخر لتغذية مدينة بارا. ونملك شبكة كهربائية كاملة في ظل وجود طلمبات تعمل بجودة عالية.

* ومتى تنتهي مشكلة العطش بالولاية؟

– ضمن البرنامج الخماسي للدولة نخطط لحفر 150 بئراً، ورفع كفاءة التشغيل في كل الأحواض والمحطات الفرعية التي ربطناها بأنظمة أوربية المنشأ عملت على توفير المياه بجودة عالية، كما استطعنا عمل شبكة داخلية بحوالي 274 كيلو متراً داخل مدينة الأبيض، وبعد كل هذه الجهود نقول وداعاً للعطش بالولاية.

* أين نصيب الزراعة بولاية شمال كردفان؟

– لا ننسى أن تحسين سبل كسب المعيشة وتخفيف حدة الفقر من الأولويات لجعل الولاية جاذبة، ولكن تظل المعضلة في أننا نزرع بأضعف حلقات المجتمع “الشيوخ” وغالبية الشباب هاجروا إلى وجهات أخرى وأعتقد أن أكبر مصدر قوة للأمة هم الشباب، لذا أعتقد أن السؤال المهم هل تستطيع الحكومة أن تكون مزارعاً ناجحاً قطعاً لا؟ وهل القطاع الخاص يستطيع أن ينجح لوحده طبعاً لا؟

*يمكن التوضيح أكثر؟

– نعم، استطعنا أن نقيم عدة منتديات اتحادية وورش عمل بحضور وزراء القطاع الاقتصادي والنائب الأول لرئيس الجمهورية، لبلورة ما اختطه البرنامج الخماسي للدولة، واستطعنا عقب ذلك الدخول في شراكة مع القطاع الخاص وطرحنا مشروع شراكة بين المالية وزادنا ومحجوب أولاد وبنك السودان والبنك الزراعي لعمل شركة مساهمة كبيرة تعمل بمسارين، شركة مطّورة والأخرى لاستقطاب مساهمين.

* والآن الولاية دخلت في شراكة مع رجل الأعمال وجدي ميرغني؟

– الآن نشأت شركة نفير، ولدينا نماذج مشرفة مع وجدي ميرغني، بدأنا بأنموذج مشروع خور أبو حبل الذي كانت مساحته ستة آلاف فدان ينتج قطناً مطرياً للفدان الواحد 3 قناطير، ولكن الشراكة مع شركة محجوب أولاد سعينا إلى تطويرها، ففي الموسم السابق قفزنا بالإنتاجية إلى 13 قنطاراً للفدان وواجهتنا مشكلة الحلج، وأيضاً استطعنا بالشراكة تدشين محلج جديد يحلج سنوياً مليون قنطار كما عملنا دراسة لإلحاق مصنع غزول في الأيام المقبلة لإدخال قيمة مضافة للقطن، كما نريد أيضاً ربط الأمر بصناعات الأعلاف والزيوت لأننا ننظر إلى السوق المجاور بحكم موقع الولاية.

* وماذا عن مشروعات الدواجن؟

– مع شركة زادنا عملنا أكبر مزرعة لإنتاج البيض المخصب وأخرى في غرب مدينة الأبيض للدجاج اللاحم، ومن هذا المنطلق نحن ننظر لموقعنا الجغرافي الذي يتيح لنا فرصاً للدخول إلى السوق الأفريقية .

* وما هى الميزة النسبية التي تتميز بها الولاية؟

– لدينا ميزة نسبية في محاصيل معينة مثل السمسم، الفول، حب البطيخ والثروة الحيوانية والسنمكة وأعتقد أن التوجه في السابق فيما يختص بالزراعة كان يركز على المروي فقط، لأنهم منتظمون في اتحادات، ولكن قبل النفط كان أكبر صادر هو الثروة الحيوانية والسمسم والصمغ العربي، والآن بدأنا في تنزيل تجربة جمعيات الإنتاج الحيواني والإنتاجي مع بنك النيل للعمل في مجال الزراعات التعاقدية .

* طريق بارا، أم درمان طال انتظاره؟

– الطريق انتهى تماماً وتبقت فقط 40 كيلو متراً تجري السفلتة فيها، وسوف يكتمل خلال الأيام المقبلة وسيكون جاهزاً في كل محاوره التي نفذت بأيادٍ سودانية قبل عيد الأضحى المبارك، وهو طريق يختصر الزمن ومهم جداً للصادرات السودانية، كما أنه يقلل الجهد للماشية العابرة ويضيف لها ميزة نسبية كبيرة جداً كذلك فهو طريق إنتاجي بالدرجة الأولى يخلق سهولة في نقل الموارد.

حاوره بالأبيض: عاصم إسماعيل
صحيفة الصيحة